السنة
2023
الرقم
348
تاريخ الفصل
24 سبتمبر، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

     دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد 

  وعضوية القضاة السادة : عماد مسوده ، محمود جاموس ، ، سائد الحمد الله ، عوني البربراوي

 

الطـــــاعن : فادي عدنان علي دعامسه / بيت لحم

                وكيله المحامي : خليل الحلاق وشريكه      

المطعون ضده : الحق العام

الإجراءات

- بتاريخ 23/7/2023 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف الخليل بتاريخ 11/7/2023 في القضية الاستئنافية الجزائية رقم 12/2023المتضمن الحكم بقبول الاستئناف موضوعاً وإلغاء الحكم المستأنف وإدانة المتهم الطاعن بتهمة مواقعة اثنى وفقاً لاحكام المادة 393 بدلالة المادة 301/1/أ من قانون العقوبات ووضعه بالاشغال الشاقة المؤقته مدة أربع سنوات ونصف وعدم الاخذ بأية أسباب تخفيفية تقديرية استثناداً لحكم الفقرة الخامسة من المادة 99 من قانون العقوبات المعدلة بموجب القرار بقانون رقم 5 لسنة 2018 ، ويتحمل المدان نفقات محاكمة بمبلغ الف دينار  .

- وتتلخص أسباب الطعن بما يلي :-

  1. الحكم المطعون فيه يعتريه القصور في التعليل والتسبيب .
  2. أخطأت محكمة الاستئناف في تطبيق القرار بقانون رقم 5 لسنة 2018 على موضوع هذه الدعوى كون تاريخ ارتكاب الواقعة موضوع الدعوى من قبل الطاعن كان بتاريخ 17/3/2018 سيما القرار بقانون رقم 5 لسنة 2018 دخل حيز التطبيق من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ، وقد تم نشره في العدد رقم 141 تاريخ 25/3/2018 أي بعد ارتكاب الفعل...
  3. أخطأت محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه في التكييف القانوني للقضيه ، اذ ان احكام وشروط المادة 293 من قانون العقوبات لا تنطبق على وقائع هذه الدعوى ، ولم يثبت بصورة قاطعة ان المجني عليها كانت وقت إتيان الفعل عاجزة عن التعبير عن ارادتها ...
  4. أخطأت محكمة الاستئناف في عدم البحث للركن المعنوي ...
  5. أخطأت محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه لوزن البينة وزناً سليماً...
  6. أخطأت محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه بتجزئة البينة ، حيث استندت الى شهادة الشاهده ايفونا فيليب على خلاف ما ورد بها وهي بينة فنية تتخذ برمتها...

- لهذه الأسباب يطلب وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية، وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وإجراء المقتضى القانوني .

- بتاريخ 20/8/2023 تقدمت النيابة العامة بمطالعة خطية طلبت بنتيجتها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.

                                                        المــحـــكـــمـــة

- بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد ان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلاً.

- وفي الموضوع وعن أسباب الطعن جميعاً ومحصلها واحد وهي الطعن بما توصلت اليه محكمة الاستئناف من نتيجة على ضوء ما اعتمدته من بينات.

- وفي ذلك نجد انه يتعين على محكمتنا البحث في وقائع الدعوى التي استخلصتها محكمة الاستئناف،والتطبيقات القانونية حول تلك الوقائع ، والعقوبة المحكوم بها الطاعن فادي .

- ان الوقائع الجرمية الواردة في البنود الأربعة التي استخلصتها محكمة الاستئناف وقنعت بها جاءت مستندة الى بينة قانونية ثابته في الدعوى قامت المحكمة بسردها واقتطاف أجزاء من هذه البينات في متن حكمها المطعون فيه والتي تمثلت فيه :-

1- اقوال الشاهدة ايفونا فيليب / طبيبة اخصائية نفسيه لدى النيابة العامة بتاريخ 21/6/2018 المبرز ن/7 وشهادتها امام المحكمة .

2- صورة عن التقرير الطبي النفسي المنظم من قبل الشاهدة ايفونا وهو من ضمن المبرز ن/1 والذي اشارت اليه الشاهدة المذكورة في شهادتها...

3- اقوال الشاهدة حنان محمد بطمه / اخصائية اجتماعية لدى النيابة العامة بتاريخ 17/9/2018 المبرز ن/11 وشهادتها امام المحكمة...

4- أقوال المجني عليها ص لدى النيابة العامة بتاريخ 30/4/2018 وشهادتها امام المحكمة...

5- اقوال المحكوم عليه الطاعن لدى النيابة العامة بتاريخ 30/4/2018 المبرز ن/1 .

6- اقوال المتهم الثاني ن.ل ( المحال الى القضاء العسكري ) لدى النيابة العامة بتاريخ 30/4/2018 المبرز ن/2 .

7- محضر المواجهة لدى النيابة العامة بين الطاعن والمتهم الثاني ن.ل ( المحال الى القضاء العسكري) المبرز ن/3

8- اقوال الشاهد إسماعيل احمد المغربي لدى النيابة العامة بتاريخ 4/9/2018 المبرز ن/6 وشهادته امام المحكمة.

- وهي بينات قانونية صالحة للاثبات تؤدي الى الوقائع التي توصلت اليها محكمة الاستئناف ، وان الاعتماد عليها في اثبات الوقائع يكون متفقاً واحكام القانون ، حيث ان مجموع تلك البينات جاءت متساندة يكمل بعضها البعض ولا يرقى اليها الشك...

 

 

- من حيث التطبيقات القانونية : -

- نجد ان محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه قد استظهرت من هذه الوقائع اركان الجريمة المسندة للطاعن فادي وعلى أساس من الفعل الذي ارتكبه على الشكل الموصوف في مضمون الحكم المطعون فيه ، ودللت على عناصرها بتعليل صحيح ، وقامت بتطبيق القانون على هذه الوقائع وخلصت الى نتيجة تتفق واحكام القانون ، من ان الأفعال المادية التي اقدم عليها المحكوم عليه الطاعن وهي معاشرة المجني عليها ص معاشرة الأزواج اكثر من مره وفي أوقات وأماكن وازمنه مختلفة ، وكذلك تعاقب المحكوم عليه الطاعن والمتهم الآخر ن.ل ( المحال الى المحكمة العسكرية ) على ممارسة الجنس معها ومعاشرتها معاشرة الأزواج ، في حين ان المجني عليها ص تعاني من مرض النقض النفسي وعدم قدرتها على المقاومة بسبب هذا المرض ، وهي سهلة الانقياد وبسيطه وساذجه غير ناضجه ولا تبالي بالنتائج ، ومندفعه ، وتحاول ان ترضي وتبسط الشخص الذي يتعامل معها ، وهي غير قادرة على السيطرة على نفسها او مقاومة الجنس معها ، واستغلال المحكوم عليه الطاعن لوضع المجني عليها ص بسبب ما استعمل نحوها من ضروب الخداع ووعدها بالزواج لمواقعتها وهو عالم بأمرها وحالتها النفسيه وانها ستتعالج ولها ملف بذلك ، وبعدم قدرتها على المقاومة ورغبتها بالزواج منه وتعلقها به وبالتالي فإن أفعال المحكوم عليه الطاعن تعتبر مستكمله لسائر اركان وعانصر جناية مواقعة انثى غير زوجه لا تستطيع المقاومة بسبب نقص نفسي لديها وبسبب ما استعمل نحوها من ضروب الخداع والاحتيال وبحدود المادة 293 ودلالة المادة 301/1/أ من قانون العقوبات.

- وفي هذا الخصوص نضيف :-

- ان انعدام الرضا هو جوهر اغتصاب الاناث ، ويتحقق الاغتصاب دون رضاء صحيح من المجني عليها.

- يشترط لتطبيق المادة 293 من قانون العقوبات توافر الأركان التالية :-

1- الركن المادي وهو فعل المواقعة .

2- عجز المجني عليها عن المقاومة بسبب مرض نفسي او نقص نفسي كصورة من صور انعدام الرضا.

3- القصد الجرمي لدى الفاعل وهو انصراف ارادته وعملية ووقت ارتكاب الفعل الى انه يواقع انثى لا تستطيع المقاومة.

- انعدام الرضا يشمل حالات عديدة تزيد عن حالات الاكراه فتشمل حالات الاكراه المادي والمعنوي وتشمل كذلك حالات الرضا غير المعتبر قانوناً كرضاء الانثى غير المميزة او المجنونه او الواقعة تحت تأثير مادة مسكره او مخدره او تحت تأثير الغلط أو الغش والخداع وان الامر متروك لمحكمة الموضوع من بحثها في حالات العجز الجسدي او النقض النفسي ، وينعدم الرضا في الاراده المعيبه بالغش والخداع وبالمباغته.

- يعتبر الوعد بالزواج احد صور العجز النفسي الذي اشارت اليه المادة 293 من قانون العقوبات وان المحكوم عليه الطاعن استغل ذلك العجز في سبيل الوصول الى مراده ، ولم يسلك الى أسلوب من أساليب العنف او التهديد المشار اليها في المادة 292 من ذات القانون للوصول الى معاشرتها معاشرة الأزواج ذلك ان وعد المحكوم عليه الطاعن للمجني عليها ص بالزواج ينطبق على المادة 293 من قانون العقوبات على اعتبار ان هذه الحالة تدخل في مفهوم الاكراه المعنوي المبحوث عنه في هذه المادة وليس في الاكراه المادي المنصوص عليه في المادة 292 ، وان المحكوم عليه الطاعن قام بإستدراج المجني عليها صب على اثر العلاقة الغرامية التي نشأت بينهما واستعمال وسائل الخداع والحيله على المجني عليها المطلقه والتي كانت تعاني من النقض النفسي والسذاجه وسهولة الانقياد وتنطلي عليها وسائل الخداع والحيله ، حيث انه كان خلال هذه الفترة يواعدها بالزواج حتى عند قيامه بالافعال الجنسية كان على أساس وعده لها بالزواج ، وان هذا تم تحت ظروف الحيله والخداع وحملها على ارتكاب هذه الأفعال ، ذلك ان الاكراه في جريمة الاغتصاب يقع بأية وسيلة مادية او معنوية من شأنها ان تؤدي الى شل إرادة المجني عليها في المقاومة ، وعليه فإن الاكراه بالمعنى المقصود في المادة 293 من قانون العقوبات يتوافر في فعل المحكوم عليه الطاعن الذي اتخذ شعار التظاهر بالزواج من المجني عليها وبمظاهر الحب والغرام لتسهيل عملية اغتصابها ، والمقصود برضاء المجني عليها في هذا النوع من الجرائم هو التعبير المطلق عن إرادة القبول ، وهو امر لا علاقة له بالسن او العجز او النقض النفسي وقد افرد المشرع لهذه الحالات نصوصاً خاصة .

- وبذلك فإن ما توصلت اليه محكمة الاستئناف من تطبيقات قانونية على وقائع الدعوى من ان أفعال المحكوم عليه الطاعن ف تشكل سائر اركان وعناصر جناية الاغتصاب بالمعنى المنصوص عليه في المادة 293 من قانون العقوبات بظرفها المشدد المنصوص عليه في المادة 301/1/أ من ذات القانون يتفق واحكام القانون .

- من حيث العقوبة الحكوم بها الطاعن :-

- نجد ان العقوبة المفروضة على الطاعن بجناية الاغتصاب التي ادين بها طبقاً لاحكام المادة 293 من قانون العقوبات هي وضعه بالاشغال الشاقة المؤقت مدة ثلاث سنوات ، وان تلك العقوبة تقع ضمن الحد القانوني المقرر لها قانوناً .

- ولإقتران الفعل بالظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 301/1/أ من قانون العقوبات ( التعاقب على اجراء الفحش ) فقد قررت محكمة الاستئناف تشديد العقوبة الاصلية المحكوم بها الطاعن المشار اليها سابقاً بحيث يضاف اليها من ثلثها الى نصفها ، وان المحكمة أضافت نصف العقوبة بحيث أصبحت وضع الطاعن فادي بالاشغال الشاقة المؤقتة مدة اربع سنوات ونصف محسوبة له مدة التوقيف .

- ومن ناحية ثانية نجد ان محكمة الاستئناف لم تمنح المحكوم عليه الطاعن الأسباب المخففة التقديرية استناداً لحكم الفقرة الخامسة من المادة 99 المضافة بموجب القرار بقانون رقم 5 لسنة 2018 ، بداعي ان آخر فعل من الأفعال الجرمية قد تم بعد سريان القرار بقانون المشار اليه أعلاه .

- وفي هذا الخصوص :-

- وبالرجوع الى التقرير الطبي الصادر عن الطبيب الشرعي اشرف القاضي بتاريخ 7/5/2018 والذي يفيد بانه تم إجراء الكشف الطبي بالعيادة النسائية في مستشفى العائلة المقدسة ببيت لحم على المجني عليها ص ، وقد ورد في مضمونه حسب قول المجني عليها ان آخر موعد للدوره الشهريه كانت بتاريخ 1/3/2018 وقد تم إجراء الفحص بالموجات فوق الصوتية للرحم بواسطة احد اختصاصي النسائية والتوليد وتبين بأن المذكورة حامل بتوأمين في الأسبوع السادس / السابع من الحمل ، وهذا يفيد ان الأفعال الجرمية المنسوبة للطاعن قد حصلت جميعها ما قبل تاريخ 1/3/2018 وبذلك فإن الفقرة الخامسة المضافة الى المادة 99 من قانون العقوبات بموجب القرار بقانون رقم 5 لسنة 2018 لا تنطبق على وقائع هذه الدعوى بالنظر لتاريخ سريانه في 25/3/2018 .

- وقد استقر قضاء محكمتنا على ان المصالحة واسقاط الحق الشخصي سبباً لتخفيف العقوبة ، وحيث ان محكمة الاستئناف وبوصفها محكمة موضوع لم تأخذ بعين الاعتبار وقوع المصالحة واسقاط الحق الشخصي في هذه الدعوى ، وحيث ان من شأن ثبوت وقوع المصالحة واسقاط الحق الشخصي التأثير على الحكم من حيث مقدار العقوبة ، وحيث ان ذلك من مسائل الواقع التي تختص بتقديرها محكمة الموضوع ، فإن مقتضيات العدالة وحسن تطبيق القانون تقضي بأن تنظر محكمة الاستئناف في موضوع المصالحة والتثبت من وقوعها وترتب اثرها على الطلب من حيث منح الطاعن فادي الأسباب المخففة التقديرية مما يتعين نقض الحكم المطعون فيه من هذه الناحية .

- اما بالنسبة لطلبي وقف التنفيذ المرفقين مع لائحة الطعن والذين سجلا تحت الرقمين 45/2023 ، 51/2023 نقرر ردهما عملاً بأحكام المادتين 369/2 ، 398 من قانون الإجراءات الجزائية .

- لهذه كله واستناداً لما تقدم نقرر رد الطعن موضوعاً من حيث الإدانة ، وقبوله من حيث العقوبة وإعادة الدعوى لمصدرها محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد في ضوء ما بيناه .

     حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 24/9/2023