السنة
2021
الرقم
89
تاريخ الفصل
30 يونيو، 2021
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــــــيد القاضـــــي خليل الصياد

وعضويــــة الســادة القضــاة :عماد مسوده ، حسين عبيدات ، سائد الحمد الله ، عوني البربراوي 

الطاعن : م.خ / اليامون 

          وكيله المحامي : احمد ياسين / جنين 

المطعون ضده : الحق العام

الإجـــــــــــــراءات

  • بتاريخ 5/5/2021 تقدم الطاعن بواسطة وكيله بهذا الطعن لنقض الحكم الصادر عن محكمة استئناف نابلس بتاريخ 27/4/2021 في القضية الاستئنافية الجزائية رقم 311/2021 المتضمن الحكم برد الاستنئاف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف .
  • وتتلخص أسباب الطعن بما يلي :-

1- الحكم المطعون فيه مخالف للأصول والقانون وغير معلل ومسبب وبه العديد من الإجراءات الباطلة قانوناً إضافة الى التناقض حيث ان محكمة الاستئناف لم تعالج ما ورد في البند الأول من لائحة الاستئناف من حيث بينة النيابة وما قدم من بينة دفاعية .

2- أخطأت محكمة الاستنئاف في حكمها المطعون فيه عندما لم تعالج الإجراءات المخالفة لأبسط نصوص القانون والتي تمت في القضية محل الطعن وتحديداً البينات المقدمة وظروف الدعوى والتي تثبت ان الطاعن قد تم وضعه في سرايا المخابرات العامة مدة أربع شهور ، وانه قد تم اثبات ذلك في بينة خطية من مدير عام المخابرات العامة تؤكد توقيفه وتقييد حريته بشكل مخالف للقانون واحالته الى النيابة العامة بعد اخذ افادته من قبل المخابرات العامة....

3- ان اعتراف المتهم الطاعن جاء مخالفاً لاحكام القانون....

4- أخطأت محكمة الاستئناف بعدم معالجة ما ورد بالبند الرابع من لائحة الاستئناف...

5- أخطأت محكمة الاستئناف بعدم معالجة ما ورد بالبند الخامس من لائحة الاستئناف...

  • لهذه الأسباب يطلب وكيل الطاعن قبول الطعن شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية ، وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه واجراء المقتضى القانوني .
  • بتاريخ 17/6/2021 قدمت النيابة العامة مطالعة خطية طلبت بنتيجتها رد الطعن شكلاً وموضوعاً.

المــحــكمة

  • بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد ان الطعن مقدم ضمن المدة القانونية فنقرر قبوله شكلاً .
  • وفي الموضوع وعن أسباب الطعن جميعاً
  • نجد ان النيابة العامة كانت قد احالت المتهم الطاعن م.ج الى محكمة بداية جنين بصفتها الجنائية صاحبة الصلاحية والاختصاص لمحاكمته عن تهمة الخيانة بدس الدسائس لدى العدو للاتصال به خلافاً لاحكام المادة 112 من قانون العقوبات ، كما هي واردة في قرار الاتهام ولائحته.
  • وقد استخلصت النيابة العامة الواقعة الجرمية من خلال اعتراف المتهم الطاعن لديها المأخوذه بتاريخ 19/12/2017 المبرز ن/1 وكذلك افادته التحقيقية لدى جهاز المخابرات العامة بتاريخ 18/12/2017 ، وشهادة منظمها المحقق ا.ح .
  • ولدى سؤال المحكمة المتهم م.ج عن التهمة المسندة اليه أجاب بأنه غير مذنب.
  • وبعد ان ختمت النيابة العامة لكامل بيناتها ، افهمت المحكمة المتهم الحاضر منطوق المادة 258 من قانون الإجراءات الجزائية ، حيث ادلى بإفادة دفاعية جديدة عن نفسه انكر فيها جميع أقواله لدى النيابة العامة ولدى جهاز المخابرات العامة ، وذكر ان افادته التحقيقية لدى جهاز المخابرات العامة اخذت منه تحت الضرب والتعذيب والضغط والاكراه من قبل المخابرات العامة وعاد وذكر بأنها غير صحيحة وباطلة ، وانه كان يتعرض للضرب من قبل افراد وضباط المخابرات العامة للإعتراف بهذه الاقوال خلال التحقيق معه في مكان احتجازه لديهم التي امتدت مدة أربعة اشهر تقريباً ، وأضاف انه حتى التوقيف على ذمة المحافظ تم التنكر له حيث أفادوا انه لا يوجد حجز على ذمة المحافظ وانه لم يسجن لديهم مدة أربعة اشهر ، وان التحقيق الذي تم امام النيابة العامة كان يشعر بالخوف الشديد نتيجة ظروف التحقيق معه حتى لدى النيابة العامة وما صدر من اقوال كان خوفاً من جهاز المخابرات وانه كان هناك عساكر من الجهاز والمستشار القانوني للجهاز ينتظرونه بالخارج .
  • وبمناقشته من وكيل النيابة العامة أجاب انه عندما تم استجوابي من قبل النيابة العامة كان رجال المخابرات يقفون عند الباب ولم يكونوا داخل غرفة النيابة وادليت بأقوالي بما حصل منذ عام 2003 حتى عام 2017 وهذا ما يريدون مني ان أقوله وطلبوا مني ان أقول ما يريدون لان المستشار القانوني للمخابرات كان موجود لدى النيابة العامة وكان ملف المخابرات موجود لدى النيايبة العامة وكأنهم يريدون ان أقول كل ما قلته لدى المخابرات .... وان جهاز المخابرات قالوا لي انه يجب ان أقول انني سلمت حالي...
  • وقد قدم وكيل المتهم الطاعن بينات موكله الدفاعية حيث استمعت المحكمة الى شهادة الشهود كل من:-

1- ع.خ والده المتهم .

2- ك.خ عم المتهم

3- ج.خ والد المتهم

والذي اكد في شهادته ان افراد من جهاز المخابرات العامة قد اخذوا ابنة المتهم من منزله وانه مكث لديهم مدة أربعة اشهر تقريباً ، وانه بعد ثلاثة اشهر من اعتقاله لديهم سمحوله بزيارته ، حيث ذهب وبرفقته شقيقه ولم يدخلوه الى مكان احتجاز ابنه إلا ليلاً ، حيث وجد ابنه المتهم في حالة يرثى لها وانه لم يستطع التسليم عليه ويرفع يده من التعذيب ، كما سمحوا له بزيارته مره ثانيه في الشهر الرابع وبرفقته زوجته والده المتهم وعندما دخل على ابنه تفاجأ بوضعه الصحي ، كما تفاجأ عندما قالو لابنه المتهم يا بنزلك على النيابة او المخابرات وانهم نزلوه على النيابة.

  • كما قدم وكيل المتهم الطاعن البينات التالية :-

1- المبرز د/1 وهو كاتب صادر عن الصليب الأحمر يتضمن ان المتهم كان معتقلاً لدى قوات الاحتلال....

2- المبرز د/1 مكرر وهو كتاب صادر عن الهيئة المستقله لحقوق الانسان..

3- المبرز ك/1 كتاب موجه الى مجلس القضاء الأعلى من جهاز المخابرات العامة...

  • وفي ذلك نجد انه لما كان من المقرر ان القضاء الجزائي يقوم على حرية القاضي في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى في سبيل تقصي ثبوت الجرائم او عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهم بها وتكوين قناعته منها ، وله الحرية ان يستمد قناعته للوصول الى الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أي دليل يطمئن اليه ويسترشد به عقله ، فيأخذ بما تطمئن اليه قناعته ويطرح ما لا يرتاح اليه ما دام ان ما اعتمد عليه من شانه ان يؤدي الى النتيجة التي خلص اليها .
  • ونجد ان القاء القبض على المتهم الطاعن م.ال والاحتفاظ به في دائرة المخابرات العامة من تاريخ 24/8/2017 لا يشكل توقيفاً لان التوقيف اجراء تحقيقي مرهون حصراً باعضاء النيابة العامة ، وان احتفاظ المخابرات العامة بالمتهم لمدة أربعة اشهر ولم يتم تدوين أي افادة له خلال مدة احتجازه والتحقيق معه من قبل المخابرات العامة الا بتاريخ 18/12/2017 قبل يوم واحد من عرضه على النيابة العامة والتحقيق معه من قبلها بتاريخ 19/12/2017 .
  • وخلال تلك المدة الطويله كان يتم التحقيق معه بصورة دائمه ومستمره تحت الضرب والتعذيب والاكراه لإنتزاع اقوال منه ونسبتها اليه وهذا يشكل تعسفاً ومخالفة لاحكام المواد 29 ، 34 ، 115 ، 116 ، 117 من قانون الإجراءات الجزائية ، فإبقائه هذه المدة الطويله في الاعتقال يعني ممارسة شتى وسائل الاكراه المادي والمعنوي لحمله على الاعتراف بوقائع تلقينيه ، إضافة الى ان المتهم الطاعن في افادته الدفاعية الجديدة لدى المحكمة قد اشتكى بأن المخابرات العامة قد مارست معه كل أنواع الضرب والتعذيب والاكراه لحمله على الاعتراف.
  • إن الاعتراف الذي يصدر عن المتهم هو من وسائل الاثبات وللمحكمة ان تقدره وتأخذ به متى اطمأنت اليه او تطرحه اذا داخلها شك في صحته وبالتالي فقد كان على محكمة الاستئناف التحقق من هذه الوقائع ، ويخالف القانون اعتماد اقوال المتهم لدى النيابة العامة المتضمنه اعترافه دون معالجة الظروف التي أحاطت بأقواله وبيان ما اذا كانت هذه الاقوال تمت دونما اكراه ومن حق محكمة الموضوع الا تأخذ بهذه الاعترافات وتسقطها من عداد البينة لما نصت عليه المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية واعمالاً لسلطتها في تقدير الأدلة .
  • ان اعتراف المتهم الطاعن م.ج امام النيابة العامة وان كان يشكل دليلاً صالحاً للاثبات ، الا ان اعتماده يستلزم الحيطة والحذر ومحاط بضلال كثيفه من الشك والتخمين الامر الذي ادخل الشك الى وجدان محكمتنا وقناعتها بارتكاب المتهم م.ج لما هو سند اليه مما يستلزم الوقوف على الظروف والملابسات التي احاطته ورافقته بما لا يدع مجالاً للشك في صحته ، وانه تم اداؤه عن أراده حرة وسليمه دون اكراه او ضغط ، لأن الاعتراف الصحيح هو الذي يصدر عن أراده حره مطابقاً للحقيقة والواقع وللبينة المعتمدة في الدعوى .
  • وبالنسبة للظروف التحقيقية التي مر بها المتهم م.ج لدى جهاز المخابرات العامة وامتدت لتصاحب تحقيق النيابة العامة ، واستمرار هذا التحقيق مع المتهم دون تدوين أقواله لدى المخابرات العامة خلال تلك المدة ، فإن محكمتنا تجد ان ذات الظروف المادية والزمانية التي صاحبت اعترافه لدى جهاز المخابرات العامة قد امتدت الى التحقيق معه امام النيابة العامة وصيغة التلقين التي وردت بها تثير الشك بصحة وسلامة الإجراءات التي اتخذت خلال تلك المدة وفي صحة الاعترافات التي لم تتطابق مع ظروف الواقعة المسندة له والمراد ادانته بها ، كون محققي المخابرات العامة هم الذين اصروا على المتهم ان يقول ما يريدون لدى النيابة العامة ، وان ما ورد على لسانه لدى النيابة العامة هو تلقين عن رجال المخابرات العامة حيث تلاحظ محكمتنا ان اعتراف المتهم جاء لينسجم مع ظاهر الأفعال المادية المعلومة لدى جهاز المخابرات العامة وقبل إحالة القضية الى النيابة العامة .

واستجوابه من قبلها ، بمعنى ان كافة المعلومات التي اخذت من المتهم كانت معلومه لمحققي المخابرات العامة وبالتالي جاءت اقوال المتهم لدى النيابة العامة لتنسجم مع ما ورد على لسانه بناءاً على طلب محققي المخابرات العامة الذين اصروا على ان يقول ما يريدون حيث نسبت للمتهم اقوال طلب منه تأكيدها امام النيابة العامة .

  • كما تلاحظ محكمتنا من خلال افادة المتهم الدفاعية الجديدة وكنانهأنه لا يريد ان يؤكد العبارات المدونه في أقواله لدى النيابة العامة ولكن لإمتداد ذات ظروف التحقيق التي صاحبت ادلائه بأقواله لدى المخابرات العامة بحيث صاحبت ادلائه بأقواله لدى المخابرات العامة بحيث صاحبت التحقيق امام النيابة العامة لتجعله يستخدم نفس العبارات ليرضى النيابة العامة ولا يغضب محققي المخابرات العامة الذين ينتظرونه بالخارج ، وهذا يعطي المحكمة القناعة بأن المتهم كان واقعاً تحت تأثير الضغط والخوف من المخابرات العامة عندما ادلى بأقواله لدى النيابة العامة ، وبإحالته الى المحكمة شعر بأنه يستطيع ان يدلي بإفادته الدفاعية الجديدة عن نفسه بكل حرية وذكر ما ذكره في تلك الإفادة كل ذلك يؤدي بالمحكمة الى قناعة تامة بأن اعتراف المتهم لدى النيابة العامة كان ايضاً نتيجة امتداد ظروف الضغط والاكراه والتعذيب لم تكن وليده أراده حره سليمة بمعنى ان الظروف التي صاحبت انتزاع الاعتراف من المتهم لدى المخابرات العامة هي ذاتها صاحبت مرحلة التحقيق معه لدى النيابة العامة .
  • وبالتالي فقد كان على محكمة الاستئناف وبوصفها محكمة موضوع استبعاد افادة المتهم التحقيقية لدى جهاز المخابرات العامة وكذلك استبعاد اقوال المتهم لدى النيابة العامة التي اكره المتهم على الادلاء بها امام النيابة العامة طالما استمر هذا الاكراه الى ما بعد التحقيق معه لدى النيابة العامة وقد مست الواقعة الجرمية ذاتها من حيث الأفعال المادية التي ورد وصفها على لسان المتهم ، ذلك ان الدليل اذا شابه الشك فسد الاستدلال به ، ولا يمكن الركون اليه لبناء حكم عليه ولا يشكل اية قيمة قانونية ، وباستبعادهما لم يبقى أي دليل يربط المتهم بما اسند اليه .
  • وعليه فإن أسباب الطعن مجتمعة ترد على الحكم المطعون فيه وداعية الى نقضه .
  • لهذا كله واستناداً لما تقدم نقرر قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإعادة الأوراق لمصدرها محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة في ضوء ما بيناه .

     حكماً صدر تدقيقاً بالأغلبية باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 30/6/2021

 

 

الرأي المخالف الصادر عن القاضي سائد الحمد الله

 

اخالف الأكثرية المحترمه فيما توصلت اليه وارى ان الحكم المطعون فيه له اصل ثابت في أوراق الدعوى والمتمثل في اعتراف الطاعن الواضح والصريح لدى جهاز المخابرات العامة بعد ان قدمت النيابة العامة البينة التي تتطلبها المادة 227 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وهذا ما أكده الطاعن في محضر استجوابه لدى النيابة العامة (....ان الإفادة التي تعرضها علي هي افادتي والتوقيع عليها توقيعي وكل ما جاء بها صحيح وبمحض ارادتي بإستثناء قصة جهاز التنصت وقصة التبليغ عن اشخاص استشهدوا...)

يضاف الى ذلك ان افادة الطاعن لدى جهاز المخابرات العامة في 18/12/2017 كانت خلال المدة القانونية الواردة في المادة 34 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وان توقيف الطاعن من قبل محافظ جنين حتى تاريخ 17/12/2018 لا يعيب تلك الإفادة وسيما ان سبب توقيفه على ذمة المحافظ كان لشبهات أخلاقية وممارسة اعمال الشعوذة والسحر ، وهذا ما هو ثابت من كتاب رئيس جهاز المخابرات العامة ن/1.

كما ان اعتراف الطاعن لدى النيابة العامة في محضر استجوابه ن/1 جاء متفقاً ونص المادة 214 من قانون الإجراءات الجزائية 3/2001 وان استناد محكمتا الموضوع اليه يتفق وصحيح القانون .

لذلك أرى برد الطعن موضوعاً .

تحريراً في 30/6/2021                                                                القاضي المخالف

                                                                                                  سائد الحمد الله