السنة
2021
الرقم
461
تاريخ الفصل
17 مايو، 2021
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

" الحكــــــــــم "

الصـــادر عـــن محكمــــة النقض المنــــعقدة فــي مدينة رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة واصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

 

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة: بـرئاســـــــة القاضــــــي السيـــد عبد الله غزلان
 وعضويـة القضاة السادة : عدنــان الشعيبــي، محمــد الحـــاج ياسيــن، فـــوّاز عطيــة ، ومحمــود جامـــوس

 

الطــــاعـــــن: باجس ذيب عبد الله أبو جحيشة/ إذنا - الخليل

                  وكيله المحامي عبد الحميد طمايزة/ الخليل

 

المطعـــون ضدها: فاطمة عقل محمد أبو جحيشة/ إذنا - الخليل

             وكيلها المحامي وائل شيوخي/ الخليل

 

                                             الإجــــــــــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بتاريخ 15/3/2018 لنقض الحكم الصادر بتاريخ 7/2/2018عن محكمة استئناف القدس المنعقدة برام الله في الاستئناف المدني رقم 503/2017 القاضي:" بقبول الاستئناف موضوعا، والحكم بمنع المدعى عليه من مطالبة المدعية بقيمة الكمبيالة محل المطالبة لدى دائرة تنفيذ دورا ذات الرقم 1353/2013 وتسديدها تسديداً نهائياً، مع الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني اتعاب محاماة".

 

المحكمـــــة

 بالتدقيق وبعد المداولة، ولورود الطعن ضمن الميعاد مستوفيا شرائطه الشكلية تقرر قبوله شكلا.

وفي الموضوع، وعلى ما أفصحت عنه أوراق الدعوى أن المدعية المطعون ضدها اقامت الدعوى المدنية رقم 324/2013 ضد الطاعن المدعى عليه، امام محكمة بداية الخليل، موضوعها منع مطالبة بمبلغ 100000 شيقل، على سند من القول أن المدعى عليه تقدم لدى دائرة تنفيذ دورا للمطالبة بتحصيل قيمة الكمبيالة بقيمة 100000 شيقل من خلال القضية التنفيذية رقم 1353/2013، بالرغم أن المدعية غير مدينة بقيمتها، وأن المدعية وقعت عليها نتيجة الخوف والتهديد كونها زوجة المدعى عليه، وأن المدعية اقامت قضية جزائية ضد المدعى عليه سجلت لدى محكمة صلح جزاء دورا ذات الرقم 805/2013.

 

وفي السياق المتصل تقدم المدعى عليه الطاعن بلائحة جوابية، ابدى من خلالها أن الدعوى واجبة الرد للتناقض وللجهالة الفاحشة وللتقادم، ولعدم استنادها لسبب قانوني سليم، وكما وأبدى أن قيمة الكمبيالة استلمتها المدعية من يد المدعى عليه لتسليمها لأخوها خالد عقل محمد أبو جحيشة، وذلك لتشغيلها عنده، وأنها وقعت عليها بمحض ارادتها دون اكراه وختمتها بختمها، ، وبنتيجة المحاكمة وبعد أن استمعت المحكمة للبينات واقوال الاطراف، قضت بتاريخ 18/6/2017:" برد الدعوى لعلة عدم الاثبات، وتضمين المدعية الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة بواقع 100 دينار اردني".

 

لم ترتضِ المدعية بحكم محكمة الدرجة الاولى، فبادرت للطعن فيه امام محكمة استئناف القدس المنعقدة برام الله بموجب الاستئناف رقم 503/2017، وبنتيجة المحاكمة وبعد أن استمعت المحكمة لأقوال الاطراف قضت بتاريخ 7/2/2018:" بقبول الاستئناف موضوعا، والحكم بمنع المدعى عليه من مطالبة المدعية بقيمة الكمبيالة محل المطالبة لدى دائرة تنفيذ دورا ذات الرقم 1353/2013 وتسديدها تسديداً نهائيا، مع الرسوم والمصاريف و100 دينار أردني اتعاب محاماة".

 

لم يرتضِ المدعى عليه بحكم محكمة الاستئناف، فبادر للطعن فيه بالنقض الماثل للاسباب التي سيقت فيه، ورغم تبلغ المطعون ضدها أصولا إلا أنها لم تتقدم بلائحة جوابية.

 

وفيما يتصل بالسببين الاول والثاني وحاصلهما بأن الحكم الطعين مخالف للقانون والاصول ومجحف بحق الطاعن، في ذلك نجد أن هذين السببين قد وردا على العموم، فلم يتم تبيان أوجه المخالفة لأي قانون أو أصول تم مخالفتهما، كما ولم يتم بيان مكمن الاجحاف بحق الطاعن، ولما كان السببان قد وردا بصورة مخالفة لمنهجية بناء الطعن مخالفين بذلك حكم المادة 228/4 من الاصول المدنية والتجارية التي ألزمت الطاعن ببناء الطعن على اسباب واضحة غير معتلة ومجهلة، وللعوار الوارد فيهما، فإنه يتعين عدم قبولهما.

 

وفيما يتصل بالسبب الثالث، وحاصله تخطئة محكمة الاستئناف في تطبيق القانون على الوقائع، واصدار حكمها على سبيل الافتراض وليس على سبيل الدليل القاطع، خصوصا أن النتيجة التي توصلت إليها بخصوص الاكراه لا تتفق وصحة الحكم الجزائي الصادر في القضية رقم 805/2013 صلح جزاء دورا القاضي ببراءة الطاعن من التهم المنسوبة إليه، مما يؤكد على أن المطعون ضدها وقعت على الكمبيالة بمحض ارادتها، في ذلك نجد وبعد الاطلاع على حيثيات الحكم الطعين، وعلى الحكم الجزائي آنف الذكرالذي تم توريده لمحكمة الموضوع بناء على قرارها الصادر بتاريخ 2/5/2017، إذ قضى الحكم الجزائي بإعلان براءة المدعى عليه من تهمتي الاحتيال واغتصاب التوقيع لعدم كفاية الادلة، على سند من القول أن بينات النيابة العامة المؤلفة من الشاهدين خالد عقل أبو جحيشة وأمجد خالد أبو جحيشة كانت على السماع وأنهما لم يكونا مع المدعية وقت وقوع الواقعة، وانما الاول سمعها من والدته والثاني سمعها من المدعية، ورغم حيثيات الحكم الجزائي كذلك الذي ورد فيه أن قبول البينة السماعية يجب أن يكون حين وقوع الفعل على المعتدى عليه أو بعد فترة وجيزة، وبأن تكون شهادة المعتدى عليه مقنعة لا يشوبها شائبة ولا تقوم على التناقض، بحيث وجدت المحكمة الجزائية أن في اقول المدعية احتوت على التناقض لعدم توافقها مع منطق الامور وغير مقنعة، وأنه لا يمكن التعويل على شهادة كل من خالد وامجد لأنها كذلك غير مقنعة، مما توصل القاضي الجزائي في الدعوى العمومية رقم 805/2013، بأن البينات المقدمة من النيابة العامة جميعها غير قادرة على ربط المتهم  بما نُسب إليه، مع الاخذ بعين الاعتبار أن الشك يفسر لمصلحة المتهم.

 وبناء على ما تقدم، يقتضي من هذه المحكمة أن تبين مدى حجية الحكم الجزائي على القضاء المدني في ظل حكم المادتين 111 و112 من قانون البينات رقم 4 لسنة 2001، إذ نصت الاولى على مدى ارتباط القاضي بالحكم الجزائي في الوقائع التي فُصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا، بينما الثانية كشفت على أثر الحكم الجزائي القاضي برفع التبعة عن المدعى عليه مقتصرة على بحث الفعل من ناحية التجريم من غير نفي وقوعه، وبأنه لا يحول دون ملاحقة المدعى عليه امام القضاء المدني بالتعويض.

 

ولما كان الحكم الجزائي يكتسب الحجية امام القضاء المدني في الحالات المحددة قانونا بوحدة الواقعة وصدور حكم جزائي بات من محكمة ذات اختصاص وقبل أن يصدر حكم من المحكمة المدنية، فإن المادة 273 من قانون الاجراءات الجزائية قد نصت على الاسس التي يبنى عليها الحكم الجزائي، سواء فيما يتعلق بالإدانة او البراءة، فهو حجة في ما يتعلق بعين الواقعة المكونة للجريمة ونسبتها الى فاعلها ووصفها القانوني.

 

لذلك، وعلى ماستقر عليه قضاء هذه المحكمة، فإذا كان الحكم الجزائي يقيد القاضي المدني فيما يتصل بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم، الامر الذي يفيد من جميع ما ورد أعلاه، أن القاضي المدني لا يتقيد بالحكم الجزائي إذا قضى ببراءة المتهم لعدم كفاية الأدلة، مؤيده في ذلك حكم المادتين 111 و 112 من قانون البينات النافذ.

 

وعليه، اعتماد محكمة الاستئناف على القرائن وربطها بالاكراه، مع عدم تصديقها لواقعة تسليم المبلغ محل الكمبيالة لخالد أبو جحيشة بواسطة زوجته المدعية، مبررة حكمها المطعون فيه أن في الوقت الذي اقام المدعى عليه الطاعن دعوى رقم 228/2013 مطالبا بموجبها بحقوق عمالية ضد خالد المذكور، مما يجعل من الثقة محل تشكيك بعد أن وقعت بينهما القطيعة، الامر الذي يجعل من توصل محكمة الاستئناف للنتيجة محل الحكم الطعين هو من اطلاقات صلاحياتها، مادام أن الامر متصل بأصول وزن البينات وتقدير قيمتها التي تعتبر من صميم صلاحياتها، لا سيما وأن أصلها ثابت في اوراق الدعوى، منوهين بذات الوقت أنه ما كان على محكمة الاستئناف أن تسترشد في حكمها الطعين لأي بيت شِعري، لأنها مقيدة فقط بتطبيق احكام القانون على وقائع النزاع دون إظهار المواعظ أو الارشاد أو أية مواقف سواء بالتلميح أو التصريح لعوار دفاع الخصم، لأن الحياد في اصدار الاحكام القضائية يجب أن ينبع بمقومات وأُسس لا تشوبها شائبة، ورغم ذلك فإن هذا السبب غير وارد على الحكم الطعين.

 

وفيما يتصل بباقي اسباب الطعن، وحاصلها جميعا بتخطئة محكمة الاستئناف في النتيجة التي توصلت إليها، بأن الكمبيالة مختومة بختم المدعية وموقعة بمحض ارادتها وأن حكمها مبني على الفرضيات وليس على الدليل القاطع، وأنها اعتمدت على حكم محكمة بداية الخليل رقم 334/2013، في ذلك نحيل الرد عليها جميعا لما ورد من تسبيب في البند السابق تحاشيا لتكرار التسبيب، ولما كانت باقي اسباب الطعن تتعلق بالبينة وأصول اعتمادها من محكمة الموضوع وتقديرها وتجاهل ما هو مخالف للقانون والواقع، فإنه لا رقابة لهذه المحكمة على قناعة محكمة الاستئناف، مادمت النتيجة لها أصل ثابت من خلال الاوراق، الامر الذي يتعين ردها.

لهــــــذه الأسبــــــاب

 

نقرر رد الطعن موضوعا، وتضمين الطاعن الرسوم والمصاريف التي تكبدها عن هذه المرحلة من مراحل التقاضي.

 

حكما صدر تدقيقا باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 17/5/2021