السنة
2022
الرقم
279
تاريخ الفصل
13 فبراير، 2024
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضــــــي السيــــــد بسام حجاوي

  وعضويـة القضـاة السادة : عبد الكريم حنون ، فواز عطيه ، مأمون كلش ، ثائر العمري

 

الطــــاعــــنة: شركة بنك القدس المساهمة العامة المحدودة /رام الله

وكيلها المحامي:مهند عساف

المطعـــون ضدها: جمعية رواد المستقبل/نابلس يمثلها رئيس مجلس ادارتها ناصر جواد قاسم كمال

وكيلها المحامي :نائل الحوح /نابلس

الإجــــــــــــراءات

هذا طعن مقدم بتاريخ 6/2/2022 لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف نابلس في الطعن الاستئنافي رقم 1525/2021 المتضمن رد الاستنئاف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف ومبلغ 400 دولار امريكي اتعاب محاماة عن مرحلتي التقاضي.

تبلغ وكيل المطعون ضدها لائحة الطعن في 16/2/2022 ولم يتقدم بلائحة جوابية .

تتلخص أسباب الطعن بما يلي:

  1. الحكم المطعون فيه باطل بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وهو مبني على مخالفة وخطأ في تطبيق وتأويل القانون .
  2. الحكم المطعون فيه باطل بطلاناً مطلقاً وحري بالالغاء لعدم اشتماله على البيانات الإلزامية الواجب توافرها وفق نص المادة 175 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، ولعدم تضمنه الأسباب القانونية والواقعية التي تبرر صدوره،وهو متناقض في التعليل والتسبيب وصدر ضد وزن البينة ،ولم تراعي محكمة الاستنئاف ان المدعية لم تقدم اية بينة تبرر اصدار الحكم محل الطعن .
  3. الحكم المطعون فيه باطل وحري بالنقض لاغفاله طلبات واقوال وبينات ومرافعات الطاعنة وكون الحكم صدر وليد إجراءات باطلة .
  4. أخطأت المحكمة في متن قرارها باعتبار الخطأ في قيمة التسهيلات الممنوحة للمدعية (المطعون ضدها) ،(قيمة القرض) مبلغ 84000 دولار أمريكي خطأ مادي ، ولم تراع انه تم منحها تسهيلات مصرفية (قرض) بقيمة 842000 دولار امريكي بالإضافة الى الفوائد والعمولات وفقاً ما هو ثابت في عقد القرض م ع/1 .
  5. الحكم المطعون فيه يتضمن جزاءً وعقاباً بحق الجهة الطاعنة على الالتزام بتعليمات سلطة النقد رقم 7 لسنة 2014 المبرز م ع/3 حينما قامت باحتساب عمولة السداد المبكر بنسبة 1.5% .
  6. أخطأت المحكمة مصدرة الحكم الطعين ، مع الاحترام،في عدم مراعاتها أن للجهة الطاعنة الحق في اسيفاء الفوائد الاتفاقية من المطعون ضدها بموجب عقد القرض، وان اطلاق مصطلح (عمولة سداد مبكر) على المبالغ التي استوفاها البنك والتي هي ذاتها جزء من الفوائد الاتفاقية لا يغير من الامر شيئاً ولا يحرم الطاعنة من استيفاء الفوائد المتفق عليها-حيث قامت باحتساب عمولة سداد مبكر بدلاً من القيام باحتساب الفوائد المتفق عليها على الأقساط الشهرية اللاحقة غير المستحقة والتي تزيد قيمتها عن عمولة السداد المبكر وفق تعليمات سلطة النقد.
  7. أخطأت المحكمة باعتبار إعادة المال المقترض الى البنك قبل موعد انتهاء مدة القرض لا يحرم البنك من حقه في استثمار أمواله كون ان البنك عندما وافق على منح المطعون ضدها التسهيلات المذكورة قيد نسبة فائدة اتفاقية على كل قسط سوف تدفعه، وان طلب المطعون ضدها السداد المبكر لباقي مبلغ التسهيلات لا يعفيها من الفوائد على الأقساط اللاحقة .
  8. أخطأت محكمة الاستئناف -مع الاحترام- في عدم مراعاة ان المطعون ضدها قد أقرت بصحة حسابات وقيود البنك واعتبارها حجة قاطعة عليها غير قابلة للطعن، وان كافة المبالغ التي استوفاها البنك هي مبالغ مستحقة وواجبة الأداء بالاستناد الى عقد التسهيلات المبرز م ع/1 ووفقاً لتعليمات سلطة النقد رقم 7 لسنة 2014 م ع/3 .
  9. أخطأت المحكمة مع الاحترام في كل ما ذهبت اليه من تحليل وتأويل في حكمها الطعين ،وعدم مراعاتها لقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين وان عقود التسهيلات الممنوحة للمطعون ضدها قد نصت على نسبة الفائدة بشكل محدد وعلى قيمة القسط وقيمة مبلغ التسهيلات وان هذه العقود لم تتضمن اعفاء المطعون ضدها من عمولة السداد المبكر في حال السداد المبكر ، ولم تراع المحكمة ان الطاعنة قد قامت بالتنازل عن حقها في كافة الفوائد المنصوص عليها في العقد المذكور لقاء استيفاء عمولة سداد مبكر بنسبة 1.5% من نسبة التمويل.

وبالنتيجة تلتمس الطاعنة قبول الطعن شكلاً،ومن ثم موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه ،وابطال وإلغاء الحكم المطعون فيه وبالنتيجة رد الدعوى رقم 1255/2017 بداية حقوق نابلس وتضمين المطعون ضدها الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

المحكمــــــــــــة

بالتدقيق وبعد المداولة ، ولورود الطعن في الميعاد القانوني واستيفائه شرائطه الشكلية تقرر قبوله شكلاً.

وفي الموضوع، فان ما تنبئ به الأوراق أن الجهة المطعون ضدها أقامت الدعوى المدنية رقم 1255/2017 لدى محكمة بداية نابلس في مواجهة الطاعنة للمطالبة بمبلغ 15230 دولار امريكي -على سند من الادعاء انها كانت قد حصلت على قرض مالي من شركة بنك القدس بمبلغ 842000 دولار امريكي بموجب عقد قرض في7/12/2015 وانها بتاريخ 5/2/2017 قامت بتسديد كامل قيمة القرض قبل موعد السداد وان البنك قام بحسم مبلغ 15230 دولار امريكي بدل عمولة سداد مبكر عن الفترة المتبقية من مدة العقد دون سند قانوني، في حين نجد ان الطاعنة تستند في قيامها بحسم هذا المبلغ باعتباره عمولة تسديد مبكر الى تعليمات سلطة النقد رقم 7 لسنة 2014 التي تجيز لها احتساب عمولة سداد مبكر بواقع 1.5% من قيمة الرصيد غير المسدد والمراد تسديده مبكراً.

وبالاطلاع على ما جاء في الحكم الطعين فقد أيدت محكمة الاستئناف ما خصلت اليه محكمة اول درجة التي لم تأخذ بتلك التعليمات معللة ذلك بالقول ان هذه التعليمات غير سارية دون اتفاق مسبق على تطبيقها بين الأطراف.

وبالعودة الى أسباب الطعن الأول والثاني والثالث فهي لا ترد على الحكم الطعين حيث وردت بصيغة العموم والابهام،اذ لم يبين وكيل الطاعنة ما يقصده من أوجه مخالفة الحكم للقانون ووجه البطلان الذي يعزوه للحكم المطعون فيه ولم يبين ماهية الإجراءات الباطلة التي أثرت في الحكم،هذا إضافة الى أن الحكم جاء مشتملاً على كافة البيانات الإلزامية الواردة في المادة 174 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 .

ولما كانت المادة 228/4 من ذات القانون أوجبت أن تتضمن لائحة الطعن بالنقض أسباب الطعن بصورة واضحة ومحددة يبين فيها الطاعن أسباب طعنه ، وأثر ذلك على الحكم محل الطعن- ولما جاءت هذه الأسباب على غير النهج الذي أراده المشرع في المادة 228/4 فاننا نقرر عدم قبول هذه الأسباب .

أما بخصوص باقي الأسباب فجميعها تتلخص في سبب واحد مؤداه تخطئة محكمة الاستئناف اذ أيدت محكمة اول درجة فيما قضت به من عدم استحقاق الطاعنة عمولة السداد المبكر.

وبعطف النظر الى ما جاء في لائحة الدعوى واللائحة الجوابية وما قدم من بينات ،فان العلاقة بين الطاعنة والمطعون ضدها هي علاقة تعاقدية محلها عقد القرض-والتي تثبت للمحكمة وفاء (المدعية) المطعون ضدها، بالتزاماتها من حيث تسديد قيمة القرض ، وحيث انه لا خلاف بين الطرفين على ان المطعون ضدها قامت بتسديد رصيد القرض قبل انتهاء المدة الممنوحة لها لتسديده وبأن الجهة الطاعنة قامت باحتساب عمولة تسديد مبكر.

وبالرجوع الى عقد التسهيلات الممنوحة للمطعون ضدها -فانه لم يتضمن ما يشير الى حق الطاعنة في استيفاء عمولة التسديد المبكر بواقع 1.5% من قيمة اية أقساط او مبالغ يقوم المقترض بتسديدها قبل استحقاقها،اما ما ورد في تعليمات سلطة النقد رقم 7 لسنة 2014 بخصوص عمولة السداد المبكر،فهي لا تسري على المطعون ضدها طالما ان العقد المبرم بين الطرفين لم ينص صراحة على حق البنك في استيفاء عمولة السداد المبكر، وان تلك التعليمات انما حددت السقف الأعلى المسموح للبنوك استيفائها من المقترضين في حال تم الاتفاق بين الطرفين عليها في العقد، واجازت لها ان تضع مثل هذا الشرط ، ويكون شرطاً صحيحاً وواجب النفاذ ،أما وان هذا الشرط لم يرد  في عقد القرض فهذا يعني تنازل البنك عن هذا الحق،ولا يجوز للبنك ان يستقل في فرض عمولة السداد المبكر (أنّ له ذلك) رجوعاعلى القواعد العامة التي تحكم العقود،ذلك ان صلاحية سلطة النقد في اصدار التعليمات بتحديد الحد الأعلى والادنى للفوائد والعمولات ، لا يعني بحال من الأحوال اعتبار ما يصدر عنها من قبيل القواعد المتعلقة بالنظام العام، التي تسري بأثر مباشر على ما يستحق في ظلها،دون وجود اتفاق بين البنك والجهة المطعون ضدها،ولما كانت العلاقة بين الطاعنة والمطعون ضدها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطات الارداة ،فان تعليمات سلطة النقد لا تعتبر على اطلاقها من قبيل القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام -ولا يترتب على مخالفتها البطلان،فيما تعقده البنوك مع عملائها من عقود،الا اذا جاوز سعر الفائدة ، او العمولات المتفق عليها، الحد الأعلى الذي تحددها تلك التعليمات ، باعتبار ان الحد الأعلى المقرر للفائدة او العمولة التي يجوز الاتفاق عليها قانوناً،هوما يتصل بقواعد النظام العام ، وفقاً لمدلول المادة 40/3 من قانون المصارف رقم 9 لسنة 2010 التي نصت على ما يلي "لسلطة النقد الحق في ان تحدد بتعليمات تصدر عنها،الحدود الدنيا والعليا والاسعار والفوائد او العوائد والعمولات التي تتقاضاها المصارف على جميع أنواع الائتمان والتمويل وكذلك العمولات والرسوم على جميع أنواع الخدمات الأخرى التي تقدمها المصارف"ومؤدى ذلك،ان عقد القرض يبقى محكوماً بالاتفاق الجاري بين الطرفين،ولا يستطيع البنك بارادته المنفردة فرض عمولة التسديد المبكر دون وجود اتفاق مع المطعون ضدها على استيفائها.

اما القول بالتزام المقترض بقيود الجهة الطاعنة حسب شرط العقد،لكون المطعون ضدها قد ارتضت بالعقود التي وقعتها مع البنك، فان المقصود بذلك ان قيود وسجلات البنك تكون ملزمة له في حالة صحتها وسلامتها وموافقة ما جاء فيها لشروط التعاقد .

من جهة أخرى لا يرد القول ان عمولة السداد المبكر هي ذاتها جزء من الفوائد الاتفاقية ، ذلك ان العمولة هي المبلغ الذي يأخذه البنك اجراً له على قيامه بمعاملة ما ،أما الفائدة فهي جزء بالمائة من المال يأخذه البنك ربحاً من المقترض في زمن محدد.

وأخيراً وفيما يتعلق بتخطئة محكمة الاستئناف عندما ذكرت في الحكم المطعون فيه ان قيمة القرض، هو مبلغ 84200 دولار ولم تراع انه تم منح المطعون ضدها تسهيلات مصرفية (قرض) بقيمة 842000 دولار امريكي ،(كما جاء في لائحة الطعن).

فان هذا النعي غير سديد،ولئن كانت محكمة الاستئناف قد عالجت هذا السبب في حكمها محل الطعن واعتبرته من قبيل الأخطاء المادية ولا يشكل طعن في الحكم وليس له أي تأثير في نتيجة الحكم التي وصلت اليها محكمة اول درجة ،الا انه كان عليها عدم قبوله باعتبار ان تصحيح تلك الاخطاء في الحكم يكون وفقاً لما رسمه المشرع في المادة 183/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 بتقديم طلب لذات المحكمة التي أصدرته لتصحيح ما وقع في حكمها من أخطاء مادية.

وعليه لما كانت أسباب الطعن لا ترد على الحكم المطعون فيه ولا تجرحه.

لـــــــذلـــــــك

تقرر محكمة النقض بالأكثرية رد الطعن موضوعاً، وتضمين الجهة الطاعنة الرسوم والمصاريف .

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 13/02/2024

الـكـاتـب                                                                                                            الرئيـــس

  هـ.ج

 

 

 

 

الرأي المخالف المعطى من القاضيين مأمون كلش و ثائر العمري

 

نخالف ما ذهبت إليه الاكثرية المحترمة ونرى أن الطعن يرد على الحكم المطعون فيه وعلة ذلك؛ ان الالتزام أما أن يكون مصدره أحد مصادر الالتزام الإرادية كالعقد أو الإرادة المنفردة ، وإما أن يكون مصدره احد المصادر غير الارادية كالفعل الضار أو الفعل النافع أو القانون .

وبالرجوع إلى أحكام قانون سلطة النقد رقم 2 لسنة 1997 نجد أن المادة الخامسة منه تشير الى ان من اهداف سلطة النقد وضع الأنظمة والقرارات والتعليمات التي تكفل المحافظة على جهاز مصرفي فعال ومأمون وسلم ، وجاء في المادة 41 من ذات القانون (يضع المجلس ÇáÃäÙãÉ æÇáÊÚáíãÇÊ <http://muqtafi.birzeit.edu/legislation/NotAvaible.aspx?PID=-1> المنظمة لسرية الحسابات بالمصارف ولتبادل المصارف للمعلومات والبيانات المتعلقة بمديونية عملائها والتسهيلات المقررة لهم مع سلطة النقد وفيما بينها وفقاً لأحكام ÞÇäæä ÇáãÕÇÑÝ <http://muqtafi.birzeit.edu/legislation/getLeg.aspx?pid=35290&Ed=1>).

نخلص مما تقدم أن تعليمات سلطة النقد تعتبر قانونا بمعناه العام وهي لذلك واجبة النفاذ ، وعليه فإن أية حقوق تمنحها تلك التعليمات للمصارف تعتبر واجبة النفاذ بمثابة قانون ما لم تخالف قانونا اسمى منها أو القانون الأساسي ،  الأمر الذي يعني أن من حق المصرف أن يحتسب عمولة سداد مبكر تطبيقا لتعليمات سلطة النقد  رقم 7 لسنة 2014 ، مشيرين هنا إلى أن حق البنك في فرض عمولة مصدره القانون وإن كان عقد القرض هو أساس العلاقة بين الفريقين ، ولا ينكر الفقه والقضاء أنه قد يكون للحق أكثر من مصدر من مصادر الالتزام، ولا نتفق مع الاكثرية المحترمة في اشتراط إدراج هذه التعليمات في عقد القرض ، اذ ان هذه التعليمات تسرى على العلاقات التعاقدية التي كانت قائمة وقت صدورها وفي مواجهة تلك التي قد تتكون بعد سريانها.

ثم أن مقصود المشرع من إعطاء المصرف حق احتساب عمولة وفاء مبكر  هو إيجاد حالة من التوازن بين مصلحة البنك الذي كان من المقرر أن يستفيد من كامل الفوائد المقررة لو أن المقترض اوفى بالقرض وفق الاتفاق ، ومن جهة أخرى تقديرا لمصلحة المقترض في الوفاء المبكر ولذلك كان من اللازم تقرير حق البنك في فرض عمولة الوفاء المعجل .

لهذه الأسباب نخالف ما اتجهت إليه الاكثرية المحترمة.

القاضي المخالف                           القاضي المخالف

            ثائر العمري                                 مأمون كلش

 

تحريرا في 13/02/2024