السنة
2016
الرقم
313
تاريخ الفصل
12 ديسمبر، 2016
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

" الحكــــــــــم "

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســـــــــــيد عبد الله غزلان

وعضوية القضاة السادة : ايمان ناصر الدين ، خليل الصياد ، هاني الناطور ، عدنان الشعيبي

 

الطـــــــاعــــــن  : ن.ا / الخليل

                             وكيله المحامي باسم مسودي ومشاركوه / الخليل

المطعــــون ضـده : الحق العام

الاجــــــــــــــراءات

-   بتاريخ 07/06/2016 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 17/05/2016 في القضية الاستئنافيه الجزائية رقم 207/2013 المتضمن الحكم برد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستانف .

-   وتتلخص اسباب الطعن بما يلي :-

1- اخطات محكمة الاستئناف في بناء حكمها المطعون فيه على بينة غير قانونية المتمثلة في افادة الطاعن امام الضابطة القضائية حيث تم اخذ الافادة بعد مرور اكثر من 24 ساعه على القبض مما يجعل تلك الافادة باطلة ....

2- اخطات محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه حيث وقعت بفساد في الاستدلال عند معالجتها لتقرير الكشف والمعاينه من حيث مكان وجود الظرف الفارغ العائد للرصاصة التي اطلقت من المسدس في السيارة خلافا لما هو ثابت في تقرير الكشف والمعاينه ....

3- اخطات محكمة الاستئناف في معالجتها للبينة الفنية حيث تم معالجتها على نحو يخرج عن مدلولها ومؤادها الحقيقي والواقعي ....

4- اخطات محكمة الاستئناف في عدم الاخذ بالبينة الدفاعيه وعدم التطرق اليها في الحكم المطعون فيه ....

5- اخطات محكمة الاستئناف في الاخذ باعتراف الطاعن امام الضابطة العدلية وهذا الاعتراف يناقض الحقيقية والواقع ...

6- اخطات محكمة الاستئناف بالنتيجة التي توصلت اليها وان التكييف القانوني السليم للتهمة المسندة للطاعن هي التدخل و/او الاشتراك بالتسبب بالوفاة خلافا لاحكام الماده 343 بدلالة الماده 88 من قانون العقوبات ....

7- اخطات محكمة الاستئناف في تكييف الفعل وفقا للماده 326 من قانون العقوبات وقولها بان الفعل الواقع في هذه القضية ينطبق والقصد الاحتمالي في حين ان القصد الاحتمالي لا ينطبق على الفعل وفقا لمفهوم القصد الاحتمالي بل هو قتل غير مقصود في صورة قلة الاحتراز ....

-   لهذه الاسباب يطلب وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه واجراء المقتضى القانوني .

-   بتاريخ 30/06/2016 قدمت النيابة العامة مطالعه خطية طلبت بنتيجتها رد الطعن شكلاً و/او موضوعاً .

المحكمـــــــــة

-   بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد ان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلاً.

-   وفي الموضوع وعن اسباب الطعن جميعاً ، نجد ان محكمتي الموضوع           (البداية والاستئناف) قد فصلت في الدعوى دون ان تستند الى وقائعها ، كما استخلصتها وقنعت بها من البينات المقدمة والمستمعه بها والنصوص القانونية الواجبة التطبيق على هذه الوقائع ، وانما اعتمدت في حكمها على واقعة النيابة العامة كما جاء في قرار الاتهام ولائحته من ان المتهم وبعد ان سحب المسدس من المغدور قام بسحب اقسام المسدس وتوجيه المسدس صوب المغدور وضغط على الزناد فخرجت طلقة من المسدس واصابت المغدور في رأسه فأرداه قتيلاً .

-   وان محكمتي الموضوع مقيدتان في حكمهما بتطبيق القانون على الوقائع الثابته التي توصلت اليها ، فكان عليها ان تبحث تلك الوقائع من جميع الوجوه وان تقضي بما ثبت لديها غير مقيدة بالوصف الذي جاء في اسناد النيابة العامة ، بل من واجبها ان تصف الواقعه بالوصف الصحيح الذي يسبغه القانون على ذلك الفعل طبقا لمؤدى ومفهوم الماده 270 من قانون الاجراءات الجزائية .

-   ولما كانت النية في القتل وسائر الافعال الجرمية القصديه الاخرى امر باطني يضمره الجاني في نفسه ولا يظهره وانما يستدل عليها من الافعال والشواهد الخارجية التي يقارفها الجاني اثناء ارتكاب الجريمة ، وان محكمتي الموضوع لم تبين او تحاول ان تستظهر كيف استدلت على ان نية المتهم قد انصرفت الى قتل المغدور سوى ما ورد بواقعة النيابة العامة في حين ان النيابة العامة لم تقدم أي بينة تثبت ان المتهم قد ارتكب جريمته عن قصد . ولا يكفي لاستخلاص نية القتل لدى المتهم الطاعن القول ان المتهم اصاب المغدور في مكان خطير من جسمه وهو الرأس وان كان يستنتج من ذلك ان استعمال سلاحا نارياً والاصابة في مكان خطر هي من القرائن التي يمكن استخلاص نية القتل منها ، فانه يتعين على المحكمة ان تاخذ بعين الاعتبار قرائن وظروف الدعوى التي من شأنها ان تؤكد او تنفي هذه البينة سيما ان وكيل الدفاع اثار عدم توفر نية القتل لدى المتهم .

-   وان الوقائع الثابته في الدعوى من خلال البينة المقدمة المتمثلة ببينات النيابة والدفاع التي توصلت اليها محكمتا الموضوع لا تصلح منطقياً لترتيب القول بتوافر القصد الجرمي لدى المتهم ن. وان ما استعرضته لعدد من الوقائع لتوافر القصد الجرمي فهو عباره عن استنتاجات في مخالفه للحقيقة والواقع والقانون ولما هو ثابت من خلال بينات النيابة العامة وذلك للاسباب التاليه :-

1- وجود علاقة صداقة حميمه وعلاقة عمل ما بين المتهم والمغدور .

-   حيث ورد في افادة المتهم التحقيقية (... قمت بالفرار من المكان خوفاً من والد المغدور ك.ا من انه يعتقد انني قتلت ابنه بشكل متعمد ...) .

-   كما ورد في اقواله لدى النيابة العامة (... ان المغدور ا.د هو صديقي منذ عشر سنوات وانا اعمل معه في البلاط ...) وفي افادته الدفاعيه لدى المحكمة (... ان علاقتي مع المرحوم كانت علاقة ممتازة وتربطنا علاقة الشغل والصداقة ولم نكن نفترق عن بعض الا في مواعيد النوم ...) .

-   وحول نفس الواقعه ورد في اقوال الشاهد م.د امام المحكمة (كان المتهم يحاول اخذ المسدس بشكل عادي وطبيعي والحديث بينهم عادي ومزح .... عندما حضر الناس كان يقول انا قتلت صاحبي مش بالعمد ...) .

-   وكذلك ما ورد بشهادة الشاهده ف. زوجة المغدور امام المحكمة (... ان المتهم صديق لزوجي منذ خمس سنوات ...) .

2- ان المغدور ا. هو الذي اتصل بالمتهم وطلب منه الحضور للذهاب معه في السيارة خاصته ...

-   حيث ورد في اقوال المتهم لدى النيابة العامة (... ساعات العصر قام ا.د بالاتصال علي وقال لي انزل باب الدار ونزلت وكان يسوق سيارة من نوع فيات ... وكان بجانبه احد اقاربه ويدعى م.د وانا ركبت في الكرسي الخلفي في الوسط ...) .

-   كما جاء باقوال الشاهد م.د امام النيابة العامة حول نفس الواقعه (... وتحدث بالهاتف مع شخص وعرفت انه يتحدث مع ن.ا وذهبنا الى منزل ن. وركب في الكرسي الخلفي وراء السائق مباشرة واتفق ن.مع ا. ان يذهبوا الى وسط يطا ...)

-   اقوال الشاهده ب.ع  لدى النيابة العامة (... ان المغدور ا. هو ابني ... خرج م.و ا. الى المطعم واتصل بهم ن.ا وهو صديق ابني وعلاقتهم منذ خمس سنوات وهي علاقة جيدة ... ون. دائماً يتصل بابني ...) .

3- واقعة اطلاق الرصاصة من المسدس وكيفية ذلك :

-   حيث ورد في افادة المتهم التحقيقية (... قمت انا باخذ المسدس ... وقال المغدور ا. احذروا الحبه في بيت النار وفجأة خرجت طلقة نارية من المسدس وهو في يدي واصابت رأس المغدور ...) .

-   كما جاء في اقواله لدى النيابة العامة حول تلك الواقعه (... وا. يحمل عادة مسدس لون اسود وانا ليس لدي خبرة في السلاح وانا دائما اشاهده يحمل سلاح وفي هذا اليوم كان معه مسدس وبعد سيرنا من منزلنا ... وبعد سماعي ان ا. يقول بان الحبه أي الرصاصة في بيت النار ووضعت يدي على المسدس واذا بالطلق طالع واصاب راس المغدور ...) .

-   كما ذكر الشاهد م.د في اقواله لدى المحكمة حول نفس الواقعه (... وفي منطقة خلة صالح قام المتهم باخذ المسدس من ا. حيث مد يده على جنب المغدور وسحب المسدس بعد خمس دقائق تقريباً ا. اخذ المسدس منه  حيث كان المغدور هو السائق وانا بجانب السائق وكان المتهم يجلس في المقعد الخلفي وبعد ان اخذ المغدور المسدس من المتهم وضعه بين رجليه واثناء سيرنا في الطريق حاول المتهم اخذ المسدس اكثر من مرة الا ان المغدور رفض اعطاءه المسدس ... وكان يحاول اخذ المسدس بشكل عادي وطبيعي والحديث بينهم عادي ومزح عندما وصلنا منطقة تسمى مثلث المطينه في يطا وذكر المتهم والمغدور عائلة ع. ودخلوا في منطقة بجانب بيت ا.ب  وتوقفت السيارة ، وقام المغدور بالتحدث بالهاتف وقام المتهم بمد يده لاخذ المسدس من بين رجلي المغدور الا انه ضربه على يده ولم يعطه اياه حيث ضربه بشكل مزح في المرة الاخيره اخذ المتهم المسدس وسحب اقسام المسدس وان المغدور شتمه ... وقال له ... الحبه على بيت النار وفي هذه الاثناء خرجت رصاصة حيث اصابت المغدور برأسه ...)

4- قرب المسافة التي كانت تفصل بين المتهم والمغدور وتوقف المتهم عن اطلاق النار بعد ان اصاب المغدور في رأسه مع انه كان بامكانه مواصلة اطلاق النار وقيامه باسعاف المغدور بسيارة الشاهد ص.ب الى مستشفى الاعتماد .

-   وعليه وحيث وان كان توافر عنصر القصد الجرمي (النيه الجرمية) من عدمه يدخل ضمن صلاحية محكمة الموضوع ، الا انه يشترط ان يكون الاستخلاص سائغاً تؤيده ظروف الدعوى ووقائعها ، وحيث ان ظروف الدعوى ووقائعها على ضوء ما سبق بيانه لا يؤدي الى ما توصلت اليه لانها استخلصت قناعتها من استنتاجات لا تكفي للوصول الى النتيجة التي خلصت اليها ، وهو نفي لدليل ثابت في اوراق الدعوى فيكون الحكم المطعون فيه في غير محله وهذه الاسباب ترد عليه مما يستوجب نقضه من حيث وصف التهمة المسندة للمتهم الطاعن والعقوبة المحكوم بها .

-   وبتطبيق القانون على الوقائع الثابته المشار اليها اعلاه ، نجد ان الافعال الصادرة عن المتهم الطاعن ن.ا والحالة هذه لا تشكل جناية القتل القصد خلافا لاحكام الماده 326 بدلالة الماده 64 من قانون العقوبات كما ذهبت في ذلك محكمتا   الموضوع ، وانما تشكل بالتطبيق القانوني السليم سائر اركان وعناصر جنحة التسبب بالوفاة ، لان القتل الخطأ لا تنصرف فيه ارادة الجاني الى المساس بحياة المغدور وسلامة جسمه ، وانما تترتب الوفاه على توجيه الارادة توجيهاً خاطئاً فتحصل الوفاة بسبب الاهمال وقلة الاحتراز او عدم مراعاة القوانين والانظمة مما يتعين تعديل وصف التهمة المسندة للمتهم الطاعن .

-   لهذا كله واستناداً لما تقدم نقرر قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه واعادة الاوراق لمصدرها محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايره في ضوء ما بيناه .

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني في 12/12/2016