السنة
2016
الرقم
1543
تاريخ الفصل
28 إبريل، 2020
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

 

السلطــــة القضائيـــة

 

محكمــة النقض

 

" الحكــــــــــم "

 

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 

باسم الشعب العربي الفلسطيني

 

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة القاضـــــــي السـيـــــــــد عبد الله غزلان وعضويــة القضــاة السـادة: حلمي الكخن ، فواز عطية ، محمود جاموس ، عواطف عبد الغني

 

الطــــاعـــــنة: شركة بوابة أريحا للإستثمار العقاري م.خ.م/ رام الله

 

وكيلاها المحاميان : علي سفاريني و/أو هيثم الزعبي/ رام الله

 

المطعـــون ضدها: وزارة الاوقاف والشؤون الدينية/ رام الله

 

وكيلها المحامي : هاني شاهين/ الخليل

 

الإجـــراءات

 

تقدمت الطاعنة بواسطة وكيليها بهذا الطعن بتاريخ 26/12/2016 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 28/11/2016 عن محكمة استئناف رام الله في الاستئناف المدني رقم 455/2015 القاضي:" بقبول الاستئناف موضوعا والحكم بإلغاء الحكم المستأنف، ورد الدعوى المدنية رقم 1053/2013 بداية رام الله مع الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة بواقع 100 دينار اردني ".

 

يستند الطعن في مجمله للأسباب التالية :

 

محكمة الاستئناف اخطأت وخالفت القانون، عندما قضت بأن من حق الجهة المستأنفة "المطعون ضدها" استيفاء بدل الحكر عن أراضي أميرية موقوفة وقف تخصيصات (أي وقف غير صحيح).

 

تناقضت محكمة الاستئناف في متن حكمها بالقول: "بعد اتمام عملية التسجيل المجدد التي لم تعترض عليه أية جهة وصدور قرار لجنة تسجيل الاراضي بتسجيل الاراضي باسم الجهة المشترية "الطاعنة" كأراضي أميرية موقوفة وقف تخصيصات، ثم قالت أن وقف التخصيصات هو وقف غير صحيح ، مما اخطأت خطئا جسيما عندما اعتبرت الاراضي محل الدعوى الاساس تخضع لدفع الحكر للأوقاف " الجهة المطعون ضدها".

 

اخطأت محكمة الاستئناف في تطبيق المفاهيم القانونية الاساسية للقانون على وقائع الدعوى، عندما خلطت بين المفهوم القانوني للرسوم والاعشارالتي هي من قبيل الضرائب، وما بين مفهوم الحكر الذي يرد على العقارات الموقوفة وقفا صحيحا بما يرتبه من عقود اجارة وحقوق عينية على العقار الموقوف وقفا صحيحا.

 

النتيجة التي توصلت إليها محكمة الاستئناف ترتب آثار غير قانونية، وتخالف القوانين المرعية السارية، كما تخالف ما استقر عليه الاجتهاد القضائي المقارن، لا سيما أن الاحكام القضائية التي استندت اليها لا تنطبق على وقائع الدعوى.

 

لم تراع محكمة الاستئناف لطبيعة سندات التسجيل الصادرة بموجب قانون تسجيل الاموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها رقم 6 لعام 1964، التي لم يتم الاعتراض عليها من أية جهة.

 

وبالنتيجة التمست الطاعنة قبول الطعن شكلا لتقديمه ضمن الميعاد، وفي الموضوع نقض الحكم الطعين، والحكم بقبول الدعوى الاساس والزام المدعى عليها "المطعون ضدها" برد المبلغ البالغ 84158 دينار اردني، والحكم بعدم احقية الجهة المطعون ضدها باستيفاء أية احكار أو بدلات عن قطع الاراضي موضوع الدعوى، وتضمينها الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة.

 

لم تتقدم المطعون ضدها بلائحة جوابية رغم تبلغها وفق الاصول.

 

المحكمـــــة

 

بالتدقيق وبعد المداولة، ولورود الطعن ضمن الميعاد تقرر قبوله شكلا.

 

وفي الموضوع، وعلى ما أنبأت عنه أوراق الدعوى التي تفيد أن المدعية شركة بوابة اريحا للإستثمار العقاري "الطاعنة" اقامت الدعوى المدنية رقم 1025/2013 بتاريخ 4/11/2013 امام محكمة بداية رام الله ضد المدعى عليها "المطعون ضدها" وزارة الاوقاف موضوعها: المطالبة برد مبلغ 84158 دينار اردني دفعت من المدعية دون وجه حق والحكم بعدم احقية استيفاء الجهة المدعى عليها لأية بدلات من احكار على قطع الاراضي موضوع الدعوى، وبنتيجة المحاكمة بتاريخ 30/3/2015 قضت المحكمة

 

" بإلزام المدعى عليها بأن تعيد للمدعية مبلغ 84158 دينار أردني نتيجة استيفاء المدعى عليها للمبلغ دون وجه حق مع الرسوم والمصاريف ومبلغ 1000 دينار اردني اتعاب محاماة".

 

لم ترتضِ المدعى عليها بالحكم، فبادرت للطعن فيه امام محكمة استئناف رام الله بتاريخ 27/4/2015 في الاستئناف المدني رقم 455/2015، وبنتيجة المحاكمة قضت المحكمة بتاريخ 28/11/2016 " بقبول الاستئناف موضوعا والحكم بإلغاء الحكم المستأنف، ورد الدعوى المدنية رقم 1053/2013 بداية رام الله وتضمين المستأنفة الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة بواقع 100 دينار اردني ".

 

لم ترتضِ المدعية بالحكم، فبادرت للطعن فيه بتاريخ 8/1/2017 بموجب الطعن الماثل المختزل بالاسباب المذكورة اعلاه.

 

و بعطف النظر على ما ورد من اسباب في لائحة الطعن، التي تم اختزالها بالاسباب سالفة الذكر، حيث جميعها تتمحور حول واقعة محددة تتمثل بتخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها، لعدم

 

تطبيقها صحيح احكام قوانين الاراضي النافذة على وقائع الدعوى، ووقوعها في الخلط بين مفاهيم الرسوم الفروضة على الأراضي من قبيل الضرائب كالاعشار، وبين استيفاء بدل الحكر على الاراضي الموقوفة وقفا غيرصحيح (وقف تخصيصات)، باجراء القياس عليها بالاراضي الموقوفة وقفا صحيحا، دون مراعاة لواقع سندات التسجيل التي صدرت بمقتضى قانون تسجيل الاراضي التي لم يسبق تسجيلها رقم 6 لسنة 1964 وتعديلاته.

 

في ذلك نرى وبعد الاطلاع على وقائع الدعوى التي استندت في مجملها، بأن الجهة المدعى عليها "المطعون ضدها" استغلت حاجة المدعية في سبيل استصدار والحصول على سندات التسجيل للأراضي الموصوفة محل الدعوى الاساس من دائرة تسجيل أراضي أريحا، التي احالت الاخيرة المدعية إلى مدير اوقاف محافظة أريحا للحصول على عدم ممانعة بتسجيل الاراضي بأسم الجهة المدعية، ولدى مراجعة اوقاف محافظة أريحا طلبت الاخيرة بدل حكر للأراضي الموصوفة بالدعوى الاساس بواقع 84158 دينار أردني دون مراعاة لواقع الاحكام الصادرة عن لجنة تسجيل الجديد وفق ما أنبأ عنه المبرز م/1، وأن في استيفاء المبلغ المذكور لا يستند لقانون، وأن اضطرار المدعية لدفع المبلغ من باب الخوف على حقوقها بعدم استصدار سندات التسجيل، ورغم أن محكمة الدرجة الأولى قضت برد المبالغ المذكورة للجهة المدعية، إلا أن محكمة الاستئناف اتجهت باتجاه آخر، وعللت حكمها الطعين برد الدعوى، على اساس أن ادخال ارض من اوقاف التخصيصات ضمن منطقة البلدية لا يزيل عنها صفتها كوقف تخصيصات ولا يسلب الوقف حقه، مما اعتبرت محكمة الاستئناف الوقف الواقع على الاراضي موضوع الدعوى هو ليس وقفا صحيحا وانما وقف تخصيصات، ورغم ذلك لا يحرم جهة الوقف من حقها في استيقاء الحكر المستحق.

 

وبإنزال صحيح حكم القانون على الوقائع المذكورة، يتعين الاشارة إلى أن الفرق بين الوقف الصحيح ووقف التخصيصات (وقف غير صحيح) وفق حكم المادة 4 من قانون الاراضي العثماني الساري، من حيث أن ملكية الوقف الصحيح هي ملكية خالصة لصاحبها ضمن ما كان ملكا صرفا له، فوقفه وفقا للنهج الشرعي، حيث تكون رقبة العقار الموقوف وجميع حقوق التصرف بها عائد إلى جانب الوقف، بحيث لا تجري عليها المعاملات القانونية، بل يلزم أن تعامل بموجب شرط الواقف مهما كان، أما وقف التخصيصات(الوقف غير الصحيح)، فهو عبارة عن تخصيص منافع لقطعة مفرزة من الاراضي الاميرية مثل اعشارها ورسومها الاميرية لجهة ما من طرف السلاطين أو بإذنهم لجهة خيرية مع بقاء رقبتها لبيت المال، ولما كانت هذه الاراضي الموقوفة ليست من الاوقاف الصحيحة، فمتى ذُكر في هذا القانون تعبير الاراضي "الاراضي الموقوفة وقف غير الصحيح" يكون المراد من قبيل تخصيصات المنافع....

 

وبمعزل عن الاثر القانوني المترتب في التفريق بين العقارات الموقوفة وقفا صحيحا والعقارات الموقوفة وقفا غير صحيح، من حيث الحقوق العينية التي يمكن اجرائها على كل نوع، ورغم اقرار الجهة

 

المدعى عليها أن الحكر يقع فقط على الوقف الصحيح، بدلالة ما ورد في البند الخامس من لائحتها الجوابية، وما ورد في مرافعتها النهائية المقدمة امام محكمة الدرجة الاولى المكررة امام محكمة الاستئناف، ومحاولة الجهة المدعى عليها اثبات واقع صحة المبرز ن/1، الذي هو عبارة عن صورة قيد لحجة الوقف المستخرجة من مؤسسة احياء التراث والبحوث الاسلامية التابعة لوزارة الاوقاف المؤرخة في سنة 866 هجري، بأنه وقف صحيح.

 

وبناء على ما تقدم، مسألة التدقيق والتقرير فيما إذا كان المبرز ن/1 سالف الذكر يقع ضمن تصنيف الوقف الصحيح أو الوقف غير الصحيح، ليس مجاله في هذه الدعوى، حيث لا يمكن قانونا تجاهل واقع سندات التسجيل ضمن المبرز م/1 الصادرة عن لجنة تسجيل البدائية بمقتضى قانون تسجيل الاموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها رقم 6 لسنة 1964وتعديلاته، إذ قررت اللجنة المذكورة بتاريخ13/2/2012 في المعاملات ذات الارقام 128/ق/2011 و129/ق/2011 و130/ق/2011 بتسجيل كامل الحصص في المعاملات المذكورة باسم الجهة المدعية"الطاعنة" في الموقع الرسمي تصنيف "ميري"، تلك السندات التي صدرت بموجب قانون يسمح تسجيلها بأسم الجهة المدعية سندا للقانون سالف الذكر، باعتباره جزءا من قوانين الاراضي السارية، وبالتالي كان يجب على الجهة المدعى عليها ابراز المبرز ن/1 امام لجنة التسجيل الجديد وقتئذ، واثبات صحة ادعائها بأن محل المبرز ن/1 هو وقف صحيح، وليس في هذه الدعوى.

 

لذلك، ولما كان قانون التصرف في الأموال غير المنقولة رقم 49 لسنة 1953 قد ألزم الجهة المدعى عليها وغيرها من مؤسسات الدولة في المادة 4 منه على أن: " تعمل المحاكم الشرعية وسائر دوائر الحكومة بأسناد التسجيل التي اصدرتها دائرة تسجيل الاراضي بمقتضى احكام قوانين التسوية بلا بينة، ولا يجوز ابطال أي من المستندات المذكورة أو اصلاح خطأ فيها ادعى أنه مخالف لقيود دائرة التسجيل إلا وفق قوانين تسوية الاراضي"، فإن السندات محل المبرز م/1 تعتبر صادرة عن اعمال تسوية مصغرة وتعامل معاملة التسوية الصادرة عن الدولة، سندا للمادة 9 من قانون تسجيل الاموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها سالف الذكر،حيث نصت:" يجوز لكل من اللجنة البدائية أو اللجنة الاستئنافية اثناء النظر في المعاملة أن تؤجل البت في القضية إلى أن تطبق اعمال التسوية في المنطقة التي تقع الارض المراد تسجيلها ضمنها إذا رأت أن ذلك اضمن لتحقيق العدالة....".

 

وبما أن المشرع رتب في المادة 8/ج من قانون رقم 6 لسنة 1964 سالف الذكر صرامة على الاحكام التي تصدر عن اللجنة البدائية أو اللجنة الاستئنافية عندما تصبح قطعية، بحيث لا يجوز الطعن في الاحكام الصادر عن اللجنة البداية، إلا ضمن الاطار المرسوم في ذلك القانون المعدل بالأوامر ذات الارقام 448 و1034 و 1060، وبالتالي اي ادعاء للجهة المدعى عليها على قطع الاراضي محل الدعوى الاساس لا يكون إلا بالحدود التي رسمتها قوانين الاراضي بما في ذلك قوانين التسوية للأراضي والمياه وخلال المدد المشار إليها في تلك القوانين، لعلة استقرار المعاملات العقارية التي هي من النظام العام.

 

وعليه، يتضح جليا أن استلام الجهة المدعى عليه لبدل الحكر محل المطالبة باسترداده، تم بصورة تخالف واقع القرارات القضائية الصادرة عن اللجنة البدائية التي اصبحت قطعية في مواجهة الكافة بمن فيهم الجهة المدعى عليها، لا سيما ما ورد فيها من تصنيف ضمن " الميري"، كما ويعد تجاوزاً لصرامة الاحكام القضائية وحجيتها، الأمر الذي لم تراعه محكمة الاستئناف، لأن في حكمها الطعين اهدار للنصوص القانونية سالفة الذكر، وتثبيت أمر واقعي للجهة المدعى عليها دون وجه حق، ودون اتباع القنوات القانونية في إلغاء أو تعديل الحكم القضائي الصادر عن اللجنة المذكورة وخارج تخوم المدد القانونية في تلك القوانين، كما أن الحكم الطعين رتب آثارا قانونية للجهة المدعى عليها بصورة تخالف حكم المادة 4 من قانون التصرف في الاموال غير المنقولة سالف الذكر، وبصورة تخالف الوعاء القانوني المرسوم في قانون تسجيل الاموال غير المنقولة التي لم يسبق تسجيلها وبعد مضي المدد القانونية، وهذا يشكل اعتداء وخرق للنظام العام المتصل بالمعاملات العقارية التي تحتاج لقدر كبير من الاستقرار والثبات، مما شاب الحكم الطعين فساداً في الاستدلال وقصور في التسبيب القانوني، الأمر الذي يجعل من بعض اسباب الطعن واردة على الحكم الطعين مستوجبا لنقضه.

 

لهــــذه الاسبــــاب

 

نقرر قبول الطعن موضوعا، والحكم بنقض الحكم المطعون فيه، وعملا باحكام المادة 237/2/أ من الاصول المدنية والتجارية، حيث أن موضوع صالحا للفصل فيه، نقرر الحكم بإلزام الجهة المدعى عليها

 

" الطاعنة" برد المبلغ الذي دفعته المدعية "الطاعنة" والبالغ 84158 دينار أردني وبعدم أحقية المطعون ضدها باستيفاء أية أحكار أو بدلات عن قطع الأراضي موضوع الدعوى مع الرسوم والمصاريف التي تكبدتها الطاعنة واتعاب محاماة بواقع 300 دينار أردني عن جميع مراحل التقاضي.

 

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 28/04/2020