السنة
2022
الرقم
7
تاريخ الفصل
8 فبراير، 2023
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
دعاوى المخاصمة
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

 المحكمة العليا /محكمــة النقض

" الـــحـــكـــم "

الصادر عن المحكمة العليا /محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمــــــــة بـرئاســـــــة السـيــــــدة القاضــــي إيمان ناصر الدين
وعضوية السادة القضاة : حازم ادكيدك و د.رشا حماد و محمد احشيش و نزار حجي

 

المدعي (المُـــخـــاصِـــم) : معروف ديب قاسم تكروري / طولكرم .

                      وكيله المحامي : محمد سالم سقف الحيط / نابلس .

المدعى عليهم ( المُـــخـــاصَـــمـــون): 1- القاضي عبدالله غزلان .

                                                  2- القاضي عدنان الشعيبي .

                                                  3- القاضي مأمون كلش ، بصفتهم الشخصية وبصفتهم هيئة محكمة

                                                       النقض المصدرة للحكم 119 و 221 /2020 . 

الإجــــــــــــراءات

تقدم وكيل المدعي بهذه الدعوى بتاريخ 08/06/2022 ، لمخاصمة المدعى عليهم ومطالبتهم بالتعويضات بقيمة مائة دينار أردني ، على سند من القول أنهم أصدروا الحكم رقم 119/2020 و 221/2020 بتاريخ 13/04/2022 ، القاضي بعدم قبول الطعن 119/2020 لعدم دفع الرسم القانوني عنه ورد الطعن الثاني 221/2020 موضوعاً ، وأنهم وقعوا في أخطاء مهنية جسيمة في حكم النقض المذكور يتمثل في الأسباب التالية :-

  1. أن المدعى عليهم / المُخاصَمون وقعوا في خطأ مهني جسيم عندما لم يقرروا تعيين جلسة لنظر الطعن بالنقض المذكور ، وأنهم خالفوا المادة 233/1 + 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، كما وأن إصدار الحكم على كل الأحوال يجب أن يتم بجلسة علنية .
  2. أن المدعى عليهم وقعوا في خطأ مهني جسيم عندما قرروا عدم قبول الطعن شكلاً لعدم دفع الرسم ، ذلك أن دفع الطاعن للرسم تم خلال المدة القانونية لتقديم الطعن وليس بعد المدة ، وبالتالي لا بطلان إلا بنص ، وطالما تحققت الغاية بدفع الرسم فلا يتحقق البطلان ، وأن المحكمة لم تعمل نص المادة 200 من الأصول ، كون الحكم غير قابل للتجزئة (تخلية مأجور) .
  3. أن المحكمة اخطأت عندما عقدت جلساتها في مدينة البيرة ، رغم أن القانون أوجب إنعقادها في مدينة رام الله ، وفق النص 16 من القرار بقانون رقم 39 لسنة 2021 .
  4. أن المحكمة أخطأت خطأ جسيم عندما انعقدت من ثلاثة قضاة فقط ، وكان عليها الإنعقاد من خمسة قضاة ، لأن الإنعقاد من ثلاثة قضاة يكون عند التعامل مع الأحكام الصلحية وليس البدائية ولا إجتهاد في موطن نص المادة 16/2 من قانون تشكيل المحاكم النظامية.
  5. أن الهيئة مصدرة الحكم أخطأت خطأ مهني جسيم عندما لم تلتفت إلى السبب الثاني من الطعن 221/2020 وعندما بحثته مع السبب التاسع من الطعن .
  6. أن الهيئة الحاكمة أخطأت خطأ مهني جسيم عندما خالفت قرار الهيئة العامة رقم 19/2021 الخاص بتعريف المالك في قانون المالكين والمستأجرين .
  7. أن الهيئة الحاكمة أخطأت خطأ مهني جسيم عندما اعتبرت أن تأسيس محكمة الإستئناف لحكمها بناءً على الإقرار المعطى من الموظف العامل في المحل موضوع الدعوى بوصفه فرع ثاني للمحل الموجود في رام الله ، وخالفت مفهوم الإقرار .

ملتمساً بالنتيجة قبول دعواه وإلغاء الحكم الصادر عن الهيئة المخاصمة وإعادة الدعوى إلى هيئة مغايرة لتصدر حكم فيه من جديد وإعادة مبلغ التأمين وتضمين المدعى عليهم بالتضمينات بمبلغ مائة دينار أردني .

بالمحاكمة الجارية سراً بتاريخ 07/12/2022 تقرر إجراء محاكمة المدعى عليهم حضورياً لتبلغهم لائحة الدعوى وموعد الجلسة ولعدم تقديم لائحة جوابية و/أو معذرة تبرر الغياب ثم تقرر قبول دعوى المخاصمة شكلاً لدفع مبلغ التأمين ولوجود وكالة خاصة للمخاصمة وتحقق إرسال إشعار إلى مجلس القضاء الأعلى ثم كرر وكيل المدعي لأئحة الدعوى واعتبرها مرافعة له وجرى حجز الدعوى لإصدار الحكم إلى هذا اليوم .

 

 

الــــمــــحــــكــــمــــة

بعد التدقيق والمداولة ، ولما كانت دعوى المخاصمة تخضع من حيث الإجراءات المتعلقة بإقامتها ونظرها والحكم فيها للقواعد التي تطبق على سائر الدعاوى ما لم يرد بشأنه نص خاص ، ولما كانت الدعوى الماثلة استوفت كافة الشروط المنصوص عليها في المواد من 154 إلى 157 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية المتعلقة بدعوى المخاصمة ، فقد تقرر في جلسة 07/12/2022 قبولها شكلاً .

وفي الموضوع ، فإن وقائع الأوراق المحفوظة بين دفتي هذه الدعوى تفيد وتشير إلى أن المدعي / المخاصم أقيمت ضده وآخر دعوى إخلاء مأجور أجرته السنوية 360 دينار أردني لدى محكمة صلح طولكرم حملت الرقم 1149/2014 ، وذلك من المدعين أمل وسعيد ناصر بصفتهم من ورثة المرحوم أحمد ناصر للأسباب الواردة في تلك الدعوى ، ضمن وقائعها ، وبعد أن إستكملت محكمة الصلح إجراءاتها أصدرت الحكم بتاريخ 11/07/2019 القاضي برد الدعوى.

تقدم المدعين بالدعوى الأساس بإستئناف لدى محكمة بداية طولكرم بصفتها الإستئنافية حمل الرقم 148/2019 للطعن بحكم محكمة الصلح القاضي برد دعواهما ، وبعد أن أتمت محكمة البداية بصفتها الإستئنافية الإجراءات أصدرت الحكم بتاريخ 17/12/2019 بمواجهة الخصوم ممثلين بالوكلاء حسب الأصول ، وقضى قبول الإستئناف وإلغاء القرار والحكم بإخلاء المدعى عليهما معروف تكروري و أيمن عبد اللطيف من المأجور وتسليمه خالية من الشواغل والشاغلين مع الرسوم والمصاريف ومائتي دينار أتعاب محاماة .

لم يرتضِ المدعيان بالدعوى الأساس رقم 1149/2014 ، بالحكم الإستئنافي فتقدما بالطعن بالنقض الأول الذي حمل الحكم 119/2020 الذي تم توريده لدى المحكمة مصدرة الحكم وهي محكمة بداية طولكرم بصفتها الإستئنافية بتاريخ 19/01/2020 ، ثم تقدما بالطعن الثاني 221/2020 بذات اليوم لدى ذات المحكمة مصدرة الحكم الطعين ولذات الاسباب المكررة بالطعنين ، وقد ورد الطعن الأول 119/2020 الى قلم محكمة النقض وقيّد لديها بتاريخ 06/02/2020 ، وبعد إستكمال الإجراءات أمام محكمة النقض أصدرت حكمها بتاريخ 13/04/2022 الذي هو محل دعوى المخاصمة هذه ، القاضي بعدم قبول الطعن الأول 119/2020 شكلاً لعدم دفع الرسم القانوني عنه ثم قررت رد الطعن الثاني 221/2020 موضوعاً وهو الحكم الصادر عن هيئة المحكمة المُخاصَمة في هذه الدعوى .

وبالعودة إلى أسباب دعوى المخاصمة الملخصة في مقدمة هذا الحكم ، فقد اعتبر المدعي / المخاصِم أن المدعى عليهم / المُخاصَمين وقعوا في خطأ مهني جسيم عندما لم يعينوا جلسة لنظر الطعن بالنقض ، وأنهم بذلك خالفوا نص المادة 233/1 و 2 من قانون الأصول ، وأنهم لم ينطقوا بالحكم بجلسة علنية .

وبعطف النظر على نص المادة 233 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 ، فقد نصت على :

( 1- تنظر محكمة النقض في الطعن تدقيقاً.

  1. إذا رأت المحكمة أن الطعن جدير بالنظر فيه حددت جلسة ويبلغ بها الخصوم، ويجوز لها في هذه الحالة أن تستبعد من الطعن ما لم تقبله من الأسباب وأن تقصر نظره على الباقي منها مع بيان سبب ذلك.
  2. في جميع الأحوال لا يجوز الطعن في القرار الصادر من المحكمة بأي طريق.)

كما ونصت المادة 234 من ذات القانون على ( 1- إذا رأت المحكمة ضرورة المرافعة الشفوية فلها سماع محامي الخصوم ولا يؤذن للخصوم أن يحضروا بأنفسهم من غير محام مزاول.

2- لا يجوز إبداء أسباب في الجلسة غير الأسباب التي سبق للخصوم بيانها في لائحة الطعن.)

كما ونصت المادة 243 من ذات القانون على (تسري على الطعون أمام محكمة النقض القواعد والإجراءات الخاصة بنظر الدعوى كما تسري عليها القواعد الخاصة بالأحكام فيما لا يتعارض مع نصوص هذا الفصل )

ولما كانت النصوص القانونية تُقرأ مكملة لبعضها البعض ولا يجوز إجتزاء نص دون الإطلاع والإحاطة بكامل النصوص القانونية المرتبطة بالمسألة محل البحث ، وحيث أن محكمة النقض لا تعد درجة من درجات التقاضي وهي بهذا الوصف ليست محكمة موضوع ، وهي تحاكم الحكم النهائي الصادر عن محاكم الدرجة الثانية ضمن ما أثير وكان محل طعن أمامها فقط ، ودورها محصور في حدود ما نص عليه المشرع بالمادتين 225 و 226 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية لمراقبة صحة تطبيق أحكام القانون وتأويله ، أو وقوع بطلان بالأحكام أو بطلان في الإجراءات التي كان لها أثر في الحكم أو تناقض الحكم مع سابقٍ له حاز قوة الأمر المقضي به ، لذلك جاءت الإجراءات الخاصة المنصوص عليها بالمادتين 233 و 234 من قانون الأصول لتنظيم إجراءات نظر الطعن أمام محكمة النقض ، وجعلت نظر الطعن بالنقض تدقيقاً وليس مرافعة بوصفها محكمة قانون لا محكمة موضوع وبوصف الخصوم أبدوا كافة ما لديهم من أقوال وبينات ودفوع أمام درجتي التقاضي الأولى والثانية ، وطرحوا ما بجعبتهم كاملاً أمامهما ، إلا أن المشرع لم يغفل كذلك إمكانية أن يرد طعن به نقطعة جديرة بالبحث أو لإستيضاح أمرٍ معين رأتِ المحكمة ضرورة استيضاحة وسماع الأطراف فيها بواسطة ممثليهم القانونيين لذا أتاح للمحكمة ذاتها سلطة تقرير نظر الطعن بالنقض مرافعة خروجاً عن الأصل بالإجراءات أمام محكمة النقض بصريح الفقرة 2 من المادة 233 و الفقرة 1 من المادة 234 سالفتي الذكر .

وبالتالي الأصل بالإجراءات أمام محكمة النقض هو نظر الطعن تدقيقاً دون حضور الأطراف والإستثناء هو نظره مرافعة بقرار من الهيئة الحاكمة .

أما ما أبداه وكيل المدعي من رأي فقهي فهو مجرد رأي وتفسير للنص القانوني بخلاف مضمونه ومبتغاه وهدفه ، وبالتالي يغدو ما قامت به الهيئة الحاكمة / المدعى عليهم من إجراءات تتعلق بإصدار الحكم ونظر الطعنين 119/2020 و 221/2020 متفقاً وصحيح أحكام المواد 233 و 234 و 243 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ومتفقاً وحكم المادة 105 من القانون الأساسي المعدل للعام 2003 ، تلك التي أتت على مبدأ علنية المحاكمة والنطق بالحكم في جلسة علنية ، فيما إذا قررت المحكمة أن تكون المحاكمة سرية ولا علاقة لهذه المادة بطريقة نظر الطعن بالنقض الذي له أحكامه وأصوله وإجراءاته سالفة الذكر ، ما ينفي بالنتيجة عن المدعى عليهم وقوعهم بأي خطأ أياً كان مسماه ويجعل من هذا السبب واجب الرد .

أما بخصوص السبب الثاني، والقول بأن المدعى عليهم / المُخاصَمين وقعوا في خطأ مهني جسيم عند قرارهم عدم قبول الطعن الأول 119/2020 شكلاً لعدم دفع الرسم عنه ، رغم دفع الرسم عنه خلال المدة للطعن بالنقض وعدم إعمال نص المادة 200 من الأصول على الطعن ، فإننا نجد بأن المدعي في هذه الدعوى هو أحد الطاعنين بالطعنين بالنقض 119/2020 و 221/2020 ، وأن كلا الطعنين المذكورين حملا ذات الأسباب وذات الوقائع بل أن الطعن الثاني هو نسخة عن الطعن الأول بكافة عناصره وأسبابه ووقائعه والفرق الوحيد والأوحد بينهما أن الطعن الأول 119/2020 عند قيده لدى محكمة بداية طولكرم بصفتها الإستئنافية لم يتم دفع اي رسم عنه ، أما الطعن الثاني والذي قيد أمام ذات المحكمة وبذات اليوم 19/01/2020 تم دفع رسم عنه أمام ذات المحكمة التي قيد لديها ، وبالتالي تقرير عدم قبول الطعن الأول شكلاً لا أثر له على الطاعن / المدعي / المُخاصِم بالمطلق ، كون ذات أسباب طعنه الأول جرى معالجتها بالطعن الثاني والمقرر رده موضوعاً ، ولما كان من شروط قبول دعوى المخاصمة وقوع ضرر بمدعي المخاصمة ، وعليه تبيان ذلك الضرر في دعواه بشكل واضح وصريح ، وحيث لم يقع أي ضرر للمدعي نتيجة الحكم بعدم قبول طعنه الأول شكلاً ، فيكون ذلك مبرراً في رد هذا السبب .

كما أن القول بعدم تفعيل نص المادة 200 من الأصول يعد خطأ جسيم من وجهة نظر المدعي ، فيبدوا لهذه المحكمة أن المدعي قد اختلط عليه الأمر وسهى عليه أنه هو والمدعى عليه الثاني أيمن عبداللطيف طعنا بالنقض الأول والثاني ، ولا يوجد أي مدعى عليه آخر بالدعوى سواهما ، فعن أي إختصام يتحدث المدعي / المُخاصِم الأمر الذي يدلل على عدم إلمام المدعي بدعواه الأساس وبالخصوم فيها ، ما يؤدي إلى رد هذا السبب بجميع تفرعاته .

وعن السبب الثالث وقول المدعي / المُخاصِم أن الهيئة المُخاصَمة وقعت في خطأ مهني جسيم عندما عقدت المحاكمة في مدينة البيرة رغم أن القانون أوجب انعقادها في مدينة رام الله ، وأن هذا الأمر خالف المادة 16 من قانون تشكيل المحاكم النظامية .

فإننا نؤكد مجدداً على أن المدعي / المُخاصِم لم يبين الضرر الذي لحق به بنتيجة الخطأ الذي يعزوه للمدعى عليهم /المُخاصَمين من إنعقاد المحكمة في مدينة البيرة بدلاً من مدينة رام الله ، فلا أثر لذلك بالمطلق على الحكم الصادر عن الهيئة المُخاصَمة ، ومن جهة أخرى فإن مدينة البيرة ومدينة رام الله وبحكم التداخل الجغرافي بينهما خاصعتان إلى ذات المحافظة وهي محافظة رام الله والبيرة ، وكذلك فإن إنعقاد المحكمة في مدينة رام الله فهو إستثناء من الأصل العام الذي يوجب إنعقادها في مدينة القدس بوصفها العاصمة لفلسطين ، وبالتالي لا خطأ وقع من المدعى عليهم / المُخاصَمين بهذا الخصوص ، ما يوجب رد هذا السبب .

وعن السبب الرابع وتخطئة المدعى عليهم / المُخاصَمين بانعقاد هيئتهم من ثلاث قضاة بدلاً من خمسة قضاة ، وأنهم بذلك أخطأوا خطأ مهني جسيم وخالفوا المادة 16/2 من قانون تشكيل المحاكم .

وبعطف النظر على نص المادة 16/2 من القرار بقانون رقم 39 لسنة 2020 فقد نصت على ( 2- تنعقد المحكمة العليا / محكمة النقض من ثلاثة قضاة عند النظر في الطعون الموجهة إلى الأحكام الصلحية ).

ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 16 سالفة الذكر قد حددت إنعقاد محكمة النقض من خمسة قضاة على الأقل في هيئتها العادية ، وجاءت الفقرة 2 المذكورة وحددت إنعقادها من ثلاث قضاة فقط في حالة النظر في الطعون الموجهة إلى الأحكام الصلحية بمعنى تلك التي كانت محل طعن أمام محاكم البداية بصفتها الإستئنافية المختصة بنظر الإستئنافات الموجه لأحكام محاكم الصلح بصريح نص المادة 11/2 من ذات القرار بقانون ، وحيث أن محكمة النقض وكأصل عام لا تنظر إلا في الأحكام النهائية تلك الصادرة من محاكم البداية بصفتها الإستئنافية أو محاكم الإستئناف ، فيكون إنعقاد المحكمة بهيئتها المُخاصَمة / محكمة النقض من ثلاثة قضاة متفق وأحكام القانون ، ولا خطأ أياً كان وصفه وقع به المدعى عليهم / المُخاصَمون ، ما يوجب رد هذا السبب .

وعن السبب الخامس والقول بوقوع المدعى عليهم بخطأ مهني جسيم عند عدم معالجة السبب الثاني من النقض 221/2020 وضمها له مع باقي الأسباب ، فإننا وبعطف النظر على الحكم الصادر عن المدعى عليهم / المُخاصَمين فقد خلصت الهيئة المخاصمة إلى ان محكمة الإستئناف سببت حكمها تسبيباً سائغاً وفق تعليل قانوني سليم ، وبالتالي المحكمة عالجت هذا السبب من أسباب الطعن ولم تغفله ، وأن مجرد بحثه مع باقي أسباب الطعن ومن خلالها لا يجعل من ذلك الإجراء خاطئ ، فطالما جرى معالجة سبب الطعن فلا مجال للقول بالخطأ أياً كان وصفه ما يوجب رد هذا السبب .

وعن السبب السادس والقول بمخالفة المدعى عليهم / المُخاصَمين حكم الهيئة العامة رقم 19/2021 ، فإننا وبعطف النظر على أسباب الطعن بالنقض الصادر حكمه عن الهيئة المدعى عليها / المُخاصَمين ، فلم يتطرق المدعي / المُخاصِم بأي من أسبابه في الطعن بالنقض 221/2020 لموضوع الخصومة من الجهة المدعية بالمطلق ، ومن جهة أخرى فإن المدعين هم ورثة المؤجر بعقد الإيجار وهم وحسب حصر الإرث يملكون أكثر من 51% من عدد الأسهم ، كما أن ما يثيره المدعي لا يصلح كسبب لدعوى المخاصمة على الإطلاق ، لأن المخاصمة ليس طريق للطعن بحكم محكمة النقض الذي هو قطعي وبات ولا يقبل الطعن بأي طريق بصريح نص الفقرة 3 من المادة 233 والمادة 242 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، ما يجعل من هذا السبب واجب الرد .

وعن السبب السابع و الأخير ، والقول بخطأ المدعى عليهم الجسيم بخصوص موضوع الإقرار ، فإننا نجد أن ما يرنو إليه المدعي مجدداً من هذا السبب هو النيل من حكم محكمة النقض غير القابل للطعن ، وهو بذلك يجعل من المحكمة التي تنظر دعوى المخاصمة التي هي دعوى خاصة تقام على القاضي لإحدى الأسباب المذكورة في المادة 153 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية طريق طعن جديد في أحكام قطعية باته لا تقبل المراجعة كيف لا والمدعي / المُخاصِم يعالج البينات المقدمة أمام محكمة الموضوع والتي أيدتها محكمة النقض فيما توصلت إليه بخصوصها ، فليس لهذه المحكمة في هذه الدعوى الصلاحية بالمطلق للحديث عن البينات المقدمة بالدعوى وفحص إن كانت النتيجة سائغة من عدمه ، وبالتالي يغدو هذا السبب واجب الرد .

ولما كانت كافة الأسباب التي ساقها المدعي لا تعتبر ولا بحال من الأحوال أسباب لدعوى المخاصمة ولا تعتبر أخطاء مهنية جسيمة ، وبالتالي لا تستوجب مخاصمة الهيئة الحاكمة / المدعى عليهم ، ما يوجب رد الدعوى.

لــــهذه الأســــبــــاب

تقرر المحكمة بالأغلبية رد الدعوى ، وعملاً بالمادة 160/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية ، وتقرر الحكم على المدعي بغرامة قدرها 500 دينار أردني ومصادرة الكفالة  .

حكماً صدر وتلي علناً بحضور وكيل المدعي وبغياب المدعى عليهم وافهم 08/02/2023

 

الكاتــــــــــب                                                                                       الرئيـــــــس

     ص . ع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الرأي المخالف

من القاضي د. رشا حماد

أخالف الأغلبية المحترمة فيما ذهبوا اليه بالرد على أسباب دعوى المخاصمة وأقول ان الأصل يكمن في عدم مسؤولية القاضي عن عمله فيما يصدر عنه من أحكام أو قرارات أثناء عمله تتم وفق حق خوله إياه القانون وترك له سلطة التقدير فيه.

والاستثناء عن ذلك الأصل جاء بجواز مساءلته إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها بشكل يشكك في حياديته وحسن تطبيقه للقانون ،عندها فقط يمكن للمتضرر إقامة دعوى المسؤولية المدنية ضد القاضي وحتى لا يقع القاضي تحت تأثير دعاوى التعويض التي قد يرفعها الخصوم عليه (حيث يعتقد الكثيرون من المحكوم عليهم بأنهم ضحايا لأخطاء القاضي) ما يهز معه شعور القاضي باستقلاليته عند إصدار حكمه، ناهيك أنه سينشغل في الدفاع عن نفسه في تلك الدعاوى بدلاً من أداء واجبه مما يؤدي الى تعطيل عمله الامر الذي دعى المشرع للتدخل لضمان استقلالية القاضي من جهة وصيانة حقوق المتقاضين إذا ثبت انحياز القاضي وعدم حياديته أو ارتكابه خطأً مهنياً جسيماً أدى للإضرار بأحد طرفي الخصومة من جهة أخرى .

فدعوى المخاصمة هي دعوى مسؤولية مدنية اتجاه القاضي وليست دعوى لإبطال حكمه وليست دعوى تأديب، الهدف منها تعويض الخصم المتضرر من عمل القاضي الذي عبث في عمله ولا تقبل دعوى المخاصمة بحق القاضي الا إذا ترتب على الفعل المنسوب الى القاضي ضرر.

وتتجلى دعاوى مخاصمة القضاة إذا وقع في عمله غش أو تدليس أو غدر يقصد به الانحراف عن العدالة لاعتبارات تتنافى مع النزاهة، كالرغبة في إيثار بعض الخصوم او الانتقام من آخرين أو تحقيق مصلحة شخصية له أو الحصول على منفعة مادية  له أو لغيره أو أن ينحرف عن قصد ما أدلى به الخصم أو الشاهد أو أن يكتب تقريراً في الدعوى فيصف عن عمد مستنداً بغير ما اشتمل عليه ليخدع باقي الأعضاء .

                                                                                                     القاضي المخالف

                                                                                                        د.رشا حماد

كما وتتجلى دعوى المخاصمة في الخطأ المهني الجسيم وتجدر الاشارة هنا الى انه لا يعتبر كل خطأ من جانب القاضي سبباً للمخاصمة فالمقصود بالخطأ المهني الجسيم هو ذلك الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب أي الخطأ الفاحش الذي يبلغ في جسامته مبلغ الغش والذي لا ينقص لاعتباره غشاً الا اقترانه بسوء النية ومثال ذلك الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون او الجهل الذي لا يغتفر بالوقائع الثابتة في الدعوى.

فليس كل ادعاء في لائحة دعوى المخاصمة بالنعي على الهيئة الحاكمة بارتكاب الخطاء المهني الجسيم يصلح للأخذ به بالمعنى القانوني والتشريعي له. دون ان يقدم المخاصم الأسانيد التي تثبت ادعائه. ذلك أن دعوى المخاصمة ليست دعوى جديدة للطعن يقتنصها الخصوم لمحاولة تغيير مجرى الحكم الصادر وذلك بالالتفاف على القانون الذي جعل الاحكام الصادرة عن محاكم النقض احكاماً باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن والتفافاً كذلك على نصوص القانون التي حددت حالات معينة للطعن بالنقض ابتداءً باعتباره طريق طعن غير عادي.

وبالعودة الى لائحة المخاصمة المقدمة من قبل المُخاصِمْ معروف ديب قاسم تكروري. والتي جاءت في بنودها بالنعي على الهيئة الحاكمة بكافة أعضائها بالعديد من الأخطاء والتي وصفتها في اللائحة (بالخطأ المهني الجسم) والتي باستعراضها لا يبدو منها أي خطأ يبلغ في جسامته مبلغ الغش او الإهمال في الواجب او ما يشكك في حيادية الهيئة الحاكمة. بل ان كافة أسباب لائحة المخاصمة        لا تسفر الا عن رغبة في الالتفاف على القانون لتغيير مسرى الحكم الصادر عن محكمة النقض.

وان لفي ذلك مضيعة مقصودة لجهود القضاة والعاملين في الشأن القضائي الذي باتت دعاوى مخاصمة القضاة تأخذ من وقتهم ومجهودهم ما قد يؤثر سلباً على عملهم وانجازهم في المستقبل.

الأمر الذي رأى معه عدم قبول كافة أسباب المخاصمة البالغة (عشرة) أسباب دون الحاجة لبحثها سبباً سبباً كل بعينه لما تحمله تلك الأسباب في حقيقتها من التفافاً على القانون بطريق طعن جديد على حكم محكمة النقض.

 

تحريراً في 8/2/2023

                                                                                                 القاضي المخالف