السنة
2019
الرقم
449
تاريخ الفصل
29 يناير، 2020
المحكمة
محكمة استئناف رام الله
نوع التقاضي
استئناف جنايات
التصنيفات

النص

 

الحكم

 

الصادر عن محكمة استئناف رام الله بهيئتها الجزائية المأذونة
 بإجراء المحاكمة واصداره باسم الشعب العربي الفلسطيني

 

الهيئــة الحاكمــة برئاسة القاضي السيد سعد السويطي
وعضــوية القـاضـيين السيدين محمد عياد العجلوني ومنذر دعنا

 

الاستئناف رقم 470/2019

المستأنف :- الحق العام

 

 

المستأنف ضده :-  ش.ا / جنين

 

الاستئناف رقم 449/2019

المستانف : ش.ا / جنين

        وكيله المحامي صافي سعيد و/او رامز خضر مجتمعين و/او منفردين / جنين

 

 

المستأنف ضده :-  الحق العام

موضوع الاستئناف : القرار الصادر بتاريخ 26/9/2019 في القضية الجزائية رقم 110/2019 بداية رام الله ورقم 112/2018 جنايات كبرى والقاضي بادانة المستانف ضده بالتهمة المعدلة وهي القتل القصد  خلافا لاحكام المادة 326 من قانون العقوبات النافذ والحكم عليه بوضعه بالاشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة .

لائحة واسباب الاستئناف رقم 470/2019

1- لورود الاستئناف ضمن المدة القانونية واستيفاءه للشرائط القانونية والشكلية فان النيابة تلتمس قبوله شكلاً .

2- اما من حيث الموضوع فان النيابة العامة تتقدم بهذا الاستئناف لتحاكم الحكم للاسباب التالية :

أ‌    الحكم المستانف مبني على الخطأ في تطبيق القانون .

الطلب : لجميع هذه الاسباب الواردة في لائحة الاستئناف او لأي سبب اخر تراه محكمتكم مناسبا يلتمس المستانف قبول الاستئناف شكلاً ومن ثم موضوعاً وبالنتيجة ولما للمحكمة من صلاحية ولكون الدعوى صالحة للفصل فيها اصدار الحكم المتفق واحكام القانون وذلك بانزال الوصف القانوني الصحيح على الواقعة موضوع هذا الاستئناف وفق القيد والوصف المبين في لائحة الاتهام وهي تهمة القتل سندا لأحكام المادة 328 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 60 وادانة المستانف ضده بهذا الوصف على ضوء البينات المقدمة من النيابة العامة والحكم تبعا لذلك بايقاع عقوبة الاعدام بحق المستانف ضده .  

 

لائحة واسباب الاستئناف رقم 470/2019

1- قرار الحكم مخالف للاصول والقانون وغير معلل ومبني على وقائع غير منتجة وشهادات مبنية على السماع .

2- اما من الناحية الموضوعية :

1- اخطأت محكمة بداية رام الله مصدرة القرار بتعديل وصف التهمة الى القتل القصد خلافاً لأحكام المادة 326 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 باعتبار ان اداة الجريمة بطبيعتها قاتلة .

2- ان الحكم الصادر بحق المستانف قد خالف الاصول والقانون .

3- اخطأت محكمة بداية رام الله في وزن البينة .

4- اخطأت محكمة بداية رام الله في وزن البينة بتكيفها للتهمة بأنها القتل القصد .

5- اخطأت محكمة بداية رام الله في وزن البينة وفي تحليل وقائع الدعوى من حيث انها لم تأخذ بشهادة الشهود اللذين اكدوا ان نية المتهم اتجهت الى الايذاء فقط وذلك من خلال اقوالهم امام المحكمة بأنه قال انه يريد ان يعلم عليه فقط وليس قتله .

الطلب : لكل هذه الاسباب ولما تراه محكمتكم من اسباب اخرى يلتمس المستانف من محكمتكم قبول الاستنئاف شكلاً وموضوعا وبالتالي فسخ القرار المستانف وبالنتيجة تعديل وصف التهمة الى الايذاء الذي افضى الى موت و/او اعتماد صك الصلح والاخذ بالاسباب التخفيفية بحق المتهم .

 

الاجراءات

في المحاكمة الجارية علنا في الاستئناف رقم 470/2019 وفي جلسة 20/11/2019 تم قبول الاستئناف شكلا  وكررت النيابة لائحة الاستئناف وانكرها وكيل المستأنف  وبذات الوقت ضم هذا الاستئناف الى الاستئناف رقم 449/2019 للنظر بهما معا كون الاستئنافين مقدمين من اطراف الدعوى الاساس وعلى ذات الحكم. وفي جلسة 20/11/2019 تم قبول الاستئناف رقم 449/2019 شكلا . وكرر وكيل المستأنف لائحة الاستئناف وانكرها ممثل النيابة العامة وفي جلسة 8/1/2020 قدم وكيل المستأنف في الاستئناف رقم 449/2019 مرافعته الخطية ملتمس بالنتيجة تعديل وصف التهمة الى الايذا المفضي الى الموت او الاخذ بالصك العشائري لتخفيف العقوبة. وترافعت النيابة العامة ملتمسة بالنتيجة رد الاستئناف رقم 449/2019 وقبول استئنافها رقم 470/2019 موضوعا وتعديل وصف التهمة الى القتل العمد . وفي جلسة 29/1/2020 ختمت اجراءات المحاكمة وتلي الحكم التالي علنا :-

المحكمة

بعد التدقيق والمداولة في الاستئنافين رقم 449/2019 و 470/2019 وبالرجوع الى الاسباب الواردة فيها والى الملف الاساسي وما قدم فيه من بينات وبالتدقيق في الحكم الصادر عليه هذه الاستئنافات ، ولما لمحكمتنا من صلاحيات وبصفتها محكمة طعن وموضوع ايضا وبالرد على اسباب الاستئنافات تجد المحكمة ما يلي :-

بهذا الخصوص تجد المحكمة بان النيابة العامة قد احالة المستأنف (المتهم) في الاستئناف رقم 449/2019 الى محكمة بداية رام الله بموجب قرار ولائحة اتهام مسند له تهمة القتل العمد خلافا لاحكام المادة 328 عقوبات رقم 16 لسنة 1960 . وملخص للوقائع الواردة تفاصيلها في لائحة الاتهام (بتاريخ 19/3/2013 اقدم المتهم المذكورعلى قتل م.ا 19 سنة وذلك في منطقة بيتونيا في داخل مصنع شركة بسامكو التي يعمل بها المتهم والمغدور وقام بقتله بواسطة طعنه باستخدام موس كباس كان المتهم قد احضره قبل قيامه بقتل المغدور بيوم واحد من منزله بعد ان فكر مليا بقتل المغدور وبالفعل قام وباليوم التالي أي بتاريخ 19/3/2013 بضرب المغدور بواسطة ذلك الموس في رقبته وظهره ورأسه عدة طعنات وذلك على اثر خلاف على ادوات العمل كان قد وقع قبل وقوع جريمة القتل بيوم وبالتحقيق مع المتهم من قبل النيابة العامة اعترف صراحة بالتهمة المسندة له ).

لقد استمعت محكمة الدرجة الاولى الى البينات المقدمة من الاطراف ومن ثم المرافعات وخلصت الى نتيجة وهي ادانة المستأنف في الاستئناف رقم 449/2019 بتهمة القتل القصد وفقا لاحكام المادة 326 من قانون العقوبات  بدلا من تهمة القتل العمد وفق المادة 328 من نفس القانون والحكم عليه بالاشغال الشاقة المؤقته مدة خمسة عشر سنة تخصم له مدة التوقيف . لم ترتض النيابة العامة في هذا الحكم من حيث تعديل وصف التهمة كون ، وكذلك المتهم لم يرتض في هذا الحكم وتقدم كل منهما بالطعن في الحكم لدى محكمة الاستئناف .

من خلال البينات المقدمة امام محكمة الدرجة الاولى ورد المتهم على التهمة المسندة له تجد المحكمة بان المتهم قد صرح امام محكمة الدرجة الاولى في جلسة 15/9/2013 وبمعرض الرد على التهمة المسندة له : (والله انني لم اكن اتعمد قتل المغدور وصحيح قبل بيوم كان هناك مشكلة الا انني لم اكن انوي قتله والمغدور افتعل مشكلة يوم الحادث فقمت بضربه ولم اكن انوي قتله ) . كما ان المتهم من خلال افادته امام النيابة العامة بتاريخ 19/3/2013 وهي من ضمن المبرز المميز بالحرف من ن/1 الى ن/3 حيث جاء فيها : ( انا مذنب عن التهمة المسندة لي وصحيح ما هو مسند لي حيث انني قمت بتاريخ اليوم وحوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا بقتل المغدور ز.ا وذلك عن طريق ضربه بواسطة موس كباس في رقبته مما ادى الى وفاته وكان ذلك في مكان عملي في شركة بسامكو الكائن في بيتونيا ...انا اعمل في شركة ب. في بيت اونيا ... تعرفت اثناء عملي على المغدور وانا بشغلي وهو بشغله وما بقري عليه وان المغدور بشتغل في قسم لحاله في نفس الشركة ... المغدور عادة ما كا يستهزء في اهل جنين ... وكان المغدور لما يلاقيني صدفة يصير يستهزء ويصير يجاكر فيا ... ومن يومين كان المغدور يتحركش بي وكان يجي يوخد من عندي عدة ... قال لي المغدور فش تيجي على جهتي توخد اشي بدون علمي ومسكني من بلوزتي ودفعني على السيارة ... عند انتهاء الدوام حضر المغدور وسألني وين المفاتيح اللي اخذتهم وانا قلتله هيهم موجودات عندي وقال لي خذهم والحقني فيهم زي الكلب تحت ... اقترب المغدور مني ومسكني من رقبتي في يديه الاثنتين وشد على رقبتي لحد ما قربت اني انخنق وبعدها حضر صاحب الشركة واسمه س.ع وابعد المغدور عني ... وانا ضليت ماشي على السكن اللي بنام فيه ولما وصلت السكن استنيت دوري وتحممت وخلصت الحمام وطلعت وكانت الساعة حوالي الثامنة مساء وبعدها قعت ربع ساعة لحد ما نشف شعري ولبست واطلعت انا وصاحب اسمه ا.ز  وتوجهنا الى محل ملابس واشتريت بيجاما نوم وسعرها 60 شيكل ...بعدها رجعنا على السكن وكانوا الشباب سهرانين على التلفزيون وسهرنا معهم وبعدها قمنا على الغرفة ولعبنا شطرنج ... انا اول ما وصلت السكن حكيت لاخوي س. عن المغدور انه بضل يستفز فيا واخوي س. قال لي دشرك منه واحكي للمعلم تبعك س.  وس. بشوفلك حل وببطل المغدور يستفز فيك وهذا الحكي يلي كان امبارح بالليل ... اليوم صحيت من النوم ولبست اواعي الشغل وحطيت موس في جيبتي تحسبا ان المغدور م.ا يعتدي علي او اشي زي هيك والموس اخذته معاي وحطيته في جيب البنطلون اليمين وطلعت من السكن ورحت على الدكان اللي جنب المصنع علشان افطر هناك انا وشقيقي س. وشباب اخرين وافطرنا ... دخلت المصنع ورحت اتجاه شغلي وهو في اخر المصنع من فوق وشغلت ماكينة اللحام ولحمت جزء من شقفة شوي وبعدها طلب مني المعلم ا.م اروح اشتري كفوف الي واله ورحت اشتري كفوف ... ورجعت بدي ابلش شغل والحم تذكرت انه في قطع ناقصة لازم اوصي عليها من محل مقابل المصنع وانا طالع من المصنع وقبل ما اتجاوز حدود المصنع شافني المغدور وصار يتطلع بي ويبحرني ويحكي ويتمتم وقال لي المغدور يلعن ابوك وانا عصبت وحملت الموس وطلته من جيبي وفتحته وهجمت على المغدور م.ا ومسكت المغدور من ايده الشمال معطيني ظهره ولفيته جهتي وضربته بالموس على رقبته من جهة الشمال وبعد ما ضربته رفع المغدور ايده عشان يحمي حاله وانا حاولت اضربه كمان ضربة واتوقع ان الضربة طبت في اصابع ايده وضربته كمان ضربة في اعلى منطقة الظهر وبعدها المغدور حط ايده على رقبته ولف حولين الطرك وانا شردت وانا ما كنت ماشي سريع واجوا عمال المصنع وحملوا المغدور وانا كنت ماشي قدامهم وصاروا الشباب يصيحوا ويقولوا شغلوا السيارة بسرعة على المستشفى وفي واحد اسمه س. يكون حسب ما بعرف ابن عم صاحب الشركة صار يسأل مين اللي ضرب المغدور والشباب قالوا له انه انا اللي ضربته وقام س. ودخلني الى داخل المكتب وبعدها حضر ضابط من الامن الوقائي واخذوا هويتي واخذوا الموس من جيبي وانا قلت لهم بانني انا اللي ضربت المغدور وبعد ذلك حضرت الشرطة وقاموا باخذي الى مركز شرطة بيتونيا وهذا ما حصل ...انا اشتريته من مدينة جنين منذ فترة لا اذكرها بمبلغ عشرة او خمسة عشر شواكل نعم ان ما تعرضه علي المبرز ن/2 هو الموس الذي استخدمته في قتل المغدور م.ا ... لا لم اخطط مسبقا لقتل المغدور ... انا بالعادة لا احمل الموس ولكن اليوم حملته احتياطا ... كنت قاصد اضرب المغدور بالموس على وجهه مش على رقبته وما بعرف كيف الموس اجى في رقبته ... نعم سالت منه الدماء وبشكل غزير ... كنت معصب على الاخير ومش شايف قدامي وضربته كمان ضربة وانا شفت دم مليان على الارض بعد ما ضربت المغدور ... انا اشتريت الموس وقررت احمله معاي من مبارح لاني بدي اعلم عليه في وجهه ... نعم ادليت بافادة لدى المباحث وهي واقعة على اربع صفحات وموقعة بتوقيعي وادليت بها بكامل ارادتي ولم اتعرض لضغط او اكراه ...) . كما انه ومن خلال افادة المتهم لدى الضابطة القضائية المبرز ن/19  جاءت متوافقة مع افادته امام النيابة المذكورة والتي اكد المتهم من خلال افادته امام النيابة بان افادته امام الضابطة القضائية اخذت منه دون ضغط او اكراه وانه وقع عليها بارادته ومن بعض ما جاء في افادته هذه : ( ... كان ينظر اللي وسمعته يقول طيب ماشي انا بورجيك وكان يتمتم بكلمات لم اسمعها جيدا واثناء ذلك لم اتمالك اعصابي حيث كان يمشي امامي باستهزاء ويتمتم ... تناولت الموس من جيبي وقمت بفتحه وتوجهت اليه وقلت له مالك ومسكت يده الشمال ورفعت يدي التي امسك الموس بها وهي اليمين وقمت بضربه في رقبته من الجهة اليسرى ورفعت يدي مرة ثانية وضربته مرة اخرى بالموس في كتفه وحسب ما اذكر انه قام بدفع يده اليمنى واعتقد انه اصيب باصابعه اثناء الضربة الثانية واعتقد انه اصسب بقشط في رأسه من الخلف ...). كما ان المحكمة ومن خلال شهادة الدكتور يوسف عبدالله طبيب شرعي والتقرير الطبي القضائي المنظم من قبله المبرز ن/20 تجد ما يؤكد صحة اعتراف المتهم حيث جاء في شهادة الدكتور المذكور : ( ... انا قمت بالكشف على جثة المتوفى م.ا وقمت باجراء الصفة التشريحية له واذكر انني شاركت في تشريح الجثة ... ان الجروح التي شاهدتها على الجثة هي جروح ناتجة عن اداة حادة طاعنة ... الاداة الحادة طول نصلها لا يقل عن 4سم وذلك من عمق الجروح التي تم اجراء الكشف عليها ... ان سبب الوفاة هو النزيف الدموي الناتج عن اصابة وقطع الاوعية الدموية الرئيسية ...ان الوريد الذي اصيب مباشرة باوعية دموية كبيرة متصلة اساسا بالقلب وانه في حال قطع الشريان السباتي يحتاج الى دقائق قليلة لمفارقة الانسان للحياة ...) . كما جاء في التقرير الطبي القضائي المذكور : ( ... الاصابات 1) جرح طعني بطول 9سم يقع بمنتصف الجهة الجانبية اليسرى من العنق تظهر من خلاله قطع في الانسجة والاوردة والشرايين الرئيسية 2) جرح قطعي بطول 2.5سم يقع على الجزء العلوي من الظهر غير نافذ الى التجويف الصدري 3) جرحان قطعيان يقعان في اسفل المنطقة القفوية للرأس 4) ثلاث جروح قطعية على ظاهر اصابع اليد اليمنى .... الاداة المستخدمة حادة طاعنة ذو حافة حادة واحدة طاعنة طول نصلها لا يقل عن 4سم... سبب الوفاة هو النزيف الدموي الشديد الناتج عن اصابة وقطع الاوعية الدموية الرئيسية للعنق الناتج عن الاصابة باداة حادة طاعنة ). كما ان باقي شهود النيابة جاءت متوافقة مع افادة المتهم لدى النيابة وافادته لدى الضابطة القضائية والتي وردت مفصلة في الحكم المستأنف.

وبالرجوع الى الاسباب الواردة في الاستئنافين تجد المحكمة بأن استئناف النيابة تركز في نقطة واحدة وهي خطأ محكمة الدرجة الاولى في تعديل وصف التهمة من القتل العمد لتصبح القتل القصد . اما استئناف المتهم فقد ركز على فعل المتهم يشكل الايذاء المفضي الى الموت وليس القتل القصد . لذلك فان المحكمة للوقوف على الوصف الصحيح للفعل المرتكب من قبل المتهم لا بد من البحث في القصد الجرمي لدى المتهم ، وحيث ان القصد الجرمي امر باطني يستدل عليه من الظروف الخارجية المؤدية اليه وكذلك من الافعال المادية التي قام بها الجاني والاداه التي استخدمها ومكان وعدد الاصابات وخطورتها على الحياة .

تجد المحكمة من خلال افادة المتهم لدى النيابة ولدى الضابطة القضائية وفق ما ورد اعلاه انه استخدم في جريمته اداه وهي موس وحيث ان هذه الاداة هي اداة قاتلة بطبيعتها كونها اداة طعنية وقطعية ، كما ان المغدور قد تلقى عدة ضربات من الجاني حيث ان هناك اصابات في فروة رأس المغدور واصابة في عنقه واصابة في ظهره واصابات في اصابع يده(اصابة دفاعية) ، كما ان مكان هذه الاصابات جميعها (عدى الاصابة الدفاعية) هي اصابات في اماكن خطرة من جسم المغدور ، تصنيف هذه الاصابات منها الخطرة أي التي تشكل خطورة على حياة الشخص مثل اصابة اعلى ظهر المغدور واصابات فروة رأس المغدور ، ومنها ايضا يصنف بالاصابة القاتلة وهي اصابة المغدور في عنقه (جرح طعني بطول 9سم يقع بمنتصف الجهة الجانبية اليسرى من العنق تظهر من خلاله قطع في الانسجة والاوردة والشرايين الرئيسية ) . حيث ان الاصابة الخطرة هي اصابة تشكل خطر على حياة الانسان ولكن اذا كان هناك تدخل طبي سريع يمكن في هذه الحالة انقاذ المجني عليه ، بينما في الاصابة القاتله فان النتيجة الوحيدة لهذه الاصابة هي الوفاة حتى لو كان هناك تدخل طبي فلا مجال لانقاذ المصاب وهذا ما عبر عنه الطبيب الشرعي في شهادته المذكورة اعلاه حيث قال : (ان الوريد الذي اصيب مباشرة باوعية دموية كبيرة متصلة اساسا بالقلب وانه في حال قطع الشريان السباتي يحتاج الى دقائق قليلة لمفارقة الانسان للحياة ) . كما ان المتهم ومن خلال البينة اعلاه تجد المحكمة بانه تعرض لاهانة من قبل المغدور قبل حدوث الواقعة بيوم وان حمله للموس كان بهدف استخدامه في حال ان تم الاعتداء عليه او اهانته مرة اخرى من المغدور وحيث ان المغدور وحسب ما ورد في افادة المتهم اعلاه قد استفز المتهم وشتمه وسبه مما دفع المتهم للقيام بطعن المغدور عدة طعنات في اماكن خطرة وقاتلة ولم يبتعد عنه الا بعد ان تأكد من تحقيق النتيجة التي رغب بها حيث شاهد المغدور ينزف الدماء بغزارة  .

من كل ذلك تجد المحكمة بأن قصد المتهم وارادته قد اتجهت الى ازهاق روح المغدور وذلك من خلال قيام المتهم بطعن المغدور عدة طعنات في اماكن خطرة من جسم المغدور واستخدامه اداة قاتلة بطبيعتها ، فلو اراد المتهم ايذاء المجني عليه فقط لكان قد ضربه ضربة واحدة وفي مكان لا يشكل خطورة على حياة المغدور ، لكن الطعنات المذكورة اعلاه تؤكد على ان نية المتهم اتجهت الى قتل المغدور وليس ايذاءه ،حيث انه اقدم على هذا الفعل بارادة حره وعلم بان ما يقوم به من افعال ستؤدي الى النتيجة التي حصلت حيث اقدم على هذه الافعال واتجهت ارادته الى تحقيق النتيجة التي حصلت وهي ازهاق روح المجني عليه .

اما فيما يتعلق بسبب استئناف النيابة المتمثل بان ما قام به المتهم يشكل جريمة القتل العمد وليس القتل القصد فان المحكمة تجد بان القتل العمد يجب ان يتوافر فيه عنصر الاصرار والتصميم وحيث ان الاصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل ارتكاب الفعل وان يكون الجاني قد فكر وخطط لما عزم عليه ورتب الوسائل وتدبر العواقب ثم اقدم على الفعل وهو هادىء البال ، وبالعادة يقترن الاصرار بالتربص . وان مجرد حمل المتهم موس ليس بالضرورة ان ينبىء بتوافر ركن سبق الاصرار ، وان عزم المتهم على الانتقام من المغدور بسبب اهانته قبل يوم من واقعة القتل لا يكفي وحده لتوافر ركن سبق الاصرار بل يجب فوق ذلك ان يكون الجاني قد فكر بما عزم عليه ورتب وسائله وتدبر عواقبه ثم اقدم على ارتكابه القتل وهو هادىء البال بعد ان زال عنه تأثير الغضب وحيث ان النيابة العامة لم تثبت ان المتهم قد صمم على قتل المغدور فان القتل يحمل على القتل القصد لا العمد .

وبخصوص ما اثاره المستأنف في استئنافه بان المحكمة لم تطلع على اداة الجريمة لتعرف اذا كانت بطبيعتها قاتلة ام لا واعتبر ان نصل الاداة المستخدمة اقل من 10سم وبالتالي هي غيرقاتلة بطبيعتها على اعتبار ان الجروح لا تتجاوز 5سم وفق التقرير الطبي .

بالرد على ذلك تجد المحكمة بان هناك جروح طولها 9سم ذكرت في التقرير الطبي القضائي هذا من جهة ومن جهة اخرى فان طول نصلة الادة لا علاقة له لاعتبارها قاتلة بطبيعتها ام لا حيث ان طول النصلة 10سم المذكورة في استئناف المتهم لا تعتبر معيار لاعتارها قاتلة ام لا وانما ورد ذلك في قانون العقوبات لغايات اعتباره سلاح يمنع حمله ام لا . كما انه لابد من الاشارة ان الاداة القاتلة بطبيعتها ليست دائما دليلا على نية القتل وكذلك الاداة غير القاتلة بطبيعتها ليست دائما دليلا على عدم توافر نية القتل ، انما يجب فوق ذلك اخذ بعين الاعتبار طريقة استخدام هذه الاداة ومكان استخدامها ، ومثال ذلك العصى لا تعتبر اداه قاتلة بطبيعتها ولكن قد تستخدم بالضرب على رأس شخص وتسبب تهتك في الجمجمة والدماغ وتؤدي الى الوفاة هذا يدل على توافر نية القتل ، كما ان المسدس اداة قاتلة بطبيعتها ولكن قد يتم اطلاق عيار ناري واحد فقط منه على الرغم من وجود عشرة رصاصات في مخزنه وتكون الاصابة في القدم مثلا هذا يدل على عدم توافر نية القتل . 

لكل ذلك تجد المحكمة بان النتيجة التي توصلت اليها محكمة الدرجة الاولى صحيحة ونقرها على ما توصلت اليه حيث ان ما توصلت اليه من قناعة له اساس ثابت في اوراق ملف الدعوى ، وحيث ان اسباب استئناف المتهم واسباب استئناف النيابة العامة لا ترد على الحكم المستأنف وواجبة الرد .

لذلك

لكل ما ذكر اعلاه وتأسيسا على ما تقدم تقرر المحكمة رد هذين الاستئنافين موضوعا وتأييد الحكم المستأنف .

حكما حضوريا قابلا للطعن صدر وتلي علنا باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم بتاريخ 29/1/2020