السنة
2019
الرقم
591
تاريخ الفصل
9 مارس، 2022
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

 المحكمة العليا /محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا /محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة: بـرئاســـــــة السيـــد القاضــــــي عبـــد الله غــــزلان
  وعضويـة القضاة السادة:محمد الحاج ياسين،فواز عطية محمود جاموس،مامون كلش

 

الطــــاعــــنة: سندس زين العابدين حسين عبدو/ أريحا

                   وكيلها المحامي صبحي أبو قطام/ أريحا                              

المطعـــون ضدها: شركة ترست العالمية للتأمين/ رام الله

                      وكيلها المحامي موسى الصياد/ رام الله

الإجــــــــــــــراءات

تقدمت الطاعنة بهذا الطعن بتاريخ 7/4/2019 لنقض الحكم الصادربتاريخ 6/3/2019 عن محكمة استئناف القدس في الاستئنافين المدنيين رقمي 862/2017 و 19/2018 القاضي كما ورد فيه :" بقبول الاستئناف الأصلي موضوعا ورد الاستئناف الفرعي، والحكم بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعية مبلغ 8556 شيقل مع الرسوم والمصاريف بنسبة المبلغ المحكوم به و200 دينار أردني أتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي".

المحكمـــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة، ولما كان الطعن مقدم ضمن الميعاد مستوفيا شرائطه الشكلية، تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما انبأ عنه الحكم الطعين وسائر الأوراق المتصلة به، تقدمت المدعية" الطاعنة" بالدعوى المدنية رقم 31/2016 امام محكمة بداية أريحا، ضد المدعى عليها "المطعون ضدها" موضوعها المطالبة بمبلغ 88073 شيقل ناجمة عن حادث طرق، على سند من القول بأن المدعية تعرضت بتاريخ 30/3/2014 لحادث طرق في شارع النويعمة في مدينة أريحا، إذ كانت تستقل مركبة عمومية تحمل الرقم 6186630 مؤمنة لدى المدعى عليها، بحيث اصطدمت المركبة العمومية بشاحنة قلاب، الامر الذي أدى إلى إصابة المدعية بإصابات ورد وصفها في البند 3 من لائحة الدعوى، واحتصلت على نسبة عجز 10%، علما أن المدعية تعمل مدرسة في مدرسة الرهبان الفرنسيسكان بأريحا، حيث طالبت بمجموع البدلات الواردة في البند 8 من لائحة الدعوى، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 29/11/2017 :" بإلزام المدعى عليها شركة ترست العالمية للتأمين بأن تدفع للمدعية مبلغ 370 شيقل ورد باقي المطالبات، مع الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني أتعاب محاماة".

لم ترتضِ المدعية بحكم محكمة أول درجة، فبادرت للطعن فيه امام محكمة الاستئناف بموجب الاستئناف المدني رقم 862/2017، ومن ثم تقدمت المدعى عليها باستئناف فرعي بموجب الاستئناف رقم 19/2018، وبنتيجة المحاكمة قضت بقبول الاستئناف الاصلي ورد الاستئناف الفرعي وفق الصيغة الواردة في الحكم الطعين المشار إليه أعلاه".

لم يلق حكم محكمة الاستئناف قبولا من المدعية، فبادرت للطعن فيه بالنقض الماثل للاسباب الواردة فيه، ولتبلغ المطعون ضدها تقدمت بلائحة جوابية التمست رد الطعن موضوعا مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

وبعطف النظر على ما ورد في اسباب الطعن، وفيما يتصل بالاسباب من 1-4، وحاصلها الاعابة على الحكم الطعين صدوره بصورة مخالفة للقانون والأصول لعدم استناده إلى اساس قانوني، وتخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها لعدم تقديم الجهة المدعى عليها بينة تدحض البينة المقدمة من الجهة المدعية.

في ذلك نجد أن تلك الأسباب قد وردت على العموم، إذ لم تحدد الطاعنة القانون والأصول اللذين تم مخالفتهما، ولم تبين أوجه المخالفة للأساس القانوني المزعوم، ولم تبين مكمن الخطأ في النتيجة ليصار إلى معالجة الأسباب المذكورة وفق أسس قانونية محددة وواضحة، ولما كانت الأسباب سالفة الوصف قد وردت بصيغة التجهيل، مخالفة بذلك منهج بناء لائحة الطعن التي حددت في المادة 228/4 من الاصول المدنية والتجارية، بما يقتضي الحكم بعدم قبولها.

 

وفيما يتصل بالسبب الخامس وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف برد المطالبة بمبلغ 6986 شيقل بدل المصاريف والعلاجات، لا سيما وأن الجهة المدعية استطاعت اثباتها بالبينة، والمدعى عليها اقرت بها في مرافعتها.

في ذلك نجد، وبعد الاطلاع على حيثيات الحكم الطعين ، فقد توصلت محكمة الاستئناف أن :" المستأنفة"المدعية" ابرزت مجموعة فواتير صادرة بعد الحادث موضوع الدعوى ومتعلقة بمصاريف طبية، ولدى ابرازها لم تطعن بها الجهة المدعى عليها بعدم الارتباط بموضوع الحادث، وبالتالي لا نجد سببا لاستبعادها ...وبالرجوع إلى الفواتير المبرزة نجد بأنها مجموعة اقرارات صادرة عن الطبيب بشار أحمد... تفيد بأنه تقاضى مبالغ متكررة بدل علاج ومتابعة... وحيث أن الطبيب هو مشتغل مرخص وأية مبالغ تصل إليه نتيجة عمله يجب أن تصدر فيها فواتير ضريبية... وبالتالي الاقرارات بقبض مبالغ دون اصدار فواتير ضريبية تعتبر اعمالا غير قانونية.... وبالتالي لا يجوز للمحكمة الاستناد إلى عمل غير قانوني...مما نقرر استبعاده....".

ولما كان هذا النهج الذي خلُصت إليه المحكمة مصدرة الحكم الطعين، لا يستند الى أساس قانوني لا سيما وأنه مخالف لأحكام قانون البينات، اذ لا يوجد في القانون ما يشترط أن تكون الفواتير والايصالات التي حصل عليها المصاب وانفقها نتيجة الحادث معتمدة ضريبيا، ذلك أن النفقات التي انفقتها المصابة للعلاج سببها الحادث، وتعتبر جزءاً لا يتجزء من التعويض المستحق لها، خصوصا أنها غير معترض عليها من الجهة المدعى عليها، وبما أن البينات من حق الخصوم، فلا تملك محكمة الاستئناف استبعاد تلك البينة غير المعترض عليها أصلا ،الامر الذي يغدو معه هذا السبب واردا على الحكم الطعين من هذه الناحية.

وفيما يتصل بالسبب السادس وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف برد المطالبة بمبلغ 3000 شيقل بدل ألم ومعاناة عن العملية الجراحية، لا سيما وأن البينة الخطية اثبتت اجراء المدعية لعملية جراحية، في ذلك نجد أن محكمة الاستئناف في حكمها الطعين توصلت لنتيجة مفادها:" أن المدعية لم تقدم أي تقرير طبي يشير إلى أن المدعية اجرت عملية جراحية سوى سند قبض صادر عن مشفى المستقبل بمبلغ 3000 شيقل، والبيان الوارد فيه هو (عملية)، وأن هذا لا يعتبر دليلا على أن المستأنفة أجرت عملية جراحية....".

وإزاء واقع الحكم الطعين من هذا الجانب، فكان يستدعي على المحكمة مصدرته أن تقف على صحة ذلك المستند بفتح باب المرافعة ومخاطبة المشفى المذكور، لبيان سبب دفع المبلغ المذكور وفيما إذا كان يتصل بموضوع الحادث محل الدعوى الاساس، الامر الذي يجعل من تلك النتيجة سابقة لأوانها، مما يغدو معه هذا السبب كذلك واردا على الحكم الطعين من هذه الناحية أيضا.

وفيما يتصل بباقي اسباب الطعن، وحاصلها تخطئة محكمة الاستئناف برد المطالبة بمبلغ 4307 شيقل بدل فقدان دخل عن مدة 59 يوم، ورد المطالبة بمبلغ 71280 شيقل بدل فقدان الدخل المستقبلي، لا سيما وأن التقارير الطبية تؤكد تعطل المدعية لمدة 59 يوما، وأن البينة تشير إلى ما يفيد الى أجر المدعية والجهة التي عملت لديها.

في ذلك نجد أن ما توصلت إليه المحكمة مصدرة الحكم الطعين من هذا الجانب بالقول:" أن المدعية لم تقدم أية بينة تفيد ذلك الواقع حول عملها لدى مدرسة رهبان الفرنسيسكان براتب شهري 2200 شيقل، في الوقت الذي انكرت المدعى عليها تلك الواقعة، إذ لا يمكن الحكم على ادعاء منكر دون اثبات....، كما وأن تقرير اللجنة الطبية المحلية م/1 فواتير وايصالات بالمصروفات المبرز م/2 يتنافى مع البينات المقدمة، مما لا يمكن تغيير النتيجة التي توصلت إليها محكمة أول درجة...".

ولما كانت أوراق الدعوى قد خلت فعلا من اثبات واقعة عملها لدى المدرسة المذكورة، وخلت من بيان مقدار الاجر الذي كانت تتقاضاه المدعية، فإنه وعلى ما أفصحت عنه المادة 155 من قانون التأمين إذ يؤخذ بعين الاعتبارعند احتساب التعويض عن فقدان الكسب وفقدان المقدرة على الكسب بما لا يزيد على مثلي معدل الأجور في الحقل الاقتصادي الذي ينتمي إليه المصاب، وفقاً لآخر نشرة يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الأمر الذي كان على المحكمة مصدرة الحكم الطعين الاخذ بعين الاعتبار واقع التقرير الطبي الصادر عن اللجنة الطبية العليا الذي حددت فيه نسبة العجز وفترة التعطل لغايات تطبيق نص المادة المذكورة.

كما وكان عليها أن تطبق القاعدة القضائية المستقر العمل فيها لدى مختلف درجات التقاضي، بأن هفوة الخصم لا تكسب خصمه حقا، فإذا تخلل واثناء اجراءات المحاكمة خلل من الجهة المدعية محل الدعوى الاساس، بعدم اثبات واقعة طبيعة عملها واعترى ذلك الخلل خطأ من الوكيل في عدم اثبات واقعة الاجر المتحصل للمدعية، مع وجود نص يبيح للمحكمة عدم الاخذ بأقوال الجهة المدعية حول الاجر، والقيام بواجب التحقق من الدخل من خلال جهة رسمية متمثلة بجهاز الاحصاء الفلسطيني، ضمن الاطار العام لمتوسط الدخل بشكل عام، قياسا على ربة المنزل التي لا تعمل والقاصر كذلك.

وبناء على ذلك، لا يجوز للمحكمة مصدرة الحكم الطعين أن تتقمص دور الخصوم، وأن تُعمل تلك القاعدة بالنيابة عن الخصوم، في الوقت الذي حددت المادة 155من قانون التأمين النافذ آلية تحديد الاجر للمصاب، وإن خلت أوراق الدعوى من البينة التي تؤكد طبيعة عمل المدعية ومقدار أجرها.

وعليه، كان على المحكمة مصدرة الحكم الطعين اعمال صلاحياتها الواردة في المادة 155 من القانون المذكور، بفتح باب المرافعة ومخاطبة جهاز الاحصاء الفلسطيني لتحديد متوسط الاجور بشكل عام عشية اصدار الحكم، لتحكم للمدعية عن بدل فقدان الدخل المستقبلي ضمن ما ورد من نسبة عجز في تقرير اللجنة العليا وبحدود ما ورد في تقرير اللجنة الطبية العليا حول مدة التعطل، وبما لا يتجاوز مدة 59 يوم وفق مطالبة الجهة المدعية، الأمر الذي تغدو كذلك باقي أسباب الطعن واردة على الحكم الطعين.

لهـــــذه الأسبــــاب

نقرر قبول الطعن موضوعا، وإعادة الأوراق لمصدرها للعمل بالحكم الناقض، وفق ما تم تفصيله أعلاه، وإصدار حكم أصولي، وتضمين الجهة الخاسرة الرسوم والمصاريف، وعلى ان ينظر من هيئة مغايرة.


حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني في 9/3/2022