السنة
2023
الرقم
311
تاريخ الفصل
10 سبتمبر، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

المحكمة العليا / محكمــة النقض

"الحكم"

الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد 

    وعضوية القضاة السادة : عماد مسوده ، سائد الحمد الله

الطـــــاعن : أ.ه / نابلس

                   وكيله المحامي : باسل ششتري / نابلس       

المطعون ضده : الحق العام ( النيابة العامة )

الإجراءات

بتاريخ 26/6/2023 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية بالاستئناف الجزائي رقم 350/2022 والصادر بتاريخ 29/5/2023 والقاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف .

تتلخص أسباب الطعن بما يلي :-

أولاً : القرار مخالف للقانون تأويلاً وتفسيراً وضد وزن البينة للأسباب التالية :-

  1. بخصوص اعتبار محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية في قراراها بالصفحة (6) ان ما جاء على لسان المتهم (الطاعن) عند تلاوة التهمة علية بجلسة 10/5/2021 وهو أنني غير مذنب وغير صحيح ما تلي علي وأنا صاحب شركة أقوم بتنفيذ أعمال ويكون عبء إبلاغ الناس عبر البلدية وهيئة تسوية الأراضي والمياه يشكل دليل واثبات للمحكمة بمعنى انه اعتراف ضمني أي أن المحكمة استنتجت من علمها الشخصي وتحليلاتها وغفلت عن شروط الاعتراف وعليه تكون المحكمة قد خالف نص المادة (214/2/3) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 وخالفت أيضا نص المادة (205) من قانون الاجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 مع العلم أن ما قاله المتهم الطاعن في جلسة 10/5/2021 مؤكد انه غير مذنب وانه البلدية هي المختصة بالأعمال المزعومة وليس له أي علم .
  2. وبخصوص الشهادة أي شهادة المشتكي وشهادة والده محمد ريان هي البينة الوحيدة في هذا الملف حسب قرار محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية والتي اعتمدت المحكمة عليها في بناء قرارها وبرجوع المحكمة إلى شهادة المشتكي في جلسة 23/11/2021 والذي جاء بها ( لا اعرف المتهم من السابق .. والمتهم الحاضر هو صاحب شركة المقاولات والتي تعمل في الشارع وتنفذ المشروع وعلمت المتهم هو صاحب الشركة بعد التواصل مع البلدية وهم اخبروني بذلك..وانا لم اشاهد المتهم يضع الزوايا إلا أن والدي كان حاضر وطلب من المهندس الذي كان موجود بعدم وضع الزوايا واخبره نمر من هنا ولا اذكر اسم المهندس والذي بجاني يقف صاحب شركة وليس المهندس والمهندس يعمل لدية ومن اخبرني البلدية بذلك وصحيح اخبرتني اسم المهندس وانا ناسي اسمه ولم اشاهد بعيني من وضع ووالدي كان موجود ) .

كما أخطأت المحكمة في الاعتماد على شهادة الشهود لمخالفتها نص المادة 223 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 كما لم تقدم بينة حول الشخص الذي قام بوضع العلامات أي الفاعل الذي يجب توجيه الاتهام له وعليه فإن شهادتهم قد ثبت من خلالها بان الطاعن لم يقم بوضع الزوايا ولم يكن متواجداً اصلاً وان شهادتهم على الشك شهادة سمعة ( سمعت وعلمت ) فكيف للمحكمة الاعتماد عليها في قرارها .

3- خالفت محكمة بداية نابلس بصفتها الاستنئافية عينية لائحة الاتهام و صريح المادة 154 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تشير تحديدا إلى طبيعة وشروط قرار الإحالة إلى المحكمة من خلال ذكر اسم المشتكي والمتهم وصفته وبذلك فان قرار محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية بتحويل صفة المتهم بحيث أصبح بصفته صاحب شركة وليس بصفته الشخصية كما ورد في لائحة الاتهام يعد مخالف وليس من صلاحيته المحكمة الاستئنافية.

4- خالفت المحكمة نص المادة 74/1 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 كما خالفت نص المادة 74/2 من ذات القانون .

5- خالفت محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية نص المادة 14 من القانون الأساسي الفلسطيني وتعديلاته (العقوبة شخصية، وتمنع العقوبات الجماعية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون ) .

لهذه الأسباب يطلب وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً وموضوعاً ونقض الحكم المعطون فيه واجراء المقتضى القانوني .

بتاريخ 23/7/2023 تقدمت النيابة العامة بمطالعة خطية طلبت من خلالها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.

                                                        المــحـــكـــمـــة

بالتدقيق والمداولة نجد ان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية ومستوفٍ شرائطه الشكلية فنقرر قبوله شكلاً.

وفي الموضوع ، وعن أسباب الطعن وعلى ما انبات عنه أوراق الدعوى فإننا نجد بأن النيابة العامة كانت قد احالت المتهم المطعون ضده الى محكمة صلح نابلس لمحاكمته عن تهمة عدم تنبيه بوجود حفريات او اشغال في الساحات او بالطريق خلافاً للمادة 460/3 عقوبات لسنة 1960 والحاق الضرر بمال الغير المنقول خلافاً للمادة 445 من القانون العقوبات من ذات القانون ، وذلك بموجب لائحة اتهام مقدمة من النيابة العامة والتي جاء فيها ان المتهم الطاعن قام في أواخر شهر 4 من عام 2021 بوضع زوايا حديدية مزروعة وسط الشارع دون اخبار احد او وضع إشارات تنبيه وبتاريخ 1/5/2021 ولدى مرور سيارة المشتكي التي من نوع اوكتافيا على الزوايا فوجئت بشيء يصدم المركبة من اسفل مما تسبب في إتلافها وتم إعداد كشف ومعاينة وان ما قام به المتهم مخالف لأحكام القانون .

باشرت محكمة صلح نابلس في إجراءات المحاكمة وبنهاية الإجراءات أصدرت حكمها بتاريخ 31/3/2022 بإدانة المتهم الطاعن بالتهم المسندة اليه وتبعاً لذلك الحكم عليه بالحبس مدة ثلاثة اشهر والغرامة 5 دنانير ، لم يرتضي المتهم الطاعن بالحكم فبادر للطعن به الاستئناف لدى محكمة بداية نابلس بصفتها الاستئنافية في الاستئناف الجزائي رقم 350/2022 والتي بنهاية الإجراءات أصدرت حكمها موضوع الطعن الماثل بتاريخ 29/5/2023 والقاضي برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.

لم يرتض المتهم الطاعن بالحكم فبارد للطعن به لدى محكمتنا بالطعن الماثل للأسباب الواردة في لائحة الطعن وبعطف النظر عن أسباب الطعن فإننا وبالرجوع إلى التهمة الأولى المسندة للطاعن بلائحة الاتهام موضوع الشكوى وهي عدم التنبيه بوجود حفريات او أشغال في الساحات أو بالطريق العام خلافاً للمادة 460/3 عقوبات لسنة 1960 فإننا نجد بانها من نوع المخالفة وعقوبتها خمسة دنانير وفقاً لمادة التجريم المرقومة أعلاه بدلالة المادة 24 من ذات القانون ، وبالتالي فإن الطعن المقدم بخصوص هذه التهمة غير مقبول وفقاً للمادة 346 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ وبالتالي فإننا نقرر عدم قبول الطعن بخصوص هذه التهمة .

وعودة إلى أسباب الطعن ودون مراعاة الترتيب الوارد في لائحة الطعن فإننا وفيما يخص السببين الثالث والرابع وحاصلهما مخالفة الحكم المطعون فيه لنص المادة 154 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ والمادة 74/1/2 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 ، وفي ذلك نجد بأن المادة 154 المرقومة أعلاه قد حددت بيانات قرار الإحالة بوجوب أن يشمل قرار الإحالة إلى المحكمة على إسم المشتكي واسم المتهم وشهرته وعمره ومحل ولادته وعنوانه وعمله وتاريخ توقيفه مع موجز للفعل المسند اليه وتاريخ ارتكابه ، ونوعه ، ووصفه القانوني والمادة القانونية التي استند الاتهام اليها والأدلة على ارتكاب الجريمة في ضوء النص المذكور عاليه فإن المحكمة الجزائية تتصل بملف الدعوى بموجب لائحة الاتهام وان هذا الاتصال يحكمه ضابطين هما :

1- مبدأ عينية الدعوى الجزائية بالواقعة المحال بها المتهم .

2- مبدأ شخصية الدعوى ، ومقتضاها انه لا يجوز لها ان تحكم على غير المتهم او تغير صفته الواردة في لائحة الاتهام وبالتالي ينعقد الاختصاص للمحكمة وفق هذه الضوابط والشروط ولا يجوز لها الخروج عليها تحت طائلة مخالفة الحكم للقانون وبطلانه .

ولما كان من الثابت من لائحة الاتهام المقدمة ضد المتهم الطاعن انها احالته الى المحكمة المختصة بصفته الشخصية وليس بصفته مدير شركة وبالرجوع الى مدونات الحكم المطعون فيه وما تضمنه من مسوغات الإدانة نجد من بين ما جاء فيه بخصوص التطبيقات القانونية قولها ( وبتطبيق حكم القانون على واقعة الدعوى نجد ان ما اقدم عليه المستأنف بصفته صاحب شركة تعمل في اعمال المساحة على وضع زوايا حديد ) ومن ذلك نجد بأن المحكمة الاستئنافية قد غيرت في حكمها صفة المتهم الطاعن الواردة في لائحة الاتهام من ملاحقته بصفته الشخصية الى ملاحقته بصفته صاحب شركة تعمل في اعمال المساحة لصالح دائرة تسوية الأراضي الامر الذي يعد خروجاً على المبدأ العام المتحصل بشخصية وعينية لائحة الاتهام وهما قيدين ملزمين للمحكمة المختصة لنظر الدعوى مما يجعل حكمها مخالفاً للمادة 351 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ من حيث تطبيق وتفسير القانون على وقائع الدعوى وينحدر به الى البطلان مما يجعل الطعن وارداً على الحكم المطعون فيه من هذه الجهة فضلاً عن ان ربط المحكمة الاستئنافية للمتهم بالتهم المسندة اليه بالاستناد الى كونه مدير للشركة المنفذة للمساحة ووضع الحدود وزوايا الحديد يعد ضد وزن البينة ومنطوي على فساد في الاستئناف فالاصل أن البينة على المتهم بصفته الشخصية كما وردت بلائحة الاتهام باعتباره فاعل الجريمة الذي اظهر الركن المادي للجرائم المسندة اليه الى حيز الوجود المادي وليس بصفته مديراً للشركة ومسؤولاً عن موظفيه وان كان لها الحق قانوناً بأن تلاحقه بصفته الشخصية اذا هو شخصياً من قام بالفعل الجرمي او تلاحقه كمدير عن اعماله في الشركة اذا كان محالاً بهذه الصفة اصلاً او تلاحقه بتلك الصفة بالإضافة لملاحقة الشركة .

اما بخصوص السببين الأول والثاني فإننا نجد ان الاعتراف الذي بنت حكمها عليه لا يتوافر على ضوابط المادة 214 من قانون الإجراءات الجازئية المتطلبة في الاعتراف كدليل قانوني ، كما ان الحكم المطعون فيه من حيث التطبيقات القانونية لم يدلل على توافر تعمد المتهم الطاعن الاضرار بسيارة المشتكي كون جريمة الاضرار بمال الغير من الجرائم العمدية التي لا تقوم بدون القصد الجرمي المتحصل بإرادة ارتكاب الفعل الضار وإرادة تحقيق النتيجة المتحصله بالضرر حيث جاء الحكم قاصراً من هذه الجهة سيما وانه لا يتصور قيام هذه الجريمة على الخطأ غير العمدي وان وضع العلامات وزوايا الحديد التي تسببت في اضرار سيارة المشتكي لا يعدو وان يكون خطأ قد تنهض معه المسؤولية التقصيرية المدنية على فرض ثبوتها ، علاوة على ان البينة المقدمة من النيابة العامة والتي استعرضتها المحكمة الاستئنافية ومن قبلها محكمة الصلح جاءت سماعية وجاءت قاصرة عن اثبات ان المتهم هو من قام بوضع زوايا الحديد التي سببت الضرر لسيارة المشتكي او حتى انه كان موجوداً اصلاً في موقع الحادث ومن ذلك ما جاء بشهادة المشتكي نفسه الذي علم ان المتهم هو صاحب الشركة المنفذة للاعمال من خلال تواصله مع البلدية الذين اخبروه بذلك وقوله انه لم يشاهد المتهم المتهم يضع الزوايا وكذلك شهادة والد المشتكي بقوله انه لم يشاهد من وضع الزوايا وانه سأل شخص اسمه مصطفى والذي قال له انهم وضعو الزوايا بناء على طلب احد الجيران وقوله ان الشخص الذي يدعى مصطفى علمت انه يعمل مع المتهم من خلال البلدية وانه لا يعرف المتهم شخصياً ، وبالتالي يكون ما ذهبت به المحكمة الاستئنافية بنتيجة حكمها مشوب بالخطأ في تطبيق وتفسير القانون والفساد في الاستدلال والقصور من حيث التعليل والتسبيب وضد الوزن الصحيح والسليم للبينة المقدمة مما يجعل هذين السببين واردين على الحكم المطعون فيه ومستوجبين نقضه من هذه الجهة ايضاً .

                                                          لـــــــــــذلك

فإن المحكمة تقرر قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمصدرها لتحكم بها من جديد وفق هيئة مغايرة .

           حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 10/9/2023