السنة
2016
الرقم
183
تاريخ الفصل
20 فبراير، 2019
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون حقوقية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكـــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونة بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســــــيد عبدالله غزلان

وعضويـــة القضــاة الســــادة: حلمي الكخن ، بسام حجاوي ، محمد الحاج ياسين ، عصام الانصاري.

الطــــاعــــنان : 1. محمود محمد حسن اعمير - بلعا - طولكرم

                   2. غدير محمود محمد اعمير - بلعا - طولكرم

      وكيلهما المحامي : سفيان شديد - طولكرم

المطعون عليه : جاسر حسن سعيد سلطان -سكان الطيرة 

     وكيله المحامي : تيسير خطيب

الإجــــــــــــراءات

تقدم الطاعنان بهذا الطعن بتاريخ 25/01/2016 لنقض الحكم الصادر عن محكمة بداية طولكرم بصفتها الاستئنافية بتاريخ 17/01/2016 في الاستئناف المدني رقم 94/2015 القاضي بقبول الاستئناف موضوعاً وإلغاء الحكم المستأنف والحكم برد الدعوى عن المستأنف عليه الأول (الطاعن الأول - محمود محمد حسن اعمير) والحكم بالزام المستأنف عليها الثانية غدير محمد محمود اعمير (الطاعنة الثانية) بدفع مبلغ عشرة آلاف دينار أردني للمستأنف (المطعون عليه) مع الرسوم والمصاريف ومبلغ (200) دينار أتعاب محاماة .

تتلخص أسباب الطعن بما يلي :-

1- أخطأت محكمة الصلح ومن بعدها محكمة البداية بصفتها الاستئنافية في قبول توجيه اليمين الحاسمة من حيث المبدأ وذلك لتعسف المدعي في طلبه بتوجيه اليمين الحاسمة لانه يستطيع أن يقدم بيناته الخطية والشفويه لاثبات وقائع الدعوى .

2- أخطأت المحكمة في اجراءات توجيه اليمين الحاسمة لوجود صيغتين ليمينين حاسمتين  متناقضتين لحسم نزاع واحد تتحد فيه المراكز القانونية للمدعى عليهما .

3- أن اليمين الحاسمة الموجهة للمدعى عليها الثانية (الطاعنة الثانية) باطلة كونها غير متعلقة بشخصها ولم توجه على العلم .

4- أن وكالة وكيل المدعي جاءت خالية من صلاحية توجيه اليمين الحاسمة ، وأن ما ورد بوكالته بشكل حرفي (انتخاب الخبراء وعزلهم والطعن بقراراتهم ، وفي طلب اليمين وتعيين صيغتها وردها والنكول عنها) لا يخول له حق توجيه اليمين الحاسمة لعدم الاثبات على ذكرها صراحة ، ولأن اليمين المذكورة بوكالته تعود على موضوع انتخاب الخبراء وعزلهم والطعن بقراراتهم .

والتمس الطاعنان بالنتيجة نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لمرجعها لاجراء المقتضى القانوني مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

ولم يتقدم المطعون عليه بلائحة جوابية رغم تبلغ وكيله بالذات .

المحكمة

بالتدقيق والمداولة وفيما يتعلق بالطاعن الأول (المدعى عليه الأول محمود محمد حسن اعمير) نجد أن الحكم المطعون فيه قد قضى برد الدعوى عنه ، الأمر الذي يجعل الطعن بالنقض الماثل المقدم منه يفتقر للمصلحة طبقاً للمادة (3) من الأصول المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 ، كما أن الحكم المطعون فيه قضى له بكل طلباته (رد الدعوى عنه) المادة (191/2) من الأصول الأمر الذي تقرر معه عدم قبول الطعن المقدم منه .

        أما فيما يتعلق بالطاعنة الثانية ، وحيث ان الطعن مقدم في الميعاد مستوفياً شرائطه تقرر قبوله شكلاً .

        وفي الموضوع ، فإن ما تجاهر به الأوراق من وقائع واجراءات تشير بأن المدعي (المطعون عليه) كان قد أقام في مواجهة المدعى عليهما (الطاعنان) الدعوى المدنية رقم 157/2013 لدى محكمة صلح طولكرم موضوعها المطالبة بمبلغ مالي بقيمة (10000) دينار أردني للوقائع والأسباب الواردة في لائحة الدعوى ، وبنتيجة المحاكمة أصدرت المحكمة بتاريخ 16/04/2015 حكمها الفاصل في الدعوى القاضي برد الدعوى وتضمينه الرسوم والمصاريف وعشرة دنانير أتعاب محاماة .

        لم يرتضِ المدعي بالحكم فطعن فيه بالاستئناف المدني رقم 94/2015 لدى محكمة بداية طولكرم بصفتها الاستئنافية التي بنتيجة المحاكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بالنقض الماثل القاضي برد الدعوى عن المدعى عليه الأول (الطاعن الأول) والحكم بالزام المدعى عليها الثانية (الطاعنة الثانية) بأن تدفع للمدعي مبلغ عشرة الاف دينار أردني ، لم يرتض المدعى عليهما بالحكم فطعنا به بموجب النقض الماثل للأسباب المشار اليها أنفاً .

        وعن أسباب الطعن ولما كانت الطاعنة الثانية تنعي في السبب الرابع من أسباب الطعن بعدم صلاحية وكيل الجهة المدعية (المطعون عليها) بتوجيه اليمين الحاسمة للجهة المدعى عليها لخلو وكالته من هذه الصلاحية .

        وفي هذا الذي تنعاه الطاعنة ما نجده مخالف للواقع ، ذلك أن وكالة وكيل المدعي تضمنت في الخصوص الموكل فيه ما يلي (بتسمية البينة وتقديمها وحصرها والطعن ببينة الخصم وشهوده وبالتبلغ والتبليغ والكشف وانتخاب الخبراء وعزلهم والطعن بهم وبقراراتهم وفي طلب اليمين وتعيين صيغتها وردها والنكول عنها وطلب نقل الدعوى ورد الحاكم وأي طلب آخر مهما كان نوعه ) .

        ولما كان البين من البند المتقدم بأن وكيل المدعي يملك صلاحية توجيه اليمين وأن هذه الصلاحية بتوجيه اليمين لا تقتصر على انتخاب الخبراء وعزلهم والطعن بقراراتهم - طبقاً لما ذهبت اليه الطاعنة - وانما هي عامة مطلقة في كل ما يتصل بالخصوص الموكل به ، فإن هذا السبب يغدو مستوجباً الرد .

        وعن باقي أسباب الطعن وحاصلها تخطئة المحكمة بقبول توجيه اليمين الحاسمة من حيث المبدأ، وأن اجراءات توجيه اليمين الحاسمة مخالفة للقانون لوجود صيغتين ليمينين حاسمتين متناقضتين سيما وأن اليمين الموجه للمدعى عليها الثانية (الطاعنة الثانية) مخالف للقانون .

        وفي ذلك نجد وبعد الرجوع الى وقائع وأسباب الدعوى فقد تضمن البند الأول منها ما يلي :-

1- في الفترة الواقعة ما بين عامي 2006 و 2007 تقدم المدعي لخطبة المدعى عليها الثانية غدير اعمير ابنة المدعى عليه الأول ، وقد اتفق الطرفان (المدعي والمدعى عليهما) على تمام الخطوبة وفقاً لما تم الاتفاق عليه .

وجاء في البند الثاني ما يلي (وحيث أن المدعي هو من عرب الداخل (مواليد الطيرة)) ويحمل الجنسية الاسرائيلية ، وحيث أنه رغب في ذلك الوقت بشراء قطعة أرض لغايات البناء عليها داخل أراضي قرية بلعا بطولكرم للزواج والاستقرار بها في حينه ، ونظراً لكونه لا يستطيع التملك في أراضي الضفة الا وفقاً لشروط معينة تتسم بالصعوبة والتعقيد ، فقد اتفق مع المدعى عليه الأول (والد المدعى عليها الثانية) أن يقوم بشراء قطعة أرض مساحتها دونم منه بملبغ ثمانية الاف دينار أردني .

          وجاء في البند الثالث ما يلي (وفعلاً قام المدعي بشراء قطعة أرض بمساحة دونم واحد من المدعى عليه الأول في حينه ، وقد قام الطرفان بتسجيل قطعة الأرض بإسم المدعى عليها الثانية في حينه بموجب عقد بيع تم بين الأطراف لدى المحامية مجدولين في طولكرم) وأضاف المدعي في البند الرابع ( قام المدعي بإعطاء المدعى عليه الأول مبلغ (2000) دينار أردني لغايات ايصال المياه والكهرباء لهذه الأرض ليباشر المدعى عمله والبناء فيها) .

          ثم جاء في البند الخامس (بعد ذلك شاءت الأقدار أن لا يتم النصيب بين المدعي والمدعى عليها الثانية ، تم الغاء حفل الخطوبة ، وعزف المدعي عن خطبة المدعى عليها الثانية قبل أن يعقد قرانه عليها، أو أن يتم اتخاذ أي اجراء بذلك).

          مما سبق من وقائع يتبين - اذا ما صحت - ان دور المدعى عليه الأول تمثل في بيع المدعي لقطعة ارض في بلعا مساحتها دونم واحد بمبلغ (8000) دينار أردني - البند الثالث من لائحة الدعوى - كما قام بقبض مبلغ (2000) دينار من المدعي لغايات ايصال المياه والكهرباء للأرض المذكورة - البند الرابع من لائحة الدعوى - أما دور المدعى عليها الثانية فقد تمثل في قيام المدعي والمدعى عليه الأول بتسجيل قطعة الأرض المذكورة بإسمها بموجب عقد بيع تم بين الأطراف لدى المحامية مجدولين في طولكرم .

          وعودة الى أسباب الطعن وبعطف النظر على اجراءات المحاكمة ، نجد أن قيام المدعي بطلب توجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليهما وحصر بينته بتلك اليمين ومن ثم قبول المحكمة بتكليف المدعي بجلسة 16/04/2014 بتحديد الوقائع التي سيحلف عليها كل من المدعى عليهما هو من حيث المبدأ يتفق وأحكام المادة 131 ، 132/1 من الأصول المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 .

          وبالتالي فإن النعي على المحكمة بالخطأ لقبولها توجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليهما من حيث المبدأ يغدو في غير محله ويتعين رده .

          أما لجهة النعي المتصل بتخطئة المحكمة في اجراءات توجيه اليمين الحاسمة ، نجد ومن خلال تتبع تلك الاجراءات أن المدعى عليها الثانية كانت بجلسة 24/06/2014 قد طلبت رد اليمين بالصيغة المقدمة من المحكمة - اقسم بالله العظيم بأن قطعة الأرض المشتراة والبالغة من المساحة دونم واحد لم تسجل على اسمي والله على ما أقول شهيد - على المدعي ، وفي الجلسة التالية في 07/07/2014 طلب وكيل المدعى عليها الثانية العودة عن طلب رد اليمين وأبدى استعداد موكلته لحلف اليمين الحاسمة بالصيغة المقدمة ، خصوصاً وان حلف اليمين من المدعي واخرى من المدعى عليه الأول ينتج عنه تعارض بين اليمينين الحاسمتين ، لا سيما وأن اليمين الحاسمة التي يحلفها المدعى عليه الأول وفق الصيغة التالية (أقسم بالله العظيم ان ذمتي غير مشغولة للمدعي جاسر حسن سعيد سلطان بمبلغ عشرة الاف دينار أردني ولا بأي جزء منه ، وبأنني لم أقم ببيعه قطعة أرض مساحتها دونم مقابل هذا المبلغ المدعى به ، وبأنني لم أقم بتسجيلها بإسم ابنتي المدعى عليها الثانية غدير محمود محمد اعمير ، والله على ما أقول شهيد) ، ونجد أن المحكمة بجلسة 14/09/2014 قد تجنبت البت في طلب وكيل الجهة المدعية بالعودة عن طلبه برد اليمين الحاسمة على المدعي مع استعداد المدعى عليها الثانية لحلفها وارجأت ذلك الى ما بعد تحديد صيغة اليمين الحاسمة التي سيحلفها المدعي ، وقد تكرر طلب وكيل المدعى عليها الثانية للمحكمة بالعودة عن طلبه برد اليمين الحاسمة على المدعي وذلك بجلسة 14/10/2014 ، إلا أن المحكمة رفضت طلبه في هذه الجلسة ، ثم حلف المدعي اليمين الحاسمة المردودة عليه بالصيغة التالية "اقسم بالله العظيم أنك المدعي قمت بدفع مبلغ عشرة الاف دينار أردني للمدعى عليه الأول بهدف شراء قطعة أرض تقع في بلعا مساحتها دونم ، وانك المدعي قمت بتسجيل هذه القطعة باسم المدعى عليها الثانية بموجب عقد بيع خارجي لدى مكتب المحامية مجدولين عبد الغني الكائن في طولكرم ، والله على ما أقول شهيد".

          ولما كان الثابت من الاجراءات السابقة أن المدعى عليها الثانية قد طلبت من المحكمة العودة عن طلبها السابق برد اليمين الحاسمة على المدعي قبل أن تتصل صيغة اليمين الحاسمة (المردودة) بالمدعي ، وقبل أن يبدي رأيه بقول حلفها من عدمه .

          ولما كانت المادة 134 من قانون البينات رقم 4 لسنة 2001 قد أجازت - بمفهوم المخالفة - لمن وجه اليمين أوردها ان يرجع في ذلك قبل أن يقبل خصمه بها .

          وبانزال حكم القانون على هذه الواقعة نجد بأن قرار المحكمة بارجاء البت في طلب وكيل المدعى عليها الثانية بالعودة عن طلبه برد اليمين قبل ان يبدي المدعي قبوله لحلف اليمين المردودة عليه ، بل وقبل أن يتصل علمه بصيغة اليمين المردودة عليه ، ومن ثم رفض هذا الطلب لاحقاً فيه مصادرة بحق طالب الرد بالعودة عن طلب الرد مع استعداده بحلف اليمين مخالفاً للقانون ولا يتفق وأحكام المادة (134) المشار اليها .

          ولما كان الحكم المطعون فيه اذ قضى بالزام المدعى عليها الثانية بالمبلغ المدعى به يستند الى اليمين الحاسمة التي ردت على المدعى ، والتي تقوم على اجراءات مخالفة لأحكام القانون على النحو الذي أشرنا اليه فإن سبب الطعن الماثل يغدو واقعاً في محله ، ويجعل من الحكم المطعون فيه حرياً بالنقض .

 

لهذه الاسباب

تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعاً وإعادة الأوراق لمرجعها لاجراء المقتضى القانوني بهيئة مغايرة غير تلك التي أصدرت الحكم المطعون فيه على أن تعود الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة على الفريق الخاسر بالنتيجة .

حكماً صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ20/02/2019

الكاتـــــــــب                                                                                               الرئيـــــــــس

      م.د