السنة
2018
الرقم
1292
تاريخ الفصل
12 يونيو، 2019
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكـــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســــــيد عبد الله غزلان

وعضويــــة القضــاة الســــادة : حلمي الكخن ، بسام حجاوي ، محمد الحاج ياسين ، عصام الانصاري.

 

الطـــــاعـــــن : شادي أحمد يوسف عمله

                     وكيلاه المحاميان مازن عوض و/او جهاد جرادات / الخليل .

المطعون ضدها : شركة التكافل الفلسطينية للتأمين

                    وكيلاها المحاميان راتب محيسن و/او لؤي أبو جابر / رام الله .

 

الإجــــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 24/07/2018 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 04/07/2018 عن محكمة استئناف القدس في الاستئناف المدني 657/2017  القاضي بإلغاء الحكم المستانف والحكم بعدم قبول دعوى المستانف لعدم صحة الخصومة .

تتلخص اسباب الطعن بالنعي على الحكم المطعون فيه

1.  الخطأ برد الدعوى ذلك ان الحكم المطعون فيه جاء مخالفا لصريح نص الماده 127/1 ، 127/2 من قانون العمل إذ ان من حق العامل الرجوع على رب العمل و/او شركة التامين .

2.  الحكم المطعون فيه لا يتفق مع اللائحة الجوابية المقدمة من المطعون ضدها اذ ان البند العاشر منها تضمن ( وتبدي بانها غير ملزمة باية تعويضات تتجاوز التزاماتها المحددة في بوليصة التأمين و/او قانون التامين ) كما ان الشركة المطعون ضدها قامت بتغطية كافة المصاريف الطبية عن مدة مكوث الطاعن في المشفى جراء اصابته .

وقد طلب بالنتيجة نقض الحكم المطعون فيه .

لم تتقدم المطعون ضدها بلائحة جوابية رغم تبلغها .

 

المحكـــــــــــــمة

          بالتدقيق والمداولة ولورود الطعن في الميعاد تقرر قبوله شكلا ً .

وفي الموضوع وعن أسباب الطعن مجتمعة وحاصلها تخطئة محكمة الاستئناف بالحكم برد الدعوى لانعدام الخصومة .

ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الدعوى فقد حمل على ان المدعي اقام دعواه مباشرة ضد شركة التأمين دون مخاصمة رب العمل ، في حين لا توجد خصومة مباشرة بين المدعي (العامل) وشركة التأمين .

وفي ذلك نرى ان عقد التأمين ينشيء علاقة بين طرفين ، بما يفيد ان الدعوى المباشرة تقوم بين المؤمن والمؤمن له ، ولا تقوم الدعوى المباشرة بين المؤمن والمضرور دون نص تشريعي .

وبعطف النظر على المادة 127/2 من قانون العمل فقد نصت (إذ اقتضت إصابة العمل مسوؤلية طرف آخر خلاف صاحب العمل يحق للعامل المطالبة بحقوقه المترتبة على الإصابة من أي منهما) .

وفي هذا الذي نصت عليه المادة سالفة الإشارة ما يقطع بان من حق المضرور (العامل) ان يقيم دعواه في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) ولا يغير من الأمر شيئا ما نصت عليه المادة (19) من قانون التأمين من انه (لاينتج التزام المؤمن اثره في التأمين في المسؤولية المدنية الا اذا قام المتضرر بمطالبة المستفيد بعد وقوع الحادث الذي نجمت عنه هذه المسؤولية ) .

طالما ان المشرع أورد في قانون العمل نصا خاصا أجاز إقامة الدعوى المباشرة من المضرور في مواجهة المؤمن .

 

كما ولعل من المفيد ان يشار الى أن ما خلص اليه بعض الفقه وايده القضاء المقارن في كثير من احكامه ان للمضرور حقا ً مباشرا ً في ذمة المؤمن دون حاجة الى نص تشريعي وقد استند في هذا الذي خلص اليه ، ان المؤمن له قصد بتأمين مسئوليته ان يكفل للمضرور تعويضا ً كاملاً حتى يتخلص من عواقب هذه المسؤولية ، وبذلك يكون المؤمن له بتعاقده مع المؤمن قد جعل للمضرور حقا ً مباشراً يتقاضي بموجبه التعويض استنادا ً لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير .

هذا من جانب ومن جانب آخر فان المشرع إذ أوجب التأمين الالزامي للمركبات وأجاز الدعوى المباشرة من المضرور في مواجهة المؤمن (شركة التأمين) وفق نص المادة (51) من قانون التأمين فقد الزم رب العمل تأمين العمال كما أجاز للعامل أن يخاصم المؤمن أو المؤمن له وفق صريح نص المادة 127/2 من قانون العمل المشار اليها استهلالا ً . واننا اذ نرى ذلك نشير الى احكام النقض 293/2010 ، 1171/2018 وعليه ولما كان الامر كذلك فان الحكم المطعون فيه يغدو مستوجبا ً النقض .

 

لـــــهذه الأســــــــباب

 

تقرر المحكمة بالاغلبية نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق لمرجعها للسير في الدعوى حسب الأصول على ان تنظر من قبل هيئة غير تلك التي أصدرت الحكم الطعين .

 

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 12/06/2019 .

 

 

 

 

 

الرأي المخالف المعطى

من القاضي حلمي الكخن

لا اتفق والأغلبية المحترمة فيما خلصت إليه من نتيجة في حكمها.

وفي ذلك أجد أن عقد التأمين - كغيره من العقود - شريعة المتعاقدين وينشئ العلاقة فيما بينهما فقط بما لكل منهما من حقوق وما عليه من التزامات، وهو بذلك لا ينشئ علاقة حقوقية بين شركة التأمين مع غير المؤمن له (الغير)، إلا أنه في التأمين من المسؤولية المدنية - (انظر في ذلك أ.د فرنان بالي - التأمين من المسؤولية - دعوى المتضرر المباشرة ومدى سريان الدفوع المستمدة من أحكام عقد التأمين) - وخروجاً عن الأصل، تقوم علاقة مباشرة بين (المؤمن) شركة التأمين وبين (الغير) المضرور، وبمقتضى هذه العلاقة يكون للمتضرر الحق في الادعاء المباشر اتجاه شركة التأمين لمطالبتها بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء الحادث المسؤول عنه المؤمن له بمقتضى المسؤولية المدنية او التقصيرية في حدود عقد التأمين.

وبالوقوف عند التشريع الفلسطيني من الدعوى المباشرة فإن المشرع لم ينكر هذا الحق للمضرور في التأمين من المسؤولية، وهذا ما عبر عنه في غير مكان في التشريع فقد أقر بمقتضى المادة 127/2 من قانون العمل 7 لسنة 2000 هذه المكنة للعامل حيث نصت (إذا اقتضت إصابة العمل مسؤولية طرف آخر خلاف صاحب العمل، يحق للعامل المطالبة بحقوقه المترتبة على الإصابة من أي منها).

كما أقر الدعوى المباشرة للمتضرر (الغير) في قانون التأمين رقم 20 لسنة 2005، حيث نصت المادة (45) منه على (للمتضرر الحق في مطالبة المؤمن مباشرة في حدود الضرر الحاصل له بقيمة التأمين المحددة بالعقد) كما نصت المادة (151) منه على (للمصاب حق إقامة الدعوى للمطالبة عن الأضرار الجسدية والمادية والمعنوية التي لحقت به جراء الحادث ضد المؤمن والمؤمن له معاً أو ضد المؤمن أو ضد الصندوق).

 

فيما أجد أن المادة 19 من قانون التأمين قد نصت على (لا ينتج التزام المؤمن أثره من المسؤولية المدنية إلا إذا قام المتضرر بمطالبة المستفيد بعد وقوع الحادث الذي نجمت عنه هذه المسؤولية).

من هذه النصوص السابقة البيان يتبين أن التشريع الفلسطيني اتخذ من الدعوى المباشرة موقفين: الأول- في المسؤولية بشكل عام حيث أجاز للعامل بموجب المادة 127 من قانون العمل وكذلك للمضرور في العلاقة الناشئة عن عقد التأمين وذلك بموجب المادة 45 من قانون التأمين أجاز فيهما الحق لكل منهما في إقامة الدعوى المباشرة.

وبالتالي فإنه لا خلاف مع ما توصلت إليه الأغلبية المحترمة في إعطاء مكنة الدعوى المباشرة للعامل بموجب المادة 127/2 من قانون العمل، غير أن الاختلاف مع السادة الأغلبية يتمثل في الموقف الثاني للمشرع الفلسطيني وهو الاعتراف المشروط بالدعوى المباشرة سواء اتصلت بالعامل أو بالمضرور في العلاقة التأمينية إذ أنه وبمقتضى المادة 19 من قانون التأمين قيد استعمال مكنة الدعوى المباشرة بحيث لا ينتج التزام المؤمن أثره في التأمين من المسؤولية المدنية إلا إذا قام المتضرر (سواء كان العامل أو الغير) بمطالبة المستفيد بعد وقوع الحادث الذي نجمت عنه هذه المسؤولية ، وقد استثنى من هذا القيد الدعوى التي تقام من المتضرر متى كان الضرر ناتجاً عن علاقة تأمينية تتصل بحوادث الطرق ، حيث أجاز صراحة للمتضرر من حادث طرق مكنة الولوج للدعوى المباشرة ودون قيد عندما نص في المادة 151 على حق المصاب في إقامة الدعوى للمطالبة عن الأضرار الجسدية والمادية والمعنوية التي لحقت به جراء الحادث (حادث الطرق) ضد المؤمن والمؤمن له معاً أو ضد المؤمن أو ضد الصندوق.

وعليه ولما كانت أوراق الدعوى خالية من الإشارة إلى سبق مطالبة المدعي وهو العامل من مطالبة المستفيد من التأمين (رب العمل) بالتعويض فإن الدعوى موضوع الطعن بالنقض الماثل تغدو والحالة هذه سابقة لأوانها مستوجبة الرد.

بتاريخ: 12/06/2019

 

                                                                                                                        القاضي

حلمي الكخن