دولـــــة فــــلســــــطين
السلطــــة القضائيـــة
المحكمة العليا / محكمــة النقض
"الحكـــــم"
الصادر عن المحكمة العليا / محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره
بإسم الشعب العربي الفلسطيني
الهـيئة الحـاكـمـــة بـرئاسة القاضـــــي الســــــــــيد خليل الصياد
وعضوية القاضيين السيدين : عماد مسوده ، سائد الحمد الله
الطـــــاعن : الحق العام
المطعون ضده : 1.محم.بادي/يعبد-جنين/طبيب في مستشفى جنين الحكومي
2. عب.الرب من جنين/خلة الصحوة/يعمل طبيب في مستشفى جنين الحكومي.
وكيلهما المحامي مجاهد ملحم
الاجــــــــراءات
بتاريخ 22/6/2023 تقدمت النيابة العامة بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية جنين بصفتها الاستئنافية بتاريخ 6/6/2023، في القضية الاستئنافية و الجزائية رقم 359/2022 والقاضي عملاً بأحكام المادة 337 من قانون الاجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 ، قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ اقرار المستأنف وعملاً بأحكام المادة 9/4 من قانون الاجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 الحكم بانقضاء الدعوى الجزائية لعلة التقادم.
تتلخص أسباب الطعن :
لهذه الاسباب تطلب النيابة العامة قبول الطعن شكلاً وموضوعاً ، ونقض القرار المطعون فيه واصدار القرار المتفق والأصول والقانون .
بتاريخ 1/8/2023 تقدم المطعون ضدهما بلائحة جوابية طلبا بنهايتها رد الطعن شكلاً وموضوعاً .
المحكمـــــــــــة
بالتدقيق والمداولة قانوناً، نجد بأن الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلاً.
وفي الموضوع، وعلى ما انبأت عنه اوراق الدعوة نجد بان النيابة العامة كانت قد أحالت المتهمين المطعون ضدهما الى محكمة صلح جنين لمحاكمتهما عن تهمة الخطأ الطبي الذي أدى الى التسبب بالوفاة خلافاً لأحكام المادة (19/2/3) من القرار بقانون رقم 31 لسنة 2018 بشان الحماية والسلامة الطبية بدلالة المادة (343) عقوبات لسنة 1960 ، وذلك بمكوجب لائحة اتهام جاء بتفاصيلها أنه " بتاريخ 8/10/2018 وفي ساعات متأخرة من الليل توجهت المشتكية المذكورة الى مستشفى جنين الحكومي وكانت بحالة ألم ولادة شديد وفي حوالي الساعة 2:30 مساءً حضر المتهم الأول د. مح.ي وقام باعطائها طلق صناعي وفي الساعة 4:20 مساءً عاد المتهم الأول د. م.؟د للمشتكية وقام باستخدام جهاز شفط الجنين بطريقة غير صحيحة ودون الرجوع للطبيب الاخصائي المناوب، مما أدى لسوء حالة المشتكية الصحية وفقد الوعي، ثم قام المتهمان المذكوران أعلاه بعد ذلك باجراء عملية قيصرية للمشتكية وقام المتهم الثانب د. عب.الرب اثناء العملية بقص الجزء الأمامي العلوي من عنق رحم المشتكية بطريقة غير طبية وغير صحيحة فأصبح أقصر من الجزء الخلفي السفلي مما أثر على صحة المشتكية وتسبب لها بمشاكل طبية لاحقة نتيجة ذلك، وعند اخراج الجنين ويدعى(س.ف) كان بحالة صحية صعبة للغاية وكان يعاني من نقص اوكسجين من الدرجة الرابعة مما أدى لتلف دماغه ، وثم نقله لحضانة مستشفى الرازي لسوء حالته الصحية ومكث فيها حوالي 45 يوم ثم تم تحويله لحضانة مستشفى المقاصد في القدس ومكث فيها حوالي شهر ثم تم ارجاعه لمستشفى جنين الحكومي، وبتاريخ 27/2/2019 توفي المولود (س.ف)نتيجة المضاعفات التي حصلت له بسبب ما قام به المتهمان وعدم تعاملهم بطريقة طبية وصحيحة مع حالة ووضع المشتكية الصحية اثناء المخاض والولادة والتأخر والمماطلة في توليدها كذلك بسبب سوء تشخيصها بشكل صحيح من قبل المتهمان والخطأ في كيفية توليد المشتكية واخراج الجنين، وتسبب أيضاً للمشتكية نتيجة ذلك بمضاعفات ومشاكل صحية كبيرة وتهتك وضعف شديد في عنق الرحم أثرت عليها وعلى صحتها وسببت لها ايضاً اجهاض ثلاثة مرات بعد وفاة الطفل س.ف، وذلك نتيجة الخطأ والاهمال الذي قام به المتهمان المذكوران في الولادة الاولى وعدم مراعاتهم للوضع الصحي للمشتكية وعدم التعامل معها بطريقة سليمة وقيامهم بقص عنق الرحم للمشتكية وان ما قام به المتهم جريمة يعاقب عليها القانون ).
باشرت محكمة صلح جنين نظر الدعوى وبجلسة 24/1/2022 اثار وكييل الدفاع دفعاً بانقضاء الدعوى الجزائية بالتقادم تأسيساً على ما جاء في لائحة الاتهام من انه بتاريخ 8/1/2018 منذ ذلك التاريخ الى تاريخ اثارة الدفع لم يتم اتخاذ أي اجراء قانوني في مواجهة المتهمين وفقاً لأحكام قانون الاجراءات الجزائية وبجلسة 30/11/2022 قررت محكمة الدرجة الأولى .
لم يرتض بالقرار فبادر للطعن فيه بالاستئناف لدى محكمة بداية جنين بصفتها الاستئنافية والتي بنتيجة نظر الطعن أصدرت حكمها بتاريخ 6/6/2023 قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف وعملاً بأحكام المادة 9/4 من قانون الاجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 الحكم بانقضاء الدعوى الجزائية لعلة التقادم ، لم ترتض النيابة العامة بالحخكم فبادرت للطعن به لدى محكمتنا بالطعن الماثل.
وعودة لأسباب الطعن وحاصلها واحد وهو تخطئة المحكمة الاستئنافية مصدرة الحكم محل الطعن والقاضي بانقضاء الدعوى الجزائية بالتقادم حيث انطوى على خطأ في تطبيق وتفسير القانون وعلى واقع الدفع المثار في الدعوى.
وفي القانون كما نجد بأن المادة 432/1 من قانون الاجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001 والتي نصت على ان مدة التقادم تحسب من اليوم التالي ليوم ارتكاب الجريمة نجد بأن المادة التاسعة من قانون الاجراءات الجزائية قد اوردت حالات انقضاء الدعوى الجزائية ومنها التقادم وان المادة 12 من ذات القانون نصت على أنه :
وأن المادة 13 من ذات القانون قد بينت حالات انقطاع مدة التقادم وذلك باتخاذ أي اجراء من اجراءات جمع الاستدلال أو التحقيق او الاتهام او المحاكمة اذ اتخذت في مواجهة المتهم أو اذا أخطر بها بشكل رسمي.
وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع واذا تعددت الاجراءات التي تقطع المدة فأن سريانها يبدأ من تاريخ آخر اجراء
وقد نص قانون الاجراءات الجزائية النافذ في الفصلين الأول والرابع من الباب التالف في المواد 55، 77، 80، 84، 90، في مباشرة التحقيق وسماع الشهود.
ومن حيث التطبيقات القانونية وبإنزال حكم القانون ونصوص المواد القانونية سالفة الإشارة على وقائع هذه الدعوى والملف التحقيقي(2348/2021) تحقيق نيابة جنين، نجد الحكم موضوع الطعن الماثل جاء مخالفاً لنص المادة(432/1) من قانون الإجراءات الجزائية النافذ وانطوى على خطأ في تفسيرها وتطبيقها على واقعة الدعوى في احتساب مدة التقادم من تاريخ الواقعة 8/10/2018).
إذ كان يتوجب عليها احتساب سريان التقادم من تاريخ اكتمال الجريمة وهو وفاة الطفل 27/2/2019 فالأصل أن تبدأ مدة التقادم اعتباراً من تاريخ وقوع الجريمة وهو تاريخ تمامها وليس تاريخ ارتكاب الفعل المكون لها، وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمتنا(أنظر نقض جزاء 678/2022 والقرار رقم 86/2020)، وفي ضوء ما تقدم فإن مدة التقادم يبدأ سريانها بتاريخ 28/2/2019 اليوم التالي لتمام الجريمة(وفاة الطفل س.ف).
كما نجد بأن المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تفسير وتطبيق نصوص المواد(12) و (13) من قانون الإجراءات الجزائية ذاته والتي نصت على التقادم وإجراءات إنقطاعه والتي تقرأ مع نصوص المواد(55، 77 ، 80 ، 84 ، 92) من ذات القانون والتي يتضح من خلالها أن إجراءات التحقيق وسماع الشهود وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة بموجب قرار اتهام ولائحة إتهام صادرة من النيابة العامة هي إجراءات قاطعة للتقادم، لأن تلك الإجراءات كما استقر عليه اجتهاد محكمتنا تتم دون حضور المتهم لأنها تتعلق بإجراءات تحقيقية لدى النيابة العامة وليست إجراءات أمام المحكمة، وهي إجراءات صحيحة قطاعة للتقادم ونشير إلى قرار نقض جزاء رقم(21/2021) بتاريخ 4/1/2021.
وبتطبيق ذلك على إجراءات الدعوى فإن وفاة الطفل(س.ف) بتاريخ 27/2/2019 تاريخ اكتمال الجريمة فإن مدة التقادم تبدأ من اليوم التالي للوفاة 28/2/2019، وتقديم الشكوى للنيابة العامة في شهر 7/2021 وسماع الشاهدة المشتكية لدى النيابة العامة بتاريخ 27/7/2021 وسماع الشاهد الدكتور أسا.ب بتاريخ 13/12/2021 وتاريخ الإحالة إلى محكمة صلح جنين بتاريخ 12/9/2022 وهذه الإجراءات جميعها قاطعة للتقادم ولا يوجد انقطاع بالاجراءات تزيد مدته على ثلاث سنوات، وبذلك تكون دعوى الحق العام مقامة ضمن المدة القانونية.
وحيث ذهبت محكمة الاستئناف إلى خلاف ذلك فيكون حكمها المطعون فيه بانقضاء دعوى الحق العام للتقادم مخالف للأصول والقانون مما يجعل الطعن وارداً على الحكم المطعون فيه، مما يستوجب نقضه.
لــــــــــــذلك
فإن المحكمة تقرر قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمصدرها لإعادتها غلى محكمة صلح جنين للسير في الدعوى من النقطة التي وصلت إليها.
حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 7/5/2024
الرأي المخالف المعطى من القاضي سائد الحمد الله
أخالف الأغلبية فيما قضت به وأجد أن الحكم المطعون فيه جاء بما قضت به تطبيقاً سليماً لنص المادة(13) من قانون الإجراءات الجزائية(3/2001) وتعديلاته، حيث أنه وبالتدقيق بنص هذه المادة فقد أوجبت في الإجراء القاطع لمدة التقادم سواء كان هذا الإجراء في مرحلة جمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي(الإتهام) أو المحاكمة أن يتخذ في مواجهة المتهم أو أن يخطر به بشكل رسمي.
ومن جانب آخر فإنني أخالف الأغلبية فيما جاء في أسباب حكمها:
تحريراً في 7/5/2024
القاضي المخالف
سائد الحمد الله