السنة
2016
الرقم
13
تاريخ الفصل
24 أكتوبر، 2016
المحكمة
محكمة استئناف رام الله
نوع التقاضي
استئناف جنايات
التصنيفات

النص

الحكم

 

الصادر عن محكمة استئناف رام الله بهيئتها الجزائية المأذونة
 بإجراء المحاكمة واصداره باسم الشعب العربي الفلسطيني

 

الهيئــة الحاكمــة برئاسة القاضي السيد سائد حمد الله
وعضــوية القـاضـيين السيدين كفاح الشولي و منال المصري
 

المســـــــــتأنف : الحق العام

                     

المستأنف ضده : ف.ن.

                     وكيله المحامي خليل ابو عاشور

 

موضوع الاستئناف : قرار محكمة بداية نابلس الصادر بتاريخ 24/11/2015 في الجناية رقم 103/2011 والقاضي بإعلان براءة المستأنف ضده من تهمة السرقة خلافاً لأحكام المادة 401/2 ع لسنة 60 وذلك لعجز البينة المقدمة من النيابة العامة.

 

أسباب الاستئناف :-

 

يستند هذا الاستئناف ويدور بمجمله حول نقطة واحدة وهي ان الشاهدة م.م ادلت بشهادتها امام المحكمة تحت القسم بجلسة 2/7/2012 وصفحة 9 من الضبط وكذلك ادلت بشهادتها امام النيابة العامة تحت القسم ايضاً وقد تناقضت تناقضاً جوهرياً في شهادتيها الامر الذي يعني انها ارتكبت جرم شهادة المزور وكان يتوجب على المحكمة اعمال نص المادة (261) من قانون الاجراءات الجزائية حيث ان التناقض يكمن في انها ذكرت بشهادتها امام المحكمة تحت القسم (انها لا تسكن في بيت ح. (المشتكية) وانما تسكن في بيت يبعد عن بيت المشتكية 4-5 امتار وانها وقت الحادث كانت موجودة في العمرة وبعد حضورها من العمرة اخبرتها المشتكية بالحادث) في حين ذكرت بإفادتها لدى النيابة العامة (تحت القسم (انها وقت الحادث كانت تقضي حاجة في الحمام وتضيف انها تسكن في غرفة داخل المنزل الذي تسكن فيه ن. والمشتكية ح.) بالتالي فانه يترتب على هذا الاجراء الذي كان يتوجب على المحكمة اتخاذه وهو احالتها للنيابة العامة وقف السير بالدعوى الى حين صدور حكم نهائي بدعوى شهادة الزور حتى يتسنى لمحكمة الموضوع وزن البينة والاخذ بالشهادة او استبعادها من عداد البينات لان شهادة الزور انصبت على وقائع مؤثرة بالفصل بالدعوى مؤثرة ، وان محكمة الدرجة الأولى اخذت بهذه الشهادة في تعليل وتسبيب حكمها بالبراءة.

 

* والتمست النيابة العامة قبول الاستئناف موضوعاً والغاء الحكم المستأنف عملاً بأحكام المواد 337 و 342 من قانون الاجراءات الجزائية واتخاذ المقتضى القانوني.

 

الاجراءات

 

بالمحاكمة الاستئنافية الجارية علناً وبجلسة 17/2/2016 تقرر قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه ضمن المدة القانونية مستوفياً شرائطه الشكلية وكررت وكيلة النيابة لائحة الاستئناف وانكر وكيل المستأنف ضده لائحة الاستئناف وترافعت وكيلة النيابة ملتمسة اعتماد اقوال ومرافعة النيابة العامة امام محكمة الدرجة الاولى ومضمون وحيثيات لائحة الاستئناف مرافعة لها ملتمسة بالنتيجة قبول الاستئناف موضوعاً وفسخ القرار المستأنف واصدار القرار المتفق وصحيح القانون في حين ترافع وكيل المستأنف ضده ملتمساً اعتبار اقواله ومرافعته امام محكمة الدرجة الأولى مرافعة له واضاف ان الاسباب التي اوردتها النيابة العامة وعلى فرض صحتها اصبح لا محل لها كون الشاهدة م.م وهي شاهدة النيابة العامة والتي استندت اليها النيابة العامة في استئنافها حول ادعائها بشهادة كاذبة وقد توفاها الله منذ سنتين والتمس بالنتيجة رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.

 

المحكمة

 

أما من حيث الموضوع وبالرجوع إلى اوراق الملف نجد أن النيابة العامة احالت المستأنف ضده للمحاكمة امام محكمة بداية نابلس بموجب لائحة اتهام لمحاكمته عن تهمة السرقة الموصوفة والمعاقب عليها بالمادة 401/2 ع لسنة 60 على سند من الوقائع التالية (انه وقبل حوالي ثلاثة اشهر من تاريخ 22/4/2009 وبينما كانت المجني عليها ح.م موجودة في منزلها الواقع في مخيم بلاطة حيث كانت تقوم بتنظيف الحوش دخل المتهم عليها وكان يحمل بيده مسدس لون اسود حيث انه معتاد على المنزل واشهر المسدس على المجني عليها وعندما قامت بالصراخ قام بإدخالها الى الصالون ودخل هو الى غرفة النوم وقام بسرقة مبالغ مالية كانت تضعها المجني عليها في علبة حلو حديد والبالغ سبع وعشرون الف دينار اردني وعشرة الاف شيقل وكانت كل ما حاولت المجني عليها الصراخ كان المتهم يشهر المسدس نحوها وقام بدفشها مما تسب في جرحها.

 

وبعد أن استمعت المحكمة الى بينات النيابة العامة ومن ضمنها شهادة المشتكية ح. اصدرت قرارها المستأنف بتاريخ 24/11/2015 المتضمن اعلان براءة المستأنف ضده من التهمة المسندة اليه وذلك لان بينة النيابة العامة جاءت عاجزة عن ربط المستأنف ضده بما اسند اليه لأنها وجدت وكما جاء بالقرار المستأنف ان المشتكية ح. تناقضت عدة مرات في شهادتها امام المحكمة بالتالي فإن محكمة الدرجة الأولى لم تطمئن لهذه الشهادة وقامت بطرحها من عداد البينات وكذلك لما ورد بشهادة الشاهدة م.م من انها وقت الحادث كانت موجودة في العمرة ولما ورد بشهادة الشاهدة شقيقتها ن. من انها وقت الحادث كانت موجودة في المستشفى وان المشتكية اخبرتها بالسرقة بعد شهر عندما طلبت من شقيقتها المشتكية فلوسها.

 

اننا وعودة ثانية الى الاوراق وبخصوص السبب الرئيسي في لائحة الاستئناف حول التناقض في شهادتي الشاهدة م.م تحت القسم امام المحكمة وامام النيابة العامة فإننا نجد أن الشاهدة المذكور ذكرت في شهادتها امام المحكمة تحت القسم بجلسة 2/7/2012 (انها كانت موجودة وقت الحادث في العمرة ولم تكن موجودة في الحمام) كما ذكرت (انها لا تسكن في بيت ح. وانها تسكن جاره لها في بيت يبعد عن بيت المشتكية ح. من 4-5 امتار) في حين وذكرت في شهادتها تحت القسم امام النيابة العامة في افادتها المعطاة منها بتاريخ 3/5/2009 (انها كانت وقت الحادث تقضي حاجة في الحمام) وذكرت (انها تسكن في غرفة داخل المنزل الذي تسكن فيه ن.و ح.) والذي نراه ان الشاهدة م.ص فعلاً وقعت في تناقض في شهادتين ادلت بهما تحت القسم الأولى امام النيابة العامة والثانية امام المحكمة حول واقعتين الاولى مكان تواجدها وقت الحادث حيث تقول بإفادتها لدى النيابة العامة انها كانت وقتها في الحمام في حين تقول بشهادتها امام المحكمة انها كانت في العمرة والواقعة الثانية حول مكان سكنها حيث تقول بإفادتها لدى النيابة العامة انها تسكن في ذات بيت المشتكية في احدى الغرف مع شقيقتها المشتكية ح.ون. في حين تقول بشهادتها امام المحكمة حول هذه الواقعة انها تسكن في بيت مجاور لبيت المشتكية يبعد عنه من 4-5 امتار الا اننا نجد أن هاتين الواقعتين التي تناقضت حولهما الشاهد م. هما واقعتين غير جوهريتين في بناء وتأسيس الحكم المستأنف سيما وانها في الشهادتين لم تذكر انها شاهدت المستأنف ضده قد جاء الى البيت وقام بالسرقة وكان يحمل بيده مسدس كما تقول المشتكية اذ ان هذه الواقعة هي الواقعة الجوهرية التي جاءت بإسناد النيابة العامة بلائحة الاتهام فلو كان هناك تناقض في هذه الواقعة الجوهرية من قبل الشاهدة المذكورة فإن احالتها للنيابة العامة اعمالاً لنص المادة (261) من قانون الاجراءات الجزائية يكون ضرورياً لما في ذلك من تأثير جوهري واساسي على الحكم المستأنف اما هاتين الواقعتين فانه في حالة الاخذ بأي منهما سواء كانت تسكن في ذات بيت المشتكية ام انها كانت تسكن في بيت مجاور فإن ذلك لا يقوى لان يكون امراً جوهرياً له علاقة وتأثير على مصير الحكم طالما أن شهادتيها خلت من مشاهدة المستأنف ضده يدخل بمسدس الى البيت ويقوم بالسرقة حسب ادعاء المشتكية لان هذه الواقعة وكما ذكرنا هي الواقعة الجوهرية المعول عليها في تأسيس الحكم يضاف الى ذلك ان هذه الشاهدة قد توفاها الله منذ سنتين حسب ما جاء بمرافعة وكيل المستأنف ضده ( اذ أن الوفاة تثبت على شيوع الخبر) كذلك فقد تبين وفاة هذه الشاهدة بتاريخ 14/7/2013 وفق شروحات وزارة الداخلية في 5/10/2016 هذا من جهة ومن جهة ثانية فلما كان هذا الاستئناف مقدم من النيابة العامة الذي ينشر الدعوى برمتها من جديد فإنه لا بد لنا من اعادة وزن باقي البينة ، اننا وبالرجوع إلى شهادة المشتكية ح. م تحت القسم امام المحكمة بجلسة 2/7/2012 نجدها تارة تقول حول واقعة تواجد اختها ن. وقت الحادث (كما يوجد في البيت ايضاً اختي ن. حيث انها كانت موجودة وقت الحادث) وتارة تنفي ذلك وتقول (... حيث كانت وقت الحادث اختي آنذاك في المستشفى الوطني وانني كنت في البيت لوحدي).

 

وكذلك تقول بشهادتها امام المحكمة (انها عندما قامت بالصراخ لم يتجمع احد عليها وقت الحادث) في حين تذكر في ذات الشهادة (ان اقرب بيت على بيتهم يبعد سبعة امتار) ان هذا القول يجافي المنطق اذ ان الاصل ان يتجاوب الجيران مع هذا الصراخ سيما اصحاب البيت القريب الذي يبعد سبعة امتار عن بيتها لأنه يعد بمثابة امتداد لبيتها نظراً لهذا القرب (هذا ليس بالضرورة ولكن هذا هو الاصل).

وتقول المشتكية (... حيث ان المتهم اخذ المفاتيح من حفة الخزانة واخذ المفاتيح واخذ الفلوس حيث كان يوجد على الخزانة ثلاث مفاتيح وجرب الثلاث مفاتيح وان عملية السرقة استغرقت نصف ساعة) اننا نجد ان عملية السرقة المدعى بها وطالما أنها تمت بهذه السهولة التي تمثلت في اخذ ثلاث مفاتيح وتجريبهم فانه الوقت الذي يتطلبه ذلك يكون اقل بكثير من هذه المدة فلماذا تستغرق العملية نصف ساعة يضاف الى ذلك ان الانسان الطبيعي الذي يتعرض لعملية سرقة او سطو ربما يكون خائفاً وقت الحادث الا انه من غير المتصور على الاطلاق ان يستمر هذا الخوف لديه لمدة ثلاثة اشهر ولا تخبر الشرطة خوفاً من تهديد السارق له سيما وان المسروق هو ماله الخاص ومن بيته وان الحديث لا يدور عن مشاهدة المشتكية لسرقة بيت مجاور وليس لبيتها ولما لها حتى يقال باستمرار تأثير التهديد عليها حتى ثلاثة اشهر هذا من جهة فاذا كان السبب الذي يقف وراء عدم اخبارها للشرطة عن حادثة السرقة هو تهديد المتهم لها بان لا تخبر احد وخوفها من هذا التهديد فكيف لها ان لا تخاف عندما تخبر الشباب بذلك لأنها تقول (ان هناك شباب قاموا بمراجعة المتهم بخصوص السرقة وقالوا لي الشباب سوف نرجع لك الفلوس وان المتهم رفض).

 

ان محكمتنا لا تجد في شهادة المشتكية ح. ما يدعوها الى الاطمئنان لما جاء فيها للتناقض الوارد فيها ولسردها للوقائع والاحداث بطريقة تجافي المنطق مما يجعل من هذه الشهادة من الصعوبة بمكان ان تشكل اساساً متيناً للإدانة والمساءلة الجزائية سيما وان القاضي الجزائي يحكم بقناعته الوجدانية المستمدة من البينة التي لا تقبل الشك لان الحكم الجزائي يبنى على الجزم واليقين سيما وان المستأنف ضده لم يعترف بإفادته لدى النيابة العامة بانه قام بالسرقة وانما اعترف انه اخذ اموالاً من المجني عليها على دفعات مقابل علاقته بها حيث كانت تعطيه هذه المبالغ برضاها وحيث ان النيابة العامة ملزمة بتقديم الدليل وان عليها عبئ الاثبات وفي حالة اخفاقها في ذلك فان المتهم غير ملزم بإثبات براءته انطلاقاً من مبدأ (البراءة المفترضة) وانه لا يجوز اثبات النفي فإن ما توصلت اليه محكمة الدرجة الاولى من نتيجة تمثلت في اعلان براءة المتهم لعجز بينة النيابة العامة عن الاثبات هي نتيجة صحيحة تتفق وصحيح القانون ونقرها عليها وتكون اسباب الاستئناف بمجملها غير واردة.

 

لــــــــــــــــذلك

 

فإننا نقرر وعملاً بأحكام المادة 335 من قانون الاجراءات الجزائية النافذ رد الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.

قراراً صدر وتلي علناً باسم الشعب العربي الفلسطيني وافهم في 24/10/2016