السنة
2017
الرقم
127
تاريخ الفصل
5 يوليو، 2017
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكــــــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

باسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئــــــة الحـاكـمــــــة بـرئاســــــة القاضــــــي الســــيـــد ابراهيــــم عمــــرو

وعضويــــــة القضـــــاة الســـــادة: مصطفى القاق، طلعت الطويل، طالب البزور، عصام الأنصاري.

الطـــاعــــــــن: الحق العام

المطعون ضده: س.خ

         وكيله المحامي: ناصر عويضة وجواد عبيدات

الإجــــــــــراءات

بتاريخ 14/02/2017 تقدمت النيابة العامة للطعن بالنقض بالحكم الصادر عن محكمة استئناف رام الله بالاستئناف جزاء رقم 540/2015، 541/2015والقاضي برد الاستئنافين موضوعا ً وتأييد الحكم المستأنف.

وتتلخص أسباب الطعن في:-

أن الحكم مبني على مخالفة لأحكام القانون في تطبيقه وتفسيره حيث أنه:-

1- أخطأت المحكمة برد استئناف النيابة العامة من حيث تعديل وصف التهمة المسندة بحق المطعون ضده من تهمة القتل العمد خلافا ً لأحكام المادة 328/1 ع60 إلى القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60 حيث أن اعتراف المتهم يقوم على أركان جريمة القتل العمد وكافة البينات كذلك.

2- أخطأت المحكمة عندما استبعدت العنصر النفسي لدى المطعون ضده باعتبار أنه يعاني من اضطرابات نفسية حالت دون قيام سبق الإصرار والتفكير الهادئ والمطمئن ولقد تناقضت محكمة الاستئناف في تعليلها ولم يستطع الدفاع إثبات جنون المتهم وكان مدركا ً لكنه أفعاله بما فيها التقرير الطبي ك/1 الذي يثبت مسؤولية الجاني عن فعله.

وأن عدم معالجتها للتناقضات في الصفحات 13، 14، 15 من حكم الدرجة الأولى يجعل الحكم شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التعليل.

3- القرار مخالف للقانون من حيث تطبيق العقوبة من حيث العقوبة المنصوص عليها في المادة 328/1 ع60 وليس القتل القصد عملا ً بأحكام المادة 326 ع60.

4- القرار يحتوي على خطأ في تاريخ إصداره.

5- القرار مشوب بعيب القصور في التعليل والتسبيب والفساد في الاستدلال وضد وزن البينة ويحتوي على تناقضات جوهرية وخاصة فيما يتعلق بالحالة النفسية التي تحدثت عنها محكمة الاستئناف.

وبالنتيجة طالبت النيابة العامة قبول الطعن موضوعا ً ونقض الحكم المطعون فيه وإصدار القرار المتفق والقانون والأصول.

تبلغ وكيل المطعون ضده لائحة الطعن بتاريخ 16/03/2017 ولم يتقدم بلائحة جوابية.

المحكمـــــــــــــــــة

بعد التدقيق والمداولة تجد المحكمة أن الطعن مقدم ضمن المدة المحددة قانونا ً ومستوفيا ً لشرائطه الشكلية لذا تقرر قبوله شكلا ً.

أما من حيث الموضوع

نجد أن النيابة العامة وبتاريخ 09/07/2007 أحالت المطعون ضده لدى محكمة بداية نابلس بتهمة القتل العمد خلافا ً لأحكام المادة 328 ع60.

وذلك على سند من القول أنه وفي حوالي الساعة التاسعة من صباح يوم 25/03/2007 قام المتهم س.خ بإغلاق باب المحل على المغدور س.ع من الداخل ثم أقدم على قتله بأن قام بضربه بماسورة كانت موضوعة خلف الباب بعدة ضربات على رأسه واعترف المتهم بالتهمة المسندة إليه.

وبعد إجراء المحاكمة وبتاريخ 28/02/2011 أصدرت حكمها القاضي بإدانة المتهم بالتهمة المسندة إليه بعد تعديل الوصف الجرمي للتهمة المسندة للمتهم من القتل العمد خلافا ً لأحكام المادة 328ع لسنة 60 الى القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60 وتبعا ً لقرار الإدانة قررت الحكم على المطعون ضده (المدان) بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر سنة وللمصالحة ولإسقاط الحق الشخصي والأخذ بها كأسباب مخففة وفق أحكام المادة 99/3 ع60 وفق التعديل رقم 40 لسنة 1960 تخفيض العقوبة حتى النصف وبالتالي وضع المدان بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة سبع سنوات وتصف على أن تحسم له مدة التوقيف الممتدة من 26/03/2007 ولغاية 26/02/2009.

لم يقبل المطعون ضده (المتهم) الحكم فطعن به لدى محكمة استئناف رام الله بالاستئناف جزاء رقم 123/2011.

وبعد إجراء المحاكمة بتاريخ 28/03/2016 أصدرت حكمها القاضي بقبول الاستئناف موضوعا ً وإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار إرجاء تنفيذ العقوبة وإعادة الأوراق لمحكمة البداية للتأكد من الوضع العقلي للمستأنف.

عادت محكمة بداية نابلس بنظر الدعوى وبعد إجراء المحاكمة وبتاريخ 15/01/2013 أصدرت حكمها القاضي بإدانة المتهم بالتهمة المسندة إليه بعد تعديل الوصف الجرمي من القتل العمد خلافا ً لأحكام المادة 328/1 ع60 إلى القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60 وعطفا ً على قرار الإدانة حكمت بوضعه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر سنة ونظرا ً للمصالحة وإسقاط الحق الشخصي الحكم بوضعه بالأشغال الشاقة لمدة سبعة سنوات ونصف محسوبة له مدة التوقيف.

وبالاستئناف رقم 11/2013 قررت محكمة الاستئناف بتاريخ 30/05/2013 إلغاء الحكم المذكور حيث أن التشكيل مخالف للنظام العام.

عادت محكمة بداية نابلس بالسير بالدعوى حسب ما جاء في قرار محكمة الاستئناف المذكور وبتاريخ 29/12/2013 أصدرت حكمها القاضي بإدانة المتهم بالتهمة المسندة إليه بعد تعديل التهمة الى القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60 وعطفا ً على ذلك الحكم بوضع المدان بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشرة سنة وعملا ً بأحكام المادة 99/3 تخفيض العقوبة لتصبح وضع المدان بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة سبعة سنوات ونصف محسوبة له مدة التوقيف.

لم يقبل المحكوم عليه (المتهم) بالحكم فطعن به من جديد لدى محكمة استئناف رام الله بالاستئناف جزاء رقم 23/2014 وبعد إجراء المحاكمة وبتاريخ 17/09/2014 أصدرت حكمها القاضي بقبول الاستئناف موضوعا ً وإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الأوراق لمحكمة بداية نابلس لمخالفة إجراءات انتداب القاضي رسلان عرفات للقانون.

عادت محكمة البداية لنظر الدعوى من جديد وبعد إجراء المحاكمة أصدرت حكمها بتاريخ 16/11/2015 وهو نفس الحكم الصادر من الهيئات وفي الأحكام السابقة وهو تعديل التهمة الى القتل القصد خلافا لأحكام المادة 326 ع لسنة 60 ووضع المدان خمسة عشر سنة بالأشغال الشاقة المؤقتة وعملا ً بأحكام المادة 99/3 تخفيض العقوبة للنصف ووضعه بالأشغال الشاقة لمدة سبعة سنوات ونصف محسوبة له مدة التوقيف.

لم تقبل النيابة العامة والمحكوم عليه (المتهم) الحكم فطعنوا به بالاستئنافين 541/2015، 540/2015 وبعد إجراء المحاكمة وبتاريخ 11/01/2017 أصدرت حكمها القاضي برد الاستئنافين موضوعا ً وتأييد الحكم المستأنف.

لم تقبل النيابة العامة الحكم فطعنت به للأسباب الواردة في لائحة الطعن.

أما عن أسباب الطعن،

فإننا نجدها في السببين الأول والثاني تنعي على الحكم أنه جاء مخالفا ً للقانون وذلك بتعديل التهمة من القتل العمد خلافا ً لأحكام المادة 328/1 ع60 إلى القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60.

ولما كانت المادة 328 من قانون العقوبات تفيد " يعاقب بالإعدام على القتل قصدا ً "، 328/1 (إذا ارتكب مع سبق الإصرار) وسبق الإصرار كما أجمع عليه الفقه والقضاء هو القصد المصمم عليه قبل القتل لارتكاب جناية القتل أي أن تفكير الجاني قد سبق إقدامه على تنفيذ الفعل الجرمي ويجب أن يكون هادئا ً مترويا ً وبالتالي ينطبق في ذلك عدم الخلط بين القتل وسبق الإصرار فسبق الإصرار يستدعي ثبوت التصميم السابق لوقوع الجريمة ويجب أن يكون مقرون بهدوء البال بمعنى أن  الجاني فكر فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبر عواقبه ثم أقدم على اقتراف الجريمة.

وعلى النيابة العامة ابتداء ً أن تثبت أن المتهم صمم وخطط على قتل المجني عليه ورتب وسائله قبل الإقدام على اقتراف الجريمة المسندة إليه وإلا حمل القتل على القتل القصد لا القتل العمد.
ومن الثابت في إفادة المتهم (المطعون ضده) أمام النيابة العامة أنه يفيد ((انتظرت المغدور في الجهة المقابلة لمحله حتى يأتي ولدى فتحه الباب قمت مباشرة بحمل حديدة موضوعة خلف الباب وبدأت بضربه بها..)) وبهذا يتضح أن وسائل تنفيذ الجريمة وهي أداة الجريمة (الحديدة خلف الباب) لم تثبت النيابة العامة أو تقدم الدليل على أنها من ترتيبات العقل الجرمي وهي وسيلة الجريمة وعلى سبيل الفرض الساقط (لو لم تكن الحديدة خلف الباب) ماذا كانت أداة الجريمة بما أن أداة تنفيذ الجريمة تكون جزءا أساسي من التفكير باستخدامها أثناء التنفيذ.

وبالتالي أن تقرير ماذا كان الفعل الذي أتاه المشتكى عليه هو من قبل القتل القصد وليس القتل العمد هو منوط بمحكمة الموضوع وقناعتها بوقوع الحادث بالصورة المنطبقة في الحكم خاصة وأن لمحكمة الموضوع الصلاحية في تقدير الأدلة ووزن البينة ووزن أقوال الشهود وخاصة تقارير الخبرة (الطبية) التي أُثبتت في مجملها ومنها التقارير الطبية الصادرة عن أخصائي الطب النفسي في 22/12/2007 وكذلك في 10/02/2008 والتقرير المعطى من أخصائي الطب النفسي في مستشفى د.كمال ناصر للأمراض النفسية في 18/12/2012 والتي أثبتت جميعها أن المتهم (المطعون ضده) يعاني من اضطرابات في الشخصية شديدة يتميز بالانطواء والعزلة والشعور بالبغض والتحسس من الآخرين وتوتر نفسي مرضي ووسواس قهري واكتئاب نفسي وبالتالي أن هذه الظروف النفسية تمنع بكل الأحوال التفكير الهادئ والروية وخير مثال على ذلك ما جاء في تقرير الطبيب النفسي في 02/12/2007 والذي أفاد ((عندما سوؤل عن الحادثة تبين أنها غير مخطط لها وليس المقصود المغدور وإنما تفريغه لمشاعره بأي شخص آخر و/أو بنفسه ولقد حاول تفرغة هذه الشحنة بنفسه عن طريق تقطيع شرايينه وأن ما حصل هو سلوك تفريغي مفاجئ نحو شخص دائما ً أمامه وليس المقصود بعينه والدافع مرض عصبي)) وهذا ثابت بمحاولته الانتحار بعد ارتكاب جريمة القتل كما جاء في التقرير الطبي المعطى من مستشفى نابلس التخصصي الذي أفاد محاولته الانتحار بتقطيع شرايينه في عدة أماكن من أطرافه العليا وكذلك إفادته الشخصية المعطاة لدى الشرطة في 26/03/2007 ((…. وبعد الانتهاء من ضربه تناولت شفرة (مشرط) من درج المكتب وقمت بضرب يدي الاثنتين حيث حاولت قتل نفسي)),

وحيث أن النية القتل العمد وسبق الإصرار هو من المسائل الواقعية التي يقررها قاضي الموضوع حسب ما يقدم إليه من أدلة مطروحة عليه ويتم تعديل الوصف الجرمي تبعا ً لذلك وبالتالي فإننا نجد أن ما توصلت إليه محكمة الموضوع من أن الفعل يفتقر الاصرار لقيام جريمة القتل العمد مما حدى بالمحكمة إلى تعديل الوصف إلى القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60 وهذا يتفق والتطبيق الصحيح للقانون ونتفق مع المحكمة فيما توصلت إليه مما يستوجب معه رد هذه الأسباب.

أما السبب الثالث والذي ينعي على الحكم مخالفته للقانون بتطبيق العقوبة المنصوص عليها في المادة 328/1 ع60 وليس عقوبة القتل القصد كون الوصف الصحيح هو القتل العمد.

أن هذا النعي لا يستقيم مع ما تم معالجته في السبب الأول من هذا الطعن حيث أنه تم الاتفاق مع محكمة الموضوع فيما توصلت إليه من تعديل الوصف والعقوبة تقدر حسب مادة الإسناد وهي القتل القصد خلافا ً لأحكام المادة 326 ع60 مما يستوجب رده.

أما السبب الرابع والذي ينعي على المحكمة الخطأ في تاريخ الإصدار فهذا خطأ مادي وقامت المحكمة بتصحيحه ولا يصلح سببا ً للطعن.

أما السبب الخامس والذي ينعي على الحكم أنه شابه القصور في التسبيب والتعليل والفساد في الاستدلال والتناقض بخصوص الحالة النفسية.

ولما كان الحكم واضح الدلالة لا جهالة فيه كاملا ً في منطوقه مبنيا ً على وقائع ثابتة بصورة جازمة فإن هذا الحكم لا يكون قاصرا ً في التعليل والتسبيب وإنما جاء مكتملا ً للعناصر المحددة في المواد 333، 276 من قانون الإجراءات الجزائية وبالتالي مستوجب رد هذا النعي عنه كما أن فساد الاستدلال هو استخراج من الواقعة ما لا تؤدي إليه وبالتالي أن ما بنيت عليه المحكمة حكمها في تعديل الوصف جاء متطابقا ً مع الوقائع كما قنعت بها مبنيا ً على أدلة ثابتة في ملف الدعوى مستخلصة النتيجة بشكل سليم منطقي يتفق مع الوقائع والعلل مما يستوجب رد هذا السبب وبالنتيجة رد الطعن.

 

لذلـــــــــــــــــــــــك

تقرر المحكمة رد الطعن موضوعا ً.

حكما ًصدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 05/06/2017