السنة
2021
الرقم
3
تاريخ الفصل
8 يونيو، 2021
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
دعاوى المخاصمة
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"القــــــــــرار"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

 

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة الســــــيد القاضـــــي حازم ادكيدك

وعضويــــة الســادة القضــاة : محمد احشيش ، سائد الحمد الله ، عوني البربراوي ، ثائر العمري

 

المدعــــي (المخاصم) : علي صبحي علي الدعمة / طولكرم

          وكلاؤه المحامون : احمد سليمان و/او حسن سليمان و/او اشرف سليمان / نابلس

المدعــــى عليهم (المخاصمون) :

  1. القاضي محمد مسلم موسى مصطفى / رام الله
  2. القاضي محمد شعبان محمد الحاج ياسين / رام الله
  3. القاضي رشا إبراهيم عبد الله حماد / رام الله
  4. القاضي محمود شفيق محمود جاموس / رام الله

الإجــــــــــــــــــــراءات

بتاريخ 1/2/2021 تقدم وكيل المدعي بهذه الدعوى لمخاصمة المدعى عليه ومطالبتهم بتعويضات بقيمة اربعمائة دينار اردني على سند من القول بان المدعى عليهم اصدروا الحكم بالأغلبية بالنقض المدني رقم 665/2020 بتاريخ 25/11/2020 القاضي برد الطعن موضوعا وانهم قد وقعوا في خطأ مهني جسيم في حكم النقض المذكور واختلال اركان الحكم من حيث الشكل ومن حيث رد أسباب الطعن بالنقض طالبا نتيجة دعوى المخاصمة قبولها شكلا والحكم ببطلان الحكم وتصرف المدعى عليهم والحكم للمدعي بالتعويضات وبالنتيجة الحكم بالدعوى الاصلية وردها .

بالمحاكمة الجارية سرا بجلسة 20/4/2021 تقرر اجراء محاكمة المدعى عليهم حضوريا لتبلغهم وعدم تقديمهم لوائح جوابية ولعدم حضورهم ثم تقرر قبول دعوى المخاصمة شكلا لورودها في الميعاد القانوني ولارفاق نسخة عن الاخطار الى مجلس القضاء الأعلى ولوجود وصل دفع قيمة التأمين ولوجود توكيل خاص بإقامة هذه الدعوى ثم كرر وكيل المدعي لائحة دعواه وابرز حافظة مستنداته واعتمد ملف محكمة النقض كبينة له ثم ختم البينة وترافع على 21 صفحة طالبا في نتيجتها ابطال تصرف المدعى عليهم وإلغاء الحكم 665/2020 ووقف التنفيذ في الدعوى التنفيذية 597/2021 تنفيذ طولكرم .

المحكمـــــــــــــــــــــة

بالتدقيق والمداولة قانونا ، وبالرجوع الى الأوراق وما انبأت عنه والى احكام قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001 وتعديلاته خاصة ما ورد بالباب العاشر الوارد تحت عنوان دعوى مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة من المادة 153 حتى المادة 163 طلب وبعطف النظر على طلب المدعي بهذه الدعوى بابطال تصرف المدعى عليهم المخاصمون والزامهم بالتعويض بمبلغ اربعمائة دينار     اردني .

ولما كان المشرع قد نص في المادة 160/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية على (اذا قضت المحكمة للمدعي بطلباته تحكم على المدعى عليه بالتعويضات والمصاريف وببطلان تصرفه ، ويجوز لها في هذه الحالة أن تحكم في الدعوى الأصلية إذا رأت أنها صالحة للحكم في موضوعها بعد سماع الخصوم) . وترى هذه المحكمة وجود شبهة عدم دستورية هذا النص ، فانها تُفصّل ذلك على النحو التالي عملا باحكام المادتين 27 و28 من قانون المحكمة الدستورية العليا

اولاً : النص التشريعي الذي ترى المحكمة عدم دستوريته :

ان النص التشريعي الذي نرى عدم دستوريته هو نص الفقرة الثانية من المادة 160 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية التي تنص على (اذا قضت المحكمة للمدعي بطلباته تحكم على المدعى عليه بالتعويضات والمصاريف وببطلان تصرفه ، ويجوز لها في هذه الحالة أن تحكم في الدعوى الأصلية إذا رأت أنها صالحة للحكم في موضوعها بعد سماع الخصوم)

ثانياً : النص الدستوري الذي ترى المحكمة مخالفته :

نص المادة 30/3 من القانون الأساسي المعدل للعام 2003 التي تنص (3- يترتب على الخطأ القضائي تعويض من السلطة الوطنية يحدد القانون شروطه وكيفياته) .

ثالثاً : أوجه المخالفة :

ان أوجه المخالفة الدستورية يمكن في موضعين :

  1. إمكانية صدور حكم من هذه المحكمة بقبول دعوى المدعي والحكم على المدعى عليهم بالتعويضات والمصاريف وهنا تكمن المخالفة الدستورية اذ ان النص في قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية 160/2 قد أورد ان (تحكم على المدعى عليه بالتعويضات والمصاريف) بخلاف النص الدستوري 30/3 الذي نص على (تعويض من السلطة الوطنية) فالاصل ان التعويض عن الخطأ القضائي تتحملة الدولة (السلطة الوطنية وفق تعبير القانون الأساسي) ولا يتحمله القاضي بشخصه ذلك ان الأصل هو عدم مسؤولية القاضي عما يصدر منه من تصرفات بحكم عمله لانه يستعمل في ذلك حقا خوله اياه القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى ان يُقرر مسؤوليته على سبيل الاستثناء اذا انحرف عن واجبات وظيفته واساء استعمالها فنص في قانون الأصول على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر تسأل فيها الدولة عن التعويضات ، والحكمة التي توخاها المشرع من ذلك هو توفير الطمأنينة للقاضي في عمله واحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن من كيد العابثين الذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به ومن ثم فانه لا يجوز مقاضاته بالتعويضات عن التصرفات التي تصدر منه ابان عمله وان ثبت قيامه بالمحظورات المنصوص عليها بالمادة 153 من الأصول المدنية والتجارية يحكم على الدولة بتلك التعويضات بوصفها الضامن للخطأ القضائي في حال ثبوته .

وبالتالي النص الذي نرى عدم دستوريته يكمن مرة أخرى في الحكم على القاضي بالتعويضات وليس على الدولة ما يجعل من شبهة عدم الدستورية واردة بالنظر لصراحة نص المادة 30/3 من القانون الأساسي .

2- الموضع الثاني في عدم الدستورية الذي يترآى للمحكمة هو الحكم ببطلان تصرف القاضي المخاصم الوارد في ذات الفقرة 2 من المادة 160 سالفة الذكر ، اذ ورد النص (وببطلان تصرفه) أي بطلان الحكم الذي هو بالأساس باتا وقطعيا ولا يقبل الطعن بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية الامر الذي جعل من دعوى المخاصمة طريق من طرق الطعن بالاحكام ، فالمشرع الدستوري بالفقرة 3 من المادة 30 سالفة الذكر لم يضع ولم يحدد او يرتب أي نتائج على الخطأ القضائي سوى التعويض من الدولة ، فكيف لقانون الأصول ان يرتب أثراً آخر على قبول دعوى المخاصمة ببطلان الحكم وبطلان تصرف القاضي ، فهنا تكمن المخالفة الثانية التي ترى المحكمة كذلك شبهة عدم دستوريتها لتعارضها مع ما قرره القانون الأساسي بأن الخطأ القضائي يترتب عليه التعويض فقط .

من جهة أخرى فإنه من الواضح ان المشرع استجلب احكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة العامة من قانون المرافعات المصري ، حيث جاءت المواد المتعلقه بالمخاصمة في قانون أصول المحاكمات المدنية الفلسطيني مقاربة لما جاء في المادة 494 وما بعدها من قانون المرافعات المصري .

الا ان المشرع لم يكن بذلك قد احسن صنعاً ، والعلة في ذلك ان الاجتهاد الفقهي والقضائي في جمهورية مصر العربية فسر احكام الدستور المصري على انه ما دام ان السلطة القضائية سلطة قائمة بذاتها وتستمد وجودها وكيانها من الدستور واناط بها الدستور وحدها امر العدالة مستقله عن باقي السلطات ، فإن لزام ذلك ألا تسأل السلطة التنفيذية عن التعويض . وهذا هو الحال في جمهورية مصر العربية .انظر في ذلك ما قالته المحكمة الدستورية العليا المصرية الموقرة في القضية رقم 15 لسنة 22 قضائية " دستورية " .

والنقطة المفصلية هنا ان المشرع عندما استحدث لأول مره احكام دعوى مخاصمة القضاة والنيابة العامة في قانون أصول المحاكمات - مستأنساً بما جاء قانون المرافعات المصري - انه لم يلاحظ القاعدة الدستورية الواضحة التي ليست بحاجة الى تفسير التي نصت عليه المادة 30/3 من القانون الأساسي الفلسطيني التي القت على عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية التعويض عن الخطأ القضائي على ان يحدد القانون شروطه وكيفياته . والتي لم يرد مثيلاً لها في الدستور المصري.

وعلى ذلك فإن المشرع عوضاً عن أن يبادر إلى تحديد كيفية وشروط الحصول على التعويض عن الخطأ القضائي - ان كان له موجب - الا انه عوضاً عن ذلك أتى بالمواد التي تعني مخاصة القضاة بكل ما يترتب على ذلك من نتائج في حال قبول دعوى المخاصمة وهو الأمر الذي لم يورده القانون الأساسي، وهو الأمر كذلك الذي يخل بالثقة في الأحكام القضائية ويصرف عنها فكرة النهائية والقطعية سيما أن القانون الأساسي كان واضحاً في المادة 30 بأن جل ما يترتب على الخطأ القضائي هو فقط الحصول على التعويض.

وأخيراً فقد احسن صنعاً المشرع في قانون المحكمة الدستورية العليا الذي الغى باب مخاصمة قضاة المحكمة الدستورية بالقانون رقم 19/2017 اذ الغيت المادة 15 منه بما يتوافق مع نص المادة 30/3 من القانون الأساسي .

                                           لـــــــــــهذه الاسبـــــــــــــاب

وعملاً بأحكام المادة 27/2 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 2006 وتعديلاته، تقرر المحكمة وقف السير في هذه الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا الموقرة للفصل في المسألتين الدستوريتين المذكورتين في هذا القرار .

   قراراً حضورياً صدر وتلي علناً بحضور وكيل المدعي وبغياب المدعى عليهم وافهم في 8/6/2021

الكاتــــــــــب                                                                                                 الرئيـــــــس

     م.ف