السنة
2023
الرقم
16
تاريخ الفصل
22 فبراير، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

                                                    دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

       الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد  

                         وعضوية القاضيين السيدين : عماد مسودة وبشار نمر 

 

الطـــــاعن : الحق العام 

المطعون ضده : ي..ن/طولكرم

الإجــــــــــراءات

بتاريخ 20/12/2022 تقدمت النيابة العامة بواسطة رئيس النيابة بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية طولكرم بصفتها الاستئنافية بالدعوى رقم 84/2022 بتاريخ 28/11/2022 والقاضي برد الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف .

تتلخص أسباب الطعن فيما يلي:

1- الحكم المطعون فيه مخالف لأحكام المادة 276 من قانون الإجراءات الجزائية .

2- أخطأت المحكمة في تفسير احكام المادة 343 من قانون العقوبات حيث ان النيابة العامة قدمت البينة الكافية لادانة المطعون فيه وان لجنة تقصي الحقائق أثبتت ان على المطعون ضده ادخال المريض الى المشفى وهو لم يتم اصولاً .

3- خطأ المحكمة بعدم التعرض للقانون الواجب التطبيق وهو قانون الحماية والسلامة الطبية والصحية رقم 31 لسنة 2018 الذي حدد المفاهيم الطبية الواجبة الاتباع.

والتمست النيابة العامة قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى الى مرجعها للسير بها حسب الأصول والقانون .

بتاريخ 8/1/2023 تبلغ وكيل المطعون ضده لائحة الطعن ولم يتقدم بلائحة جوابية .

المحكمــــــــــة

بعد التدقيق والمداولة نجد بأن الطعن مقدم ضمن المدة القانونية مستوفياً شرائطه الشكلية وعليه نقرر قبوله شكلاً .

اما من حيث الموضوع نجد بأن النيابة العامة بطولكرم احالت المطعون ضده لمحاكمته امام محكمة صلح طولكرم بالدعوى رقم 416/2020 بتهمة الامتناع عن تقديم المساعدة او الإغاثة خلافاً للمادة 474 والتسبب بالوفاة عن غير قصد خلافاً للمادة 343 من قانون العقوبات لسنة 1960 وبعد استكمال الإجراءات وبتاريخ 24/2/2022 أصدرت المحكمة حكمها القاضي اعلان براءة المطعون ضده من التهم المسندة اليه لعدم كفاية الأدلة.

لم ترتض النيابة العامة بالحكم الصادر فطعنت به لدى محكمة بداية طولكرم بصفتها الاستئنافية بالدعوى رقم 84/2022 .

وبعد استكمال الإجراءات لديها أصدرت المحكمة حكمها بتاريخ 28/11/2022 والقاضي برد الاستئناف موضوعاً .

لم ترتض النيابة العامة بالحكم الصادر فطعنت به لدى محكمتنا ضمن الأسباب الواردة فيه .

ومن خلال ملف الدعوى نجد بأنه ثابت من البينات المقدمة وخاصة المبرز ن/1 ان المتوفي حن ..ا من سكان طولكرم وكان يعاني من سكري الدم وضغط الدم وتصلب في شرايين القلب وجلطات دماغية متكررة أدت الى صعوبة بالنطق والحركة منذ سنوات عدة وضعف عضلة القلب واعتلال في وظائف الكلى وانه بتاريخ 5/5/2019 تم احضار المتوفي الى مستشفى الزكاة وتم استقباله في المشفى وفحصه من قبل المطعون ضده وتم اخذ صورة للصدر وتم ابلاغ اهل المتوفي بأنه لا داعي لادخاله للمشفى ونصح باعادته الى المنزل وترتيب الدواء له وسوف يلحق به المطعون ضده من اجل ذلك وقام المطعون ضده وبنفس اليوم بالذهاب الى المتوفي وزاره في منزله وفق ما جاء في شهادة الشاهد مح..ر ممرض المتوفي وبتاريخ 15/5/2019 تم استدعاء الدكتور ياسر السرغلي الى بيت المتوفي لمعاينته وتم إعطاء دواء بالوريد وراقبه ساعتين وكان وضعه مستقر ولا يستدعي دخوله للمشفى بتاريخ 18/5/2019 وبعد ذلك تم استدعاء الدكتور ياس..لي وذلك بسبب تورم في القدم وأعطى العلاج اللازم ومراقبته لعدم ساعات وكان وضعه لا يستدعي ارساله الى المشفى واقترح عمل صورة اشعة للرئة وصورة تلفزيونية للقلب وبتاريخ 19/5/2019 توفي، من خلال ما تقدم نجد بأننا امام مسؤولية طبية وان القانون والفقه والقضاء ميز بين نوعين من المسؤولية الطبية العقدية او التقصيرية وحيث انه لا يوجد عقد بين الطبيب "المطعون ضده" والمريض المتوفي اثناء حياته فنكون امام مسؤولية تقصيرية وليست عقدية وحيث ان عناصر المسؤولية التقصيرية تتكون من الخطأ والضرر والعلاقة السببية فيما بينهما وحيث انه يتوجب على النيابة ان تثبت عناصر المسؤولية فكان عليها ان تقوم باثبات الخطأ الطبي الذي عرفته المادة 19 من قانون الحماية والسلامة الطبية والصحية حيث نصت على "الخطأ الطبي هو ما يرتكبه مزاول المهنة ويسبب ضرر لمتلقي الخدمة نتيجة أي من الأسباب الاتية :1- الجهل بالامور الفنية المفترض الالمام بها من كل من يمارس المهنة من ذات درجته وتخصصه 2- عدم اتباع الأصول والقواعد المهنية الطبية والصحة المتعارف عليها 3- عدم بذل العناية اللازمة 4- الإهمال والتقصير وعدم اتباع الحيطة والحذر " ومن خلال ما تقدم فان الخطأ الطبي يكون وفق الأمور المذكورة في نص المادة 19 وحيث ان اثبات الخطا الطبي في هذا الامر يكون ضمن البينة الفنية الطبية ومن خلال ملف الدعوى نجد بأن الشاهد الدكتور م.ه جاء في شهادته "انك تعالج المريض منذ عشرين سنة وتقييم وضع المريض يعود للطبيب المعالج وعدم تسجيله بالطوارئ لا يؤثر على الخدمة الطبية المقدمة وصحيح انك لا تتحمل مسؤولية وفاته كونك قمت بمعالجته بتاريخ 5 الشهر وتوفي بتاريخ 19 او 20 الشهر وحسب ما هو مذكور بالتقرير الذي عرض علي وانت لا تتحمل مسؤولية وفاته باختصار وصحيح انه مثبت في التقرير انه يوجد طبيب اخر غيرك زاره مرتين بالبيت بتاريخ 15 وبتاريخ 19 الشهر وانك تعرف المريض منذ عشرين سنة حسب اقوالك المفروض انك قادر على تقييم وضعه لما تم عرضه عليك في المشفى وتستطيع تحديد فيما اذا كان بحاجة للدخول للمستشفى ام لا " وأضاف "لو عرض علي هذا المريض وما كنت اعرف تاريخه المرضي وبالاعتماد على نتائج الفحوصات التي أجريت له ما كنت صرفته للبيت وكنت ادخلته للمستشفى اذا ما كنت اعرف تاريخ المرضي واذا كنت اعرف تاريخه المرضي ممكن اصرفه للبيت في كلا الخيارين يعود لتقييم الطبيب " ونجد ان الشاهد الدكتور يا..لي جاء في شهادته "انا شاهدت الصورة وانا شاهدت بياض في الصورة ولا استطيع  ان اجزم ما هو وهو ممكن يكون مي او التهابات او تليفات وانا لو كنت محل الطبيب التي عرضت عليه الصورة ممكن جدا اعالجه في البيت وما احوله على المستشفى وان المرحوم  من زمان في البيت وبتعالج في البيت.....وان المرحوم كان بحاجة الى مضادات للالتهابات ومنشطات للقلب ومدر للبول وهذه الادوية تعطى في البيت " وأضاف بالمناقشة"ان المرحوم لم يكن يستطيع المشي وكان الممرض يحمله عشان ينيمه بالغرفة وانه كان لا يستطيع البلع لأنه كان يتشردق وان المرحوم كان دائما شبه نائم وخفيف يدرك اللي حوليه وانا عند المرة الأولى التي زرت فيها المرحوم لم يكن يستدعي دخوله المشفى للعلاج وانا عندما شاهدته لم اجد في داعي لدخوله المستشفى وان وفاة المرحوم كانت متوقعة لأن المرحوم عنده امراض مزمنة وقلبه تعبان" وعليه مما تقدم فان البينة الفنية التي قدمتها النيابة المؤلفة من الطبيب ي.ي ومى ...ة أثبتت ان المرحوم حس..ا كان يعاني من امراض مختلفة ووضعه الطبي سيء وان المطعون ضده كان يتابع حالته منذ عشرين عامأ وان الذي يحدد وضعه الطبي هو المطعون ضده وجاء في شهادتهما ان المتوفي ليس بحاجة الى دخول المشفى وان المطعون ضده ليس مسؤول عن وفاة المريض وحيث ان مسؤولية الطبيب عن الخطأ الطبي هي ضمن الخطأ الموضوعي الذي يكون بسلوك طبيب وسط من نفس مستواه وبهذا يعد الطبيب العادي الذي لا ينحرف عن سلوك امثاله من الأطباء العاديين الذين لا يعدون من النوابغ ولا المهملين وعليه لغايات الاخذ بالمعيار الموضوعي يتم الاخذ بما يحيط بالطبيب  من ظروف خارجية عند قيامه بالعمل ولا يستبعد صفاته وظروفه الداخلية وحيث ان الدكتور م..شة والدكتور ي..ي هما طبيبين اخصائيين باطني كتخصص المطعون ضده والذي جاء في شهادتهما بانه لو فحصا المتوفي لما ادخلاه المشفى وعليه يكون تصرف المطعون ضده كما يتصرف اقرانه من ذات التخصص وبهذا تصرف كما يتصرف امثاله في ذات الظروف فان المطعون ضده لم يرتكب خطأ أثناء علاج المتوفي هذا بالإضافة الى ان المطعون ضده فحصه في تاريخ 5/5/2019 وتم الوفاة بتاريخ 19/5/2019 أي بعد مرور خمسة عشر يوماً وان حالته الطبية سيئة وان وفاته متوقعة وفق ما جاء في شهادة الشاهد ي..ي فانه لا يوجد ارتباط بين وفاة المرحوم وفحص المطعون ضده له .

وعليه فان عنصر الخطأ يكون غير متوافر وحيث ان هذا العنصر ركن أساسي في احداث المسؤولية التقصيرية وعليه فان المسؤولية الطبية التقصيرية غير متحقق لانهدام ركن الخطأ ،وبهذا فان تهمة التسبب بالوفاة عن غير قصد تكون غير متحققة اما تهمة الامتناع عن تقديم المساعدة ان الامتناع يكون من الطبيب بعدم قيامه بأي عمل طبي لعلاج المريض "المتوفي" وحيث ان المطعون ضده قام بعلاج المريض في المشفى وقام بالذهاب الى منزله وكان  يعالجه لمدة عشرين سنة فتكون هذه التهمة غير متوافرة .

وحيث ان البينات المقدمة في الدعوى لا تربط المطعون ضده بالتهمة المسندة اليه وعليه يكون اعلان براءة المطعون ضده لعدم كفاية الأدلة غير وارد وكان على محكمة الدرجة الثانية اعلان براءة المطعون ضده لعدم وجود ادلة لادانته.

لذلك

-عملا ً بأحكام المادة 354 من قانون الإجراءات الجزائية فاننا نقرر قبول الطعن ونقض الحكم وإعادة الدعوى لمرجعها للسير بها وفق ما بيناه.

                                                         

       حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 22/2/2023

الكاتــــــــــب                                                                                             الرئيـــــــس

     هـ.ج