السنة
2017
الرقم
610
تاريخ الفصل
11 إبريل، 2018
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســــــــــيد ابراهيم عمرو

وعضويـة القضــاة الســادة: مصطفى القاق،عصام الأنصاري، عبد الكريم حلاوه، أسامة الكيلاني

 

الطــــــاعــــــن: الحق العام

المطعـون ضدها: م.ف

                  وكيلها المحامي : أحمد شرعب

الإجــــــــــراءات

بتاريخ 3/12/2017 تقدمت النيابه العامه للطعن بالنقض بالحكم الصادر عن محكمة استئناف رام الله بالاستئناف جزاء رقم 542/2015 بتاريخ 30/10/2017 القاضي بقبول الاستئناف موضوعاً والحكم بفسخ القرار المستأنف واعلان براءة المطعون ضدها من التهمة المسنده اليها لعدم كفايه الادله.

وتتلخص اسباب الطعن في:

          ان الطعن مبني على مخالفه لاحكام القانون في تطبيقه وتفسيره استناداً للماده 351/ 5،6 من قانون الاجراءات الجزائية للاسباب التاليه:

1- أخطأت المحكمة بإعلان براءة المطعون ضدها رغم البينه القانونية المقدمه من النيابه العامه والكافية لادانه المطعون ضدها بالتهمة المسنده اليها.

2- لم تقم المحكمة بوزن البينة وزناً سليماً وخاصه شهاده الشاهده ح.ف، والشاهد ج.ا وبالتالي القرارمستوجب النقض كونه مبني على فساد في الاستدلال.

3- القرار مخالف للقانون كونه مشوب بعيب القصور في التعليل والتسبيب ومبني على فساد في الاستدلال وضد وزن البينه.

وبالتالي طالبت بالنتيجة نقض القرار المطعون فيه.

 تبلغ وكيل المطعون ضدها لائحة الطعن ولم يتقدم بلائحة جوابية.

المحكمــــــــــــــة

بعد التدقيق والمداولة تجد المحكمة أن الطعن مقدم ضمن المده المحدده قانوناً ومستوفياً لشرائطه الشكلية لذا تقرر قبوله شكلاً.

اما من حيث الموضوع

نجد ان النيابة العامه احالت المطعون ضدها (المتهمه) لمحكمة بداية رام الله بتهمه الحرق الجنائي خلافاً لاحكام الماده 386ع60 وبنتيجة المحاكمه بتاريخ 22/12/2015 اصدرت حكمها القاضي بادانه المتهمه (المطعون ضدها) بالتهمة المسندة اليها وتبعاً للادانه الحكم عليها بوضعها بالاشغال الشاقه المؤقته لمدة سبعه سنوات وللمصالحه واسقاط الحق الشخصي تخفيض العقوبه المفروضه بحقها لتصبح الاشغال الشاقة المؤقته لمدة ثلاث سنوات ونصف تحسم لها مده التوقيف.

لم تقبل المطعون ضدها الحكم فطعنت به لدى محكمة استئناف رام الله بالاستئناف جزاء رقم 542/2015 وبعد اجراء المحاكمه وبتاريخ 11/7/2017 اصدرت حكمها القاضي  بقبول الاستئناف موضوعاً والغاء القرار المستأنف واعلان براءه المستأنفه من التهمه المسنده اليها لعدم كفايه الادله.

لم تقبل النيابه العامه الحكم فطعنت به لدى محكمة النقض بالنقض جزاء رقم 393/2016 وبتاريخ 18/12/2016 اصدرت حكمها القاضي بقبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه  لاعادة وزن البينات في الدعوى.

عادت محكمة الاستئناف ونظرت الطعن وبعد اجراء المحاكمه اصدرت حكمها بتاريخ 30/10/2017 القاضي بقبول الاستئناف موضوعاً والغاء القرار المستأنف واعلان براءة المستأنفه لعدم كفايه الادله.

لم تقبل النيابه العامه الحكم فطعنت به لدى محكمة النقض للاسباب الوارده في لائحة الطعن.

أما من حيث أسباب الطعن:

نجد أن النيابه العامه قد أجمعت اسباب طعنها على النعي بأن الحكم جاء مخالفاً للقانون وجاء مخالفاً لوزن البينات وزناً سليماً وخاصه شهاده الشاهده ح.ف وكذلك الشاهد ج.ا مما جعل الحكم مشوب بعيب القصور في التعليل والتسبيب ومبني على فساد الاستدلال وضد وزن البينه.

ولما كانت الادله في الدعوى الجزائية تخضع لمبدأ القناعه الوجدانيه للقاضي حيث أن الحكم وجدان الحاكم الا ان هذه القناعه ليست مطلقه وانما هي مقيده بأن يكون لها اصل ثابت في الدعوى وبيناتها بحيث يكون من شأن الادله المقدمه ان تؤدي الى النتيجه المستخلصه ويمكن القول بأن البينات المقدمه ادت للنتائج التي توصلت اليها المحكمة بشكل سائغ وسليم ومتفق مع العقل والمنطق ولمحكمة النقض حق مراقبة قاضي الموضوع في وزن البينات الادله وكفايتها وفي استنتاج الوقائع منها ومطابقه هذا الاستنتاج للعقل والمنطق لان النص في قانون الاجراءات الجزائية اوجب على قاضي الموضوع ان يذكر في قراره الادله والاسباب التي كون منها قناعته بثبوت التهمه او عدم ثبوتها وهذا الوجوب يفرض رقابه محكمة النقض على النتيجه.

وباستقراء القرار المطعون فيه نجد ان الوقائع وكما جاءت في الاسناد لدى المحكمة ان المتهمه قد توجهت صباح يوم 13/3/2012 بحدود الساعه التاسعه صباحاً الى منزل المشتكي الواقع في بلدة بيرزيت بواسطه سياره فورد ذات لون ابيض واخذت معها كيس ( من الكازية على الطريق) وقد دلت السائق على المنزل وعندما وصلت اليه توجهت المتهمه الى منزل المشتكي من الجهة الخلفيه وقامت بقص الشيك الموجود في شبابيك غرفة النوم والتي ترتفع عن الارض 90سم تقريباً ثم قامت بسكب ماده مشتعله داخل غرفه النوم ثم اشعلت النيران ومن ثم توجهت نحو السياره الفورد البيضاء التي حظرت فيها و كانت بانتظارها وركبت وغادرت متوجهة الى منزلها في منطفة أريحا.

واننا بالعوده لهذه الوقائع كما جاءت في لائحة الاتهام والثابت منها من خلال البينات نجدها تقوم على ان م. (المتهمه) قد توجهت الى منزل المشتكي يوم الحادثه وما بين الساعه 9-10 صباحاً وهذا ثابت من خلال افاده المتهمه، والشاهد ج.ا، والشاهده ح. التي شاهدتهاعند وقوع الحادث وهي مغادره مسرعه.

وانها أحضرت معها كيس من الكازيه (المحطة) لم يكن معها عند مغادرتها المنزل وهذا ثابت من خلال افاده السائق ج.ا حيث أفاد في شهادته المبرز ن/8 انها نزلت من السياره الى الكازية ولم يكن بيدها شيء وعادت وهي تحمل كيس وجاء في  افادتها حيث قالت انه كان معها في الكيس مياه مقروء عليها عندما صعدت للمنزل.

وانها سلكت الطريق الخلفي الموصل الى الشباك الذي تم اشعال النيران منه رغم أن باب المنزل من الامام وهذا حسب افادتها والشاهده ح. والسائق ا.ا.

ولقد عادت بعد 10 دقائق من مغادرتها السيارة وعادت مسرعه ومرتبكه وطالبت السائق سرعه المغادره وهذا ثابت من افاده السائق ا. وكذلك الشاهده ح. وكذلك الشاهد غ.ي في المبرز ن/7 حيث شاهدت سياره فورد بيضاء تغادر مسرعه وشاهدت فتاه تصرخ على الشرفه (ح.).

وبالتالي ثابت من هذه الوقائع ان المتهمه م. غادرت منزلها الى بيت المشتكي (حماها) واحضرت معها ماده من الكازية ( ولا اعتقد ان الكازية تبيع مياه للبركه مقروء عليها او حجاب كما جاء في افاده المتهمه) وصعدت الى المنزل من المنطقه الخلفية التي يوجد فيها الشباك الذي تم سكب الماده المشتعله من خلاله كما جاء في افاده وتقرير ضابط التحقيق والدفاع المدني.

وثبت ان اشتعال النار في المنزل كان ساعه تواجد المتهمه في منطفه المنزل من الخارج وكان اشعال النار بفعل فاعل كما جاء في تقرير الدفاع المدني المبرز ل/1 وهذا ثابت من خلال ثلاث شهادات المتهمه ذاتها انها تواجدت في هذا الوقت والشاهد السائق ج.ا والشاهده ح. التي اخذت تصرخ من اشتعال النار عندما سمعت الشباك وكذلك شهاده الشاهد غ.ي حيث شاهد سياره الفورد البيضاء تغادر مسرعه والشاهده ح. تصرخ على البرنده (الشرفه) كما ثبت أنها طلبت من السائق سرعه المغادره وبالتالي فاننا نجد ان هذه الوقائع وكما جاءت في الادله ثابته في افادات الشهود والبينات المقدمه.

اما بناء المحكمة حكمها باستبعاد شهاده الشاهده ح. على التناقض في اقوال الشاهده ح. لغايات استبعادها من خلال القول "ان بها تناقض لقولها امام المحكمة في شهادتها انها كانت تلبس طاقيه".

لقد سبق وعالجت محكمتنا هذا النعي من خلال قرارها رقم 393/2016بتاريخ 18/12/2016 ورفضت تعليل محكمة الاستئناف له والاخذ به الا ان محكمة الاستئناف عادت اليه مرة اخرى رغم ان محكمتنا لم تقبل بهذه المقوله كسبب من أسباب التشكيك في افادتها. حيث أن التباين في بعض الوقائع الوارده في شهاده الشاهده لا تحول دون اعتماد شهادتها في الاثبات لان العبره بالاقتناع بالوقائع الجوهرية والاساسيه في الشهاده وهي انها تعرف المتهمه وكانت موجوده في منطقه المنزل ساعه اشتعال النيران في بيت المشتكي اي رأتها نازلة من منطقة الشباك الذي اشتعلت منه النيران بفعل فاعل وذلك بسكب ماده مشتعله.

ولا يمكن استبعاد شهاده الشاهده ح. بعد اعتراف المتهمه انه كان معها عندما غادرت السياره الى منزل المشتكي كيس به ماء مقروء عليه وحجاب ولا اعتقد ان المحكمة قد قنعت من ان الماده التي احضرتها المتهمه حسب افاده الشاهد ا.  من الكازيه ماء مقروء عليه (اي ماء بركه) لان الكازية (المحطة) لا تبيع الا المواد المشتعله وهي اساس اشتعال النيران في المنزل كما ثبت ذلك في تقرير ضباط التحقيق والدفاع المدني وان المتهمه عندما غادرت منزلها لم يكن لديها الكيس بل احضرته من الكازيه.

ولما كان من المتفق عليه فقها وقضاء ان تجاهل المحكمة للادله الثابته وعدم مناقشتها مناقشة سليمه واستخلاص النتائج منها استخلاصاً يتفق مع السياق العام لهذه البينات يشكل فساداً في الاستدلال خاصة وانه يجوز اثبات الدعوى الجزائية بكافه طرق الاثبات عملاً باحكام الماده 206 من قانون الاجراءات كما ان الادله متسانده ولا يشترط ان يكون دليل الادانه صريحاً ودالاً بنفسه هلى الواقعه المراد اثباتها. بل يكفي ان يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.

وبالتالي فان حرية محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها من الادله فان ذلك لا يعني ولا باي حال من الاحوال السلطة المطلقه والغير محدده حتى تتجاوز محكمة الموضوع ما سبق وبيناه في قرار محكمة النقض. بل هي مقيده بضوابط وانه من حق محكمة النقض التصدي للوقائع في نطاق الرقابه على كفايه الاسباب الواقعيه والتي لا تجد أنها تقوم على اساس سليم واستخلاص مقبول او مرتبط باي منطق عقلي او الى استخلاص يؤدي الى النتائج المستمده من البينات. وكما ان لمحكمة النقض الرقابه على صحة اقتناع محكمة الموضوع من حيث مصدر الاقتناع ومن حيث منطقية الاقتناع واننا نجد ان مصدر اقتناع المحكمة ببراءة المتهمه لا يقوم على استخلاص سليم يتفق والمنطق الاجمالي للبينات.ولما كان قرار محكمة النقض بنقض الحكم واعاده الدعوى لمحكمة الاستئناف لاعاده وزن البينات والخروج منها بنتائج صحيحه ومنطقيه.. فان اصرار المحكمة على ذات التوجه وخاصه اعتبار ان الطاقيه هي سبب في تناقض افاده الشاهده ح. لاستبعادها هو اصرار من المحكمة في غير محله ولا يستند لاي قاعده قانونية سليمه ما دام ان محكمة النقض قد نقضت الحكم وعالجت هذه الواقعه لاعاده وزن البينه فهذا يعني استبعاد هذه الواقعه من حيث التناقض في شهاده الشاهده ح. وعدم الاصرار عليها.

وحيث ان ما جاء في الحكم لا يقوم على اي منطق سليم او مصدر استدلالي صحيح مستخرج بصوره تتفق مع المنطق والعقل والتحليل السليم للبينات وانما نجده قد قام على استبعاد غير حقيقي وغير سليم للادله الثابته مما يجعل من هذا الحكم معاب بكل عيوب التسبيب واصابه القصور في التعليل والفساد في الاستدلال والشطط في التحليل  مما يستوجب نقضه.

لذلــــــــــــــــــك

تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه واعاده الاوراق للمحكمة المختصه لاجراء المقتضى القانوني من هيئة مغايره.

حكماً صدر تدقيقاً في 11/04/2018