السنة
2018
الرقم
619
تاريخ الفصل
9 يونيو، 2019
المحكمة
محكمة النقض
نوع التقاضي
طعون جزائية
التصنيفات

النص

دولـــــة فــــلســــــطين

السلطــــة القضائيـــة

محكمــة النقض

"الحكـــــــم"

الصادر عن محكمة النقض المنعقدة في رام الله المأذونه بإجراء المحاكمة وإصداره

 بإسم الشعب العربي الفلسطيني

الهـيئـــــــــة الحـاكـمـــة بـرئاســـــــــة القاضـــــي الســــــــــيد إبراهيم عمرو

وعضويــــــة القضــــاة الســـادة: فريد عقل ، عصام الأنصاري ، محمد سلامة ، عبد الكريم حلاوة.

 

الطــاعـــــــــــن  :  ن.ا / بيت لحم

                وكيله المحامي : عمر الدبنك / بيت لحم

المطعـون ضده :  الحق العام             

الاجـــــــراءات

تقدم الطاعن بهذا الطعن بواسطة وكيله بتاريخ 27/11/2018 لنقض القرار الصادر عن محكمة استئناف القدس بتاريخ 13/11/2018  في الاستئناف الجزائي رقم 218/2017 القاضي بقبول الاستئناف الجزائي رقم 218/2017 القاضي بقبول الاستئناف موضوعاً وإلغاء الحكم المستأنف وادانة المستأنف ضده بالتهمة المعدلة وهي تهمة من أقدم على تعريض الأردنيين (المواطنين) لأعمال ثأرية خلافاً للفقرة الثانية من المادة 118 من قانون العقوبات لسنة 1960 والحكم عليه بوضعه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات ، وحيث أن المستأنف شباب في مقتبل العمر ولإعطائه فرصة لاصلاح نفسها عملاً بأحكام المادة 99 من قانون العقوبات تخفيض العقوبة لتصبح سنتين ونصف على أن تحسب له مدة التوقيف التي أمضاها موقوفاً على ذمة هذه  القضية . 

تتلخص أسباب الطعن بما يلي : -

1- أخطأت محكمة استئناف القدس في حكمها المطعون فيه حيث جاء غير معلل تعليلاً سليماً من حيث تفسير وتطبيق نص المادة (214) من قانون الاجراءات الجزائية واهدارها سلامة التوقيف كما لم تطبيق أحكام المادة (215) من ذات القانون .

2- أخطأت محكمة استئناف القدس وخالفت حكم القانون ووقعت في فساد الاستدلال حين اعتمادها على افادة الطاعن امام النيابة العامة المبرز ن/1 .

3- أخطأت محكمة استئناف القدس في وزن البينة .

4- إن القرار المطعون فيه حرياً بالفسخ والالغاء كونه لم يبين فيما اذا كان الحكم بالاجماع و/أو بالأغلبية مخالفة بذلك نص المادة (272) من قانون الاجراءات الجزائية .

طالب الطاعن قبول الطعن شكلاً موضوعاً ونقض الحكم المطعون فيه وإلغاءه وإعلان براءة الطاعن .

تقدمت النيابة العامة بلائحة جوابية التمست فيها رد الطن موضوعاً وتضمين الطاعن الرسوم والمصاريف .

المحكمــــــــــة

بعد التدقيق والمداولة قانوناً نجد أن الطعن مقدم في الميعاد القانون فنقرر قبوله شكلاً .

كما نجد أن النيابة العامة كانت قد أحالت المتهم (الطاعن) الى محكمة بداية بيت لحم لمحاكمته عن تهمة دس الدسائس لدى العدو والاتصال به خلافاً للمادة (112) من قانون العقوبات لسنة 1960 .

تتلخص وقائع هذه الدعوى كما وردت باسناد النيابة العامة أنه في شهر (2) لعام 2014 أقدم المتهم على التخابر مع العدو خلافاً لأحكام القانون ، حيث قام بالارتباط والاتصال مع ضابط مخابرات اسرائيلي اسمه (ا.) وكان اللقاء في منطقة معبر بيت لحم - القدس المعروف حاجز (300) وذلك بهدف تزويده بمعلومات وتنفيذ كافة أوامر الضابط الاسرائيلي ، وتم تكليفه بتشكيل الرابطة الاسلامية في جامعة بيت لحم والتقرب من الأشخاص الذي تم ترشحهم للرابطة ، وأنه قام بالتحري عن أشخاص لصالح ضابط المخابرات الإسرائيلي .

باشرت محكمة البداية نظر الدعوى واستمعت الى البينات المقدمة لديها من النيابة العامة والدفاع وباستكمال اجراءات المحاكمة وبتاريخ 19/06/2017 أصدرت قرار ها في القضية الجزائية رقم 118/2015 المتضمن اعلان براءة المتهم من تهمة دس الدسائس خلافاً لأحكام المادة (112) من قانون العقوبات لسنة 1960 لعدم كفاية الأدلة .

لم ترتضِ النيابة العامة بهذا القرار فطعنت فيه استئنافاً وبتاريخ 19/12/2017 أصدرت محكمة استئناف القدس قرارها في القضية الاستئنافية الجزائية رقم 218/2017 والمتضمن قبول الاستئناف موضوعاً والغاء الحكم المستأنف والحكم على المستأنف ضده (الطاعن) ن.ا بوضعه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات وحيث أن المستأنف ضده شاب في مقتبل العمر وحيث طلب الرحمو في افادته لدى النيابة العامة ولاعطائه فرصة لاصلاح نفسه وعملاً بأحكام المادة (99) من قانون العقوبات تخفيض العقوبة لتصبح سنتين ونصف على أن تحسب له مدة التوقيف التي أمضاها موقوفاً على ذمة هذه القضية .

لم يرتضِ المحكوم عليه بهذا القرار فطعن فيه بواسطة وكيله لدى محكمة النقض بموجب النقض الجزائي رقم 44/2018 وبتاريخ 28/03/2018 أصدرت المحكمة حكمها المتضمن نقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة الأوراق لمرجعها للسير بالدعوى حسب الأصول والقانون كون الحكم المطعون فيه لم يتضمن ادانة الطاعن بأي تهمة وفقزت المحكمة الى انزال العقوبة بحقه مباشرة .

سارت محكمة استئناف القدس بالدعوى وبعد استكمال الاجراءات أمامها أصدرت بتاريخ 13/11/2018 حكمها المطعون فيه الذي لم يرتضِ به الطاعن الذي تقدم بهذا الطعن لنقض القرار المطعون فيه للأسباب الواردة في لائحة الطعن والتي أوردنا ملخصاً عنها في مطلع هذا الحكم .

وفي الرد على أسباب الطعن فيما يتعلق بتهمة دس الدسائس المسندة للمتهم (الطاعن) كما هي واردة في قرار الاتهام نجد من خلال تدقيق كامل ملف الدعوى أن بينات النيابة العامة اقتصرت على افادة المتهم المعطاة للنيابة العامة بتاريخ 12/07/2015 (المبرز ن/1)  وشهادة الشاهد أحمد جبرين أحمد دار خواجه (مستشار قانوني في جهاز المخابرات العامة) ، وإفادة الشاهد المذكور المعطاة للنيابة العامة بتاريخ 12/07/2015 ، ومحضر أقوال المتهم الذي أدلى به أمام الشاهد (المبرز ن/2) .

أما المتهم فقدم بينة دفاعية الشاهد ن.ا ، وأدلى المتهم بإفادة دفاعية دفاعاً عن نفسه بجلسة 06/03/2016 والتي يتنازع فيها أن تكون أقواله في افادته لدى المخابرات العامة بمحض ارادته وأنه تعرض للتعذيب والشبح ، كما شهد شاهد الدفاع ا.س وابرز وكيل الدفاع كتاب صادر عن الصليب الأحمر يثبت توقيف المتهم بتاريخ 03/06/2015 حتى تاريخ 01/07/2015 (المبرز م/1) كما قدم الدفاع الشاهد ا.ش ، والشاهد م.ا والشاهد ك.ع ، وقد استبعدت محكمة بداية بيت لحم افادات المتهم المدعى بها أمام المخابرات العامة والنيابة العامة كونها موضع شك ولا يمكن الاطمئنان اليها وقررت اعلان براءة المتهم من التهمة المسندة اليه لعدم كفاية الأدلة .

كما نجد ان محكمة استئناف القدس قد استبعدت افادة المتهم (الطاعن) المعطاة لدى جهاز المخابرات العامة (المبرز ن/2) من عداد البينة المقدمة من النيابة العامة كون البينة الدفاعية استطاعت زرع بذور الشك لدى المحكمة حول الظروف المحيطة بتنظيم هذه الافادة المأخوذة من قبل الضابطة القضائية وأنها لم تصدر عن ارادة حرة وأنها لا تصلح دليلاً يعتمد عليه كبينة صالحة للحكم ، وقد قبلت الافادة التي أدلى بها المتهم لدى النيابة العامة كونها أخذت من المتهم بإرادة حرة ولم يشوبها أي إكراه أو ضغط وعلى ضوء ذلك ادانته بالتهمة المعدلة ووضعته بالحبس لمدة سنتين ونصف بعد تخفيضها من الأشغال الشاقة مدة خمس سنوات .

أما فيما يتعلق بأقوال المتهم (الطاعن) المعطاة بتاريخ 12/07/2015 لدى وكيل النيابة العامة (المبرز ن/1 لدى المحكمة) نجده قد ذكر في افادته الدفاعية أنه قد تم انتقاله بتاريخ 03/09/2015 من قبل جهاز المخابرات الفلسطينية وتم أخذ افادته لدى النيابة العامة بتاريخ 12/07/2015، وأن شاهد النيابة العامة ا.ا قام بأخذه الى النيابة العامة ولدى وصوله الى سرايا النيابة العامة بقي في غرفة الانتظار في الطابق السفلي وتم استدعاءه للأعلى وحينما دخل وجد وكيل النيابة س.ا وكان موجود معه ا.ا (المستشار القانوني) وقال له (أنا طالع يا ن. وقبل ما قلتلك خلص وكون هادي وسنكمل حينما ترجع ) ، ولم يتم فحصه ولم يسأله وكيل النيابة عما حصل معه وشاهد افادته لدى المخابرات العامة موجودة أمام وكيل النيابة وطلب منه أن يحكي ما هو موجود في افادته لدى المخابرات العامة .

وقد اعلم الطاعن وكيل النيابة أنه قد تم اجباره على التوقيع على الافادة وقال له وكيل النيابة (مشان تخلص الموضوع خلينا نكتب وتوقع على الورقة وأنا بوعدك أن يتم اخلاء سبيلك قبل العيد) بعدها قام وكيل النيابة تبليغه الكاتب ما هو موجود افادته لدى المخابرات العامة وبعدها قام بالتوقيع عليها بعد عناء وحتى يخلص.

ولما كانت محكمة أول درجة قد استبعدت افادتي الطاعن لدى المخابرات العامة لقناعتها بأنه تعرض لاكراه مادي ومعنوي عند الادلاء بها وتوقيفه مدة طويلة دون عرضه على النيابة العامة ، وكذلك استبعدت افادته المعطاة لدى النيابة العامة كونها موضع شك ولا يمكن الاطمئنان اليها .

ان محكمة استئناف القدس وفي قرارها المطعون فيه استبعدت افادة المتهم لدى المخابرات العامة وأخذت افادته لدى النيابة العامة دون أن تعالج مسألة توقيف المتهم مدة (42) يوماً لدى المخابرات العامة لحين عرضه على النيابة العامة ، كما لم تعالج مسألة وجود ا.ا المستشار القانوني للمخابرات العامة (الذي جبى افادة المتهم لدى جهاز المخابرات) لدى وكيل النيابة العامة قبل ان يتم عرض المتهم على النيابة العامة والكلام الذي تفوه به المتهم (الطاعن) حينما غادر مكتب وكيل النيابة لأن مهمة القضاء اظهار الحقيقة واضحة وجلية بأدلة قوية لا يشوبها غموض ولا يتطرق اليها شك ولم تعالج محكمة الاستئناف في حكمها ولم تبين سبب الغاء قرار محكمة البداية في استبعاد افادة الطاعن لدى النيابة ولم تعالجه ولم تقل رأيها في ذلك .

وعليه فإن المتفق عليه فقهاً وقضاءاً أن تجاهل الأدلة الثابتة وعدم مناقشتها واستخلاص نتائج معاكسة ورد بهذه الأدلة يشكل فساداً في الاستدلال وإن كانت محكمة الموضوع حرة في تكوين قناعتها من أي دليل تجده الا أن هذه الحرية لا تعني السلطة المطلقة غير المحددة بل هي مقيدة بضزابط ، وبالتالي من حق محكمة النقض التصدي لجانب الوقائع في نطاق الرقابة على كفاية الأسباب الواقعية وعلى صحة الاقتناع ومصدره ، وأن القاضي يجب أن يبني حكمه على اليقين أي الاقتناع الذاتي الأكيد المبني على الاستدلال المنطقي وفيه ما يكفي لسلامة الحكم لأن هذا الاستدلال يقدم للقاضي نتيجة مؤكدة من حيث المنطق وبدونه يكون القاضي في دائرة الشك والاحتمال والترجيح .

وبالتالي ولكون المحكمة لم تقم بمعالجة كافة الدفوع الجوهرية في الدعوى والتي ان صحت تجعل الحكم بالنتيجة التي توصل اليها مخالف للقانون ولا يتفق مع المنطق والعقل .

ولما كان وزن البينات واستخلاص النتيجة التي تحقق منها لا يتفق والتطبيق الصحيح للمنطق .

وبالتالي فإننا نجد أن المحكمة لم تقم بوزن البينات وزناً سليماً وأن النتيجة التي توصلت اليها غير معلله ، وأن الحكم جاء مخالفاً للقانون من حيث التسبيب والتعليل واصابه الفساد في الاستدلال الأمر الذي يغدو معه أن الطعن وارد مستوجباً النقض .   

لـــذلــــــــــــك

تقرر المحكمة قبول الطعن موضوعاً ونقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق الى مرجعها محكمة استئناف القدس للسير على ضوء ما تم بيانه ومن ثم اصدار القرار المقتضى من قبل هيئة مغايرة عملاً بأحكام المادة (372) من قانون الاجراءات الجزائية .

حكماً صدر تدقيقاً بإسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 09/06/2019.

 

الكاتــــــــــب                                                                                            الرئيـــــــس

   م.د