السنة
2023
الرقم
351
تاريخ الفصل
17 سبتمبر، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

     دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد 

   وعضوية القضاة السادة : عماد مسوده ، محمود جاموس ، سائد الحمد الله ، عوني البربراوي    

 

الطـــــاعن : اح.ه - طولكرم - موقوف

                   وكيله المحامي : احمد الأشقر     

المطعون ضده : الحق العام

الإجراءات

-بتاريخ 1/8/2023 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن  لنقض الحكم الصادر عن محكمة إستئناف نابلس بتاريخ 2/7/2023 بالاستئناف الجزائي 113/2023 والقاضي بتأييد الحكم المستأنف موضوعاً وتعديله من حيث العقوبة فقط بإزالة الاشغال الشاقة واستبدالها بعقوبة السجن عشر سنوات والغرامة عشر الاف دينار اردني .

-تتلخص أسباب الطعن بما يلي :-

1- أخطأت محكمة الاستئناف خطأً بيناً فادحاً لا يخفى على عين قارئ القانون بأن قضت بتثبيت الحكم المطعون فيه رغم عدم توافر أركان جريمة التداول وعناصرها كركن خاص واجب الإثبات ، وعلى العكس من ذلك قضت محكمة الاستئناف ببطلان التفتيش والضبط وقضت على نحو لا يقبله القانون والمنطق بإدانة الطاعن دون وجود مادة مخدرة ، إذ لا يعقل أن تكون هناك جريمة تداول أو حيازة للمخدرات دون وجود مضبوطات وعدم شرعية الضبط والتفتيش الذي اقرت المحكمة بعدم صحته .

2- أخطأت محكمة الاستئناف مع الاحترام في الآخذ بإعتراف المتهم بالرغم مما دونه وكيل النيابة العامة في محضر استجواب الطاعن بتاريخ 1/10/2017 : (....بمعاينة المتهم ظاهرياً تبين وجود خدوش واحمرار على رقبته وبسؤاله عنها أجاب انها جراء ضرب شرطة المكافحة لي عند اعتقالي وليس جميع ما قلته للشرطة صحيح ) ، وهذا ما يثبت انه تعرض للتعذيب ، وبالتالي فإن محكمة الاستئناف قد بنت حكم الإدانة برمته على دليل اخذ بطريق التعذيب ونالت كافة البينات من صحته واشير بهذا الخصوص لحكم محكمة النقض 674/2022 بتاريخ 8/2/2023 .

-كما اخطات بالاخذ بإعتراف المتهم المعيب امام النيابة العامة على الرغم مما شاهدته من ما دون في محضر استجواب من تعرضه للتعذيب لدى الضابطة القضائية اذ كان يتوجب عليها استبعاد اعتراف الطاعن لدى النيابة العامة عطفاً على ما تعرض له من تعذيب لدى الشرطة .

3- أخطأت محكمة الاستئناف في تكييف التهمة للمستأنف على الفرض الساقط بصحة الاسناد ، اذ ان التهمة المدان بها الطاعن ، اذ انها تتطلب قصد خاص وهو نية الاتجار وتحقيق الربح وهذا ما لم تثبته النيابة العامة وما ادل على ذلك ان المحكمة قامت بإعلان براءة إبراهيم الدايه الذي انكر تماماً قيامه بشراء الحشيش من الطاعن وهي الحقيقة المطلقة .

4- ان محكمة الاستئناف لم تعالج بينة الدفاع وجاء حكمها غامضاً جانحاً للادانة مفتقراً للتسبيب القانون والبناء المنطقي وهذا ما يجعل الحكم حرياً بالفسخ.

-يلتمس الطاعن قبول الطعن شكلاً وموضوعاً واتخاذ الاجراء المناسب الذي ترونه مناسباً .

-بتاريخ 27/8/2023 تقدم النائب العام بلائحة جوابية التمس من خلالها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.

                                                        المــحـــكـــمـــة

-بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد ان الطعن قدم في الميعاد القانوني فنقرر قبوله شكلاً .

-وفي الموضوع وبمعالجة أسباب الطعن

-الثابت ان محكمة الاستئناف وفي حكمها المطعون فيه قد توصلت الى نتيجة تتمثل ببطلان تفتيش منزل الطاعن اعمالاً لنص المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته ، وقد قررت على ضوء ذلك إستبعاد محضر الضبط وتقرير التفتيش وافادة المتهم لدى الضابط القضائية ، وبنت حكمها المطعون فيه فقط استناداً لاعتراف الطاعن الوارد في محضر استجوابه لدى النيابة العامة ن/1 ، الامر الذي يستوجب على محكمتنا بيان القيمة القانونية والإنتاجية لهذا الدليل .

-فالثابت ان استجواب الطاعن تم بحضور وكيلته المحامية م.ل وبعد منح الطاعن كافة حقوقه القانونية الواردة في المواد 96 ، 97/1 ، 99 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001.

-كما ان من المقرر قانوناً انه لا يترتب على بطلان الاجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه ، او بطلان الإجراءات اللاحقه له اذا لم تكن مبنية عليه ، واذا كان الاجراء باطلاً في جزء منه فإن هذا الجزء وحده هو الذي يبطل ( م 477 إجراءات جزائية ) .

-كما ان الاجتهاد القضائي لمحكمتنا استقر : (...اذا تقرر بطلان اجراء من الإجراءات اهدر الدليل المستمد من ذلك الاجراء ، لكن البطلان لا يؤثر على الأدلة اللاحقة المنفصلة عن الاجراء الباطل ، كما ان البطلان لا يمتد اثره الى الإجراءات الصحيحة السابقة على وقوع الاجراء الباطل ) نقض جزاء 82/2014.

-ولما كانت محكمة الاستئناف قد توصلت الى بطلان افادة الطاعن لدى الضابطة القضائية ن/4 بعد ان ثبت لها ان اخذت تحت الاكراه والضغط والضرب، فإن هذا الذي توصلت اليه ليس من شأنه ان يمتد لما تبع ذلك من إجراءات قامت بها النيابة العامة من استجواب للطاعن وتمديد توقيفه واحالته للمحكمة المختصة لاجراء محاكمته ، سيما ان استجواب الطاعن جاء منفصلاً عن الاجراء المتمثل بتدوين افادة الطاعن ن/4 وبتاريخ لاحق وبعد منح الطاعن كافة حقوقه القانونية المشار اليها سابقاً ، الامر الذي يجعل من ما نعاه الطاعن على محضر استجوابه ن/1 بهذا الخصوص غير وارد .

-اما بخصوص ما توصلت اليه محكمة الاستئناف بخصوص بطلان التفتيش واستبعاد ما نتج عنه من محضر الضبط وتقرير التفتيش ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو الأثر القانوني لهذا الاجراء الباطل وما اسفر عنه من استبعاد للبينات سالفة الذكر على اعتراف الطاعن لدى النيابة العامة ن/1.

-من المقرر قانوناً ان الاعتراف من طرق الاثبات التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع ، فإذا رأت ان الاعتراف لم يصدر نتيجة التفتيش الباطل ، بل كان حُراً غير واقع تحت تأثيره ، كان لها التعويل عليه كدليل قائم بذاته مستقل عن التفتيش الباطل وهذا ما توصلت اليه محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه ، وهي نتيجة متفقه وصحيح القانون .

-اذ ان بطلان التفتيش الذي اسفر عن وجود مخدر في منزل الطاعن ليس من شأنه في ذاته ان يبطل حتماً الاعتراف الصادر منه لدى النيابة العامة ، ولا هو من مقتضاه الا تأخذ المحكمة في ادانة المتهم بعناصر الاثبات المستقلة عن التفتيش والتي ليس لها به اتصال مباشر والتي قد تؤدي في الوقت نفسه الى النتيجة التي اسفر عنها التفتيش الباطل ، وهو ما لا يصح معه القول كقاعدة عامة ببطلان اعتراف المتهم امام النيابة العامة استنادا الى بطلان القبض والتفتيش السابقين عليه .

-فالثابت ان عملية التفتيش تمت بتاريخ 30/9/2017 وان استجواب الطاعن تم بتاريخ 1/10/2017 وان ما ورد به من اعتراف هو دليل قائم بذاته لان قائله ( الطاعن ) حيث ابداه امام النيابة العامة بعد حصول التفتيش لم يكن متأثراً بنتيجة هذا التفتيش ، وما ادل على ذلك ان استجوابه تم بحضور وكيلته .

وبالتالي فإنه لا يقبل من الطاعن ان ينعى هذا الاعتراف بمقولة انه كان نتيجة تفتيش باطل وقع عليه الامر الذي يجعل من استناد محكمة الاستئناف على المبرز ن/1 جاء متفقاً وصحيح نص المادة 273/1 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته .

-اما بخصوص ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بخصوص ما توصل اليه بخصوص التكييف القانوني للفعل المدان به .

-فإننا نجد ان المشرع الفلسطيني قد نص صراحة على ان كل من يتعامل في المخدرات بقصد الاتجار يكون واقعاً تحت طائلة القانون ، والتعامل في المخدرات بقصد الاتجار قد يأخذ صور متعدده بينتها المادة 21 من القرار بقانون رقم 18/2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وذلك بنصها على ما يلي :-

يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار أردني ولا تزيد على عشرين ألف دينار أردني أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، كل من ارتكب أي فعل من الأفعال التالية بقصد الإتجار:

1- أنتج أو صنع أي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو استوردها أو صدرها أو قام بنقلها أو خزنها، وذلك في غير الأحوال المرخص بها بمقتضى أحكام هذا القرار بقانون.

2- اشترى أو باع أو حاز أو أحرز أو خزن مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو نباتاً من النباتات المنتجة لمثل تلك المواد، أو تعامل أو تداول بها بأي صورة من الصور بما في ذلك تسلمها أو تسليمها أو توسط في أي عملية من هذه العمليات في غير الحالات المسموح بها بمقتضى التشريعات النافذة.

3- زرع أي من النباتات التي ينتج عنها أي مواد مخدرة ...) .

-والثابت من صراحة هذا النص ان صور الركن المادي لتلك الجريمة متعددة ولكن عقوبتها واحدة  حيث جرم المشرع بيع المواد المخدرة وأوقع البائع تحت طائلة العقاب والقانون ، ولكنه لم يكتف بذلك ، بل عاقب على كافة الصور التي تتعلق بعملية البيع ، حيث أوقع تحت طائلة العقاب كل من سلم او تسلم المواد المخدرة ، وكذلك كل من نقل او خزن تلك المواد او توسط في نقلها او تسليمها او تسلمها او أي من العمليات السابق الإشارة اليها وفرض على من اقدم على أي واحدة منها عقوبة البائع .

-وان جريمة بيع ( تداول ( المواد المخدرة بقصد الاتجار من جرائم القصد الخاص والتي تتطلب بجانب توافر عنصري العلم والإرادة ، ان يكون لدى الجاني قصد خاص متمثلاً في قصد الإتجار .

-وان أفعال الطاعن المتمثلة بالاحتفاظ لديه بكمية من المواد المخدرة في غير الحالات المسموح بها بمقتضى التشريعات المعمول بها كان يقصد منها الترويج ، وهذا ما قام به الطاعن فعلاً وفقاً لاعترافه الواضح الصريح المتفق مع ظروف الواقعة لدى النيابة العامة بمحضر استجوابه ن/1 ، بالإضافة الى ذلك فإن المحكمة تستدل على توافر هذا القصد الخاص من خلال ما جاء ايضاً بالمبرز ن/1 من خلال طبيعة المادة المخدرة وعددها حيث جاءت مقسمة الى عدة قطع 21 قطعة حشيش مخدر بالإضافة الى طريقة اخفائها من قبل الطاعن داخل مكنسة كهربائية  ، وخزانة غرفة نومه ، الامر الذي يكشف للمحكمة بما لا يدع مجالاً للشك بأن ما اقدم عليه الطاعن من أفعال بيوم وتاريخ الواقعة كان بقصد الاتجار ، ولا يغير من الامر شيئاً ما قضت به محكمة الموضوع من اعلان براءة المتهم الثاني إبراهيم دايه من تهمة حيازة المخدرات بقصد تعاطيها ، اذ ان ما قضت به المحكمة كان استناداً لاعتراف الطاعن على ( المتهم الثاني ) بقيامه بيع المواد المخدرة للمتهم الثاني والذي لم يعزز بأي دليل آخر بحق المتهم الثاني وفق ما تستوجبه المادة 209 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وتعديلاته .

-من هنا نجد ان أسباب الطعن مجتمعة غير واردة .

-لهذا كله تقرر المحكمة :

رد الطعن موضوعاً وإعادة الدعوى لمصدرها .

           حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 17/9/2023