السنة
2020
الرقم
96
تاريخ الفصل
7 إبريل، 2021
المحكمة
محكمة العدل العليا
نوع التقاضي
دعاوى إدارية
التصنيفات

النص

 

دولــــة فلســــــــــــــطين

الســـــــــــلطـة القضائيـــــــــة

المحكمــــة العـــليا

محكمة النقض بصفتها الادارية

           

الحكم

 

الصادر عن  محكمـة النقض بصفتها الادارية  المنعقدة في رام الله المأذونة
بإجراء المحاكمة
 وإصداره باسم الشعب العربي الفلسطيني
 

الهيئـة الحاكمــة : برئاســـــــــــــــــة الســـــــــــــيد الــــقـــاضي   حــــــــــازم إدكيــــــــــدك
                     وعضويـة الســـــيدين القاضييــــــــن بشار نمر و ثائر العمري

 

المستدعــــون:

  1. مجلس قروي جفنا بواسطة رئيسه
  2. جورج ميخائيل بطرس عودة /جفنا
  3. فاتن لوقا سلامة عبد الله /اسكان بير زيت
  4. يورام حسام توفيق شحادة بصفته الشخصية وبصفته من ورثة المرحوم والده /اسكان بير زيت
  5. حسام نادر سلامة زيادة بصفته الشخصية وبصفته من ورثة المرحوم نادر /اسكان بير زيت     

 وكيلهم المحامي :ساهر الرفاعي /رام الله    

        المستدعى ضدهم:

  1. اللجنة المحلية للابنية والتنظيم في بلدية بير زيت بالاضافة لوظائفهم
  2. رئيس اعضاء اللجنة المحلية للابنية والتنظيم /رئيس اعضاء بلدية بير زيت

وكيلتهما المحامية : اسيل ساحلية /رام الله   

3- اللجنة الاقليمية للابينة والتنظيم لمحافظة رام الله والبيرة

4- مجلس التنظيم الاعلى

5- وزير الحكم المحلي بالاضافة لوظيفته

6-  مدير عام الحكم المحلي بمحافظة رام الله والبيرة بالاضافة لوظيفته

7- وزير سلطة جودة البيئة /وزير شؤون البيئة بالاضافة لوظيفته

8- وزير الصحة بالاضافة لوظيفته

9- وزير الاقتصاد الوطني بالاضافة لوظيفته

10- مدير عام وزارة الاقتصاد الوطني بالاضافة لوظيفته

يمثلهم رئيس النيابة العامة

  1. شركة هوت بلند لصناعة الاسفلت والمواد الانشائية المسجلة تحت رقم (562581504)

وكيلها المحامي : داود درعاوي/رام الله

الإجراءات

بتاريخ 13/7/2020 تقدم وكيل المستدعين بهذه الدعوى ضد المستدعى ضدهم وذلك للطعن بالقرارات التالية :

  1. القرار الصادر عن المستدعى ضدها الاولى بمنح رخصة بناء وانشاء مصنع اسفلت على قطعة الارض رقم 228 حوض 11 من اراضي بير زيت رخصة رقم 46 بتاريخ 5/3/2020 .
  2. القرار الصادر عن المستدعى ضدها في جلسة 2020/5/48 بتاريخ 12/5/2020 المتضمن رفض الاعتراضات المقدمة على رخصة البناء وعدم احالة الاعتراضات الى اللجنة الاقليمية للابنية والتنظيم للبت فيها .
  3. القرار الصادر عن سلطة جودة البيئة ورئيسها المتضمن الموافقة على منح الاذن لاقامة مصنع الاسفلت على قطعة الارض 228 حوض 11 بير زيت الصادر في 29/11/2019 .
  4. القرار الصادر عن وزير الاقتصاد الوطني ومدير عام الوزارة بمنح المستدعية الحادية عشر رخصة منشأة صناعية لمصنع اسفلت وصناعات بيتروكيماوية وانشائية على ذات الارض بتاريخ 6/1/2020 .
  5. القرار السلبي والضمني الصادر عن مجلس التنظيم الاعلى الرافض الغاء الرخصة وفق صلاحيته المنصوص عليها بالمادة 6 من قانون تنظيم المدن والقرى والابنية بالكتاب المؤرخ في 16/5/2020 .

تتلخص اسباب الدعوى فيما يلي :

  1. ان القرارات المطعون فيها منعدمة لمخالفتها قاعدة الاختصاص بمخالفة المادة 6 من نظام الابنية والتنظيم رقم 6 لسنة 2011 .
  2. القرارات المطعون فيها مخالفة للمادة 33 من قانون تنظيم المدن والقرى والابنية رقم 79 لسنة 1969 .
  3. ان القرارات المطعون فيها منعدمة لانها مبنية على سلطة مقيدة وفق المادة 34 من قانون تنظيم المدن والقرى والابنية .
  4. القرارات المطعون فيها مخالفة لاحكام القانون 7 لسنة 1999 بشأن البيئة خاصة المواد 1و5و10و25و26 .
  5. القرارات المطعون فيها مخالفة لتعليمات وزير الصحة رقم 1لسنة 2013
  6. القرارات المطعون فيها مخالفة لقانون الصحة العامة 20 لسنة 2004 من 31 -33
  7. القرارات المطعون فيها مخالفة للقرار بقانون رقم 10 لسنة 2011 بشان قانون الصناعة خاصة المادة 6 منه .
  8. القرارات المطعون فيها معيبة بعيب التعسف والانحراف في استعمال السلطة
  9. القرارات المطعون فيها معيبة بعيب الشكل والاجراءات

10-القرارات المطعون فيها معيبة بعيب السبب.

ملتمسين قبول الدعوى والغاء القرارات المطعون فيها مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة

بجلسة علنية تمهيدية عقدت بتاريخ 20/7/2020 وبعد ان كرر وكيل المستدعين لائحة الدعوى وقدم حافظة المستندات ع1 وع2 واستمعت المحكمة لشهادة المستدعي الثاني والشاهد ايميل عبدو وقدمت صور جوية للمنطقة ع/3 وع/4 اصدرت المحكمة قرارها المؤقت الى المستدعى ضدهم لبيان اسباب القرارات المطعون فيها او المانعة من الغائها وان عليهم تقديم لائحة جوابية خلال المدة القانونية في حال معارضتهم اصدار قرار قطعي في الدعوى وتقرر كذلك وقف تنفيذ القرارات المطعون فيها مؤقتا.

بتاريخ 4/8/2020 تقدمت  وكيلة المستدعى ضدهما الاولى والثانية بلائحة جوابية تضمنت فيما تضمنته الدفع بعدم الاختصاص لوجود جهة طعن موازي وانها سابقة لاوانها لوجود تظلم وجوبي وان الدعوى مردودة لتقديمها بعد المدة القانونية وان قرارها متفق والقانون والاجراءات الصحيحة طالبة رد الدعوى شكلا وموضوعا والغاء القرار المؤقت مع الرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة .

بتاريخ 5/8/2020 تقدم رئيس النيابة العامة عن المستدعى ضدهم من 3-10 بلائحة جوابية تضمنت فيما تضمنته ان الدعوى مردودة شكلا لتقديمها بعد المدة ولعدم الاختصاص وان القرارات المطعون فيها متفقة والقانون والاصول والاجراءات السليمة من حيث قياس الاثر البيئي والرخص الصادرة استناد اليه طالبا رد الدعوى شكلا وموضوعا .

بتاريخ 29/7/2020 كان وكيل المستدعى ضدها الحادية عشر قد تقدم بلائحة جوابية تضمنت ذات الدفوع والوقائع والطلبات التي اوردتها المستدعى ضدها الاولى والثانية طالبا بالنتيجة رد الدعوى شكلا وموضوعا .

ولاحقا تقدمت الجهة المستدعى ضدها الحادية عشرة بالطلب رقم 10/2020 للرجوع عن قرار وقف التنفيذ الصادر بالقرار التمهيدي المؤقت وتقرر رد الطلب .

بالمحاكمة الجارية علنا بتاريخ 7/9/2020 كررت وكيله المستدعى ضدها الاولى والثانية اللائحة الجوابية وكذلك فعل رئيس النيابة ووكيل المستدعى ضدها الحادية عشرة ثم قدمت وكيلة المستدعى ضدهما الاولى والثانية حافظة المستندات (ت/1) وختمت البينة ولاحقا تقدم رئيس النيابة العامة بالبينة (ج/1) وختم البينة ثم اعتمد وكيل المستدعى ضدها الحادية عشرة كامل البينات المقدمة منه في طلب الرجوع كبينة لموكلته حول موضوع الدعوى ثم تقدم بدراسة توضيحية للاثر البيئي ابرزتهما المحكمة (ل/2) وختم البينة ثم طلب وكيل المستدعين تقديم بينة مفندة شفوية وخطية وتقرر رفض طلبه وتكليفه بالمرافعة التي تقدم بها في جلسة 9/12/2020 على 23 صفحة واعتمدت وكيلة المستدعى ضدها الحادية عشرة لائحتها الجوابية كمرافعة لها ولاحقا ترافعت وكيله المستدعى ضدهما الاولى والثانية معتمدة لائحتها الجوابية وترافع رئيس النيابة على 13 صفحة وحجزت الاوراق للمداولة الى هذا اليوم  

 

المحكمة

بعد التدقيق والمداولة قانونا وعلى ما انبأت عنه الاوراق والبينات والاقوال الختامية للاطراف فاننا نجد ما يلي :

اولا:الرد على الدفوع الشكلية المثارة من  وكلاء المستدعى ضدهم:

  1. بخصوص الدفع بعدم الاختصاص لوجود طريق طعن موازي عملا باحكام المادة 36/1 من قانون تنظيم المدن والقرى والابنية رقم 79 لسنة 1966 وتعديلاته اذ وبالعودة الى احكام المادة المذكورة نجدها قد نصت في الفقرة الاولى على جواز الطلب باحالة طلبه الى اللجنة الاقليمية على شكل اعتراض او استئناف (كما سمي بعنوان المادة) على قرار رفض منح الرخصة او اذا كان منح الرخصة يضر بشخص ما واذا كان قرار اللجنة الاقليمية مؤيدا لقرار اللجنة المحلية يكون قرارها قطعيا اما اذا كان قرارها مختلفا عن قرار اللجنة المحلية يحق للجنة المحلية طلب عرض الخلاف على مجلس التنظيم الاعلى الذي يكون قراره قطعيا .

من خلال الوقوف على هذا النص نجده جاء بالخيار للمتضرر او لطالب الرخصة بمعنى ان تقديم الاستئناف او الاعتراض هو جوازي وليس وجوبي اذ ابتدأ النص (يجوز لكل متضرر) وبناء على ذلك لم يشترط المشرع وجوب لجوء المتضرر الى هذا الطريق قبل اللجوء للقضاء ما يجعل من هذا الدفع  غير وارد وواجب الرد .

ومن جهة اخرى فقد تقدم بعض المستدعين باعتراض على قرار منح الرخصة وتقرر رفض الاعتراضات وعدم رفعها الى اللجنة الاقليمية للتنظيم والبناء ما يجعل كذلك من هذا الدفع واجب الرد وهو قرار محل معالجة في هذا الطعن .

2- اما بخصوص الدفع الثاني المرتبط بالتظلم الوجوبي فاننا سبق لنا الوقوف على حكم المادة 36 من قانون تنظيم المدن والقرى والابنية بالبند السابق واشرنا الى ان التظلم في تلك المادة هو جوازي وليس وجوبي ومنعا من التكرار نحيل الى ردنا السابق كرد على هذا الدفع وعليه لا تعتبر الدعوى سابقة لاوانها .

3- اما فيما يتعلق بالمدة وتقديم الدعوى بعد المدة القانونية وحالة الطوارئ وتمسك المستدعين بالانعدام فاننا نجد ان نقرر ابتداءا ان مخالفة القرار المطعون فيه لقواعد الشكل المقررة قانونا في حال وجودها لا تؤدي بالقرار الى الانعدام بل الى البطلان في حالة تحققها ، وان حالات الانعدام التي استقر عليها القضاء والفقه القانوني لا تدرج مخالفة قواعد الشكل الى مصاف انعدام القرار الاداري .

ومن جهة اخرى فان القرار الاول المطعون فيه وما تلاه من رفض الاعتراضات واصدار الرخصة للمستدعى ضدها الحادية عشرة شركة هوت بلند قد صدرت بتاريخ 5/3/2020 واعلنت حالة الطوارئ في فلسطين بذات التاريخ 5/3/2020 وصدر القرار بقانون رقم 10 لسنة 2020 بشأن وقف سريان مدد التقادم والمواعيد بتاريخ 7/4/2020 وسرا من تاريخ صدوره ونص على سريان الوقف من اليوم التالي لاعلان حالة الطوارئ واوقف العمل بالقرار بقانون بتاريخ 13/5/2020 ولما كان القرار المطعون فيه صدر في 5/3/2020 واعلان حالة الطوارئ تم بذات التاريخ واوقف العمل بالقرار 10 لسنة 2020 بتاريخ 13/5/2020 والدعوى اقيمت في 13/7/2020 فتغدو الدعوى مقامة ضمن المدة القانونية ما يوجب رد هذا الدفع .

اما بخصوص القرار الثالث والرابع المتعلقين بموافقة سلطة جودة البيئة الصادر بتاريخ 29/12/2019 ورخصة المنشأة الصناعية الصادرة في 6/1/2020 فلم يقدم المستدعى ضدهم اية بينة على تبليغ المستدعين بتلك القرارات او علمهم اليقيني بها الا بعد صدور رخصة الاعمار محل الطعن بالقرار الاول ما يجعل الطعن بخصوصهما مقبول شكلا .

ثانيا : وفي الموضوع نجد بأن المنطقة المنوي اقامة المشروع عليها مصنفة (صناعات خفيفية وحرفية ) وذلك وفق رخصة البناء المطعون فيها والمخطط الهيكلي المصادق عليه وان المصنع المنوي اقامته على قطعة الارض التي منح الترخيص عليها هو مصنع اسفلت ومواد انشائية وبالعودة الى احكام قرار مجلس الوزراء رقم 6 لسنة 2011 بنظام الابنية والتنظيم للهيئات المحلية فقد نص بالمادة 23 على (تحدد انواع استعمال الاراضي ضمن مناطق التنظيم وفق  احكام مخططات التنظيم المقرة من اللجنة المختصة على النحو التالي :1- المناطق السكنية وتقسم الى الاتي أ......ي،2- المناطق التجارية وتقسم الى الاتي :أ.......ه،3- المناطق الصناعية وتقسم الى الاتي :أ-منطقة الصناعات ،ب- مجمعات الصناعات الخفيفة والحرفية 4...) من ذلك يتضح ان المشرع قسم المناطق الصناعية وفق مخططات التنظيم الى أ-مناطق صناعات ،ب-مجمعات الصناعات الخفيفة والحرفية .

  كما نصت المادة 6 من ذات النظام على (1- يجب على اللجنة المختصة قبل اصدار ترخيص للمشاريع الكبرى ذات البعد الاستراتيجي الوطني الحصول على موافقة أولية من مجلس التنظيم الاعلى وتشمل هذه المشاريع الاتي :أ- الصناعات المعدنية الكبرى ....ز-الصناعات البتروكيماوية .....2- مع مراعاة احكام الفقرة 1 من هذه المادة يشترط ما يلي :أ- يجب الحصول على موافقة خطية من الجهات ذات العلاقة ،قبل النظر في طلب الترخيص من قبل اللجنة المختصة ب- يقدم طلب الترخيص الى اللجنة المختصة مرفقا به الاتي : وثائق الملكية اللازمة المتعلقة بارض المشروع -مخطط المساحة -مخطط وضعية متضمنا موقع البناء ومواقف السيارات والساحات -مخططات معمارية توضح فكرة المشروع وارتدادات المباني ومساحاتها واستعمالاتها ج- يجب على اللجنة المختصة اصدار قرارها النهائي بالترخيص خلال مدة لا تزيد عن ستة اشهر من تاريخ الموافقة الاولية لمجلس التنظيم الاعلى والا اعتبرت الموافقة الاولية لاغية).

وبالعودة الى احكام قانون الصناعة رقم 10 لسنة 2011 فقد نص في مادته الاولى في التعريفات على (المنشأة الصناعية : المشروع الصناعي :اي منشأة يكون غرضها الاساسي تحويل الخامات الى منتجات نمطية كاملة الصنع او نصف مصنعة او تحويل المنتجات شبه المصنعة الى منتجات نمطية كاملة الصنع بما فيها اعمال المزج والفصل والتشكيل والتجميع والتعبئة والتغليف شريطة ان تتم معظم هذه العمليات بقوة الية بما فيها الصناعات المعرفية والبيئية ) .

وجاء تعريف الحرفة الصناعية (كل نشاط يعتمد على المهارة الفنية اليدوية في مجال الانتاج او الصيانة وتستخدم الالة فيه بشكل بسيط وتكون المنتجات الصناعية في هذا المجال غير نمطية).

وجاء بالمادة 2 على ان تطبق احكام هذا القانون على كافة المنشآت الصناعية والحرف الصناعية وفق الجدول المبين فيه انواع الحرف ابتداء من 1- منتجات الخزف وانتهاء ب1- -الشمع .

والسؤال المركزي في هذا المقام هو هل صناعة الاسفلت هي من الصناعات الخفيفة ام الثقيلة ؟ اننا وفي معرض اجابتنا على هذا التساؤل لم نجد تعريف واضح ومحدد للصناعات الثقيلة والخفيفة الا ان هناك اجماع بين اصحاب الاختصاص يفيد بان الصناعة الثقيلة هي التي تحتاج الى رأس مال كبير وتحتاج الى الات ومعدات ثقيلة للصناعة وخاصة استخدام المواد التحويلية اي تحويل وخلط ومزج للمواد مع بعض للحصول على المنتج ،وبالعادة هذه الصناعات تقام خارج وبعيد عن مراكز المدن والمناطق السكنية لما لها من تأثير على البيئة بشكل عام وعلى صحة الانسان بشكل خاص، اما الصناعات الخفيفة فيجمع اصحاب الاختصاص كذلك على انها تلك التي تكون على عكس الصناعات الثقيلة فهي لا تحتاج لرأس مال كبير ولا تؤدي الى تلوث البيئة وتسمى في العادة بمجمعات صناعية ومن امثلتها صناعة النسيج والاثاث والاحذية والالكترونيات وغيرها ،وبالعادة لا تحتاج الى تعقيدات في عملية التنيظم والتخطيط والبناء كغيرها من الصناعات الثقيلة ،ومن جهة اخرى فان الصناعات البتروكيماوية هي التي تعتمد على البترول ومشتقاته في الصناعة وقد عرفت الصناعة البتروكيماوية بانها (العمليات التي يتم من خلالها تحويل مكونات النفط او الغاز الطبيعي او مشتقاتهما كمواد خام لعدد كبير من المواد الكيماوية العضوية وغير العضوية والتي تسمى بالبتروكيماوية ومن ضمن الصناعات البتروكيماوية صناعة الاسفلت التي تدخل في باب المقطرات الثقيلة عند تكرار النفط مثلهما مثل زيون التشحيم والشموع وعليه ينطبق على المشروع الخاص بالجهة المستدعى ضدها الحادية عشرة وصف مصنع بتروكيماوي مما يجعل من تطبيق حكم المادة 6 من نظام الابنية والتنظيم للهيئات المحلية وجوبي على ترخيص البناء الخاص بالمشروع وفق صريح النص (يجب على اللجنة المختصة بالترخيص ....) ويكون القرار الصادر دون اتباع هذه الشكلية هو قرار باطل لمخالفته احكام المادة سالفة الذكر.

اما قول وكيل المستدعى ضدها شركة بلند بان الاستثناء جاء في قانون الصناعة تكرير البترول فان ذلك النص الوارد في المادة 7 من القرار 10 لسنة 2011 بشأن الصناعة هو حصول الترخيص على موافقة مجلس الوزراء لمشروع صناعة تكرير البترول وان مشروع المستدعى ضدها لا يتعلق بصناعة تكرير البترول انما هو استخدام المعدات الثقيلة من مشتقات البترول في صناعة الاسلفت .

وبالتالي يغدو القرار الاول والثاني والخامس مخالفين للقانون واجبي الالغاء .

اما فيما يتعلق بالقرار الثالث المطعون فيه المرتبط بقرار رئيس سلطة جودة البيئة بمنح المشرع الموافقة البيئية بتاريخ 29/12/2019 ورد المستدعى ضدها على ذلك الطعن باعتبار القرار غير نهائي ومعلق على شرط فاننا نشير في هذا المقام على ان القرار الاداري قد يكون معلق على شرط واقف او فاسخ فالشرط الواقف يعني عدم سريان القرار الاداري الا بتحقق الشرط اما الشرط الفاسخ فهو يعني سريان القرار الاداري حين صدوره يكون معرض للفسخ في حال تحقق اي شرط من الشروط بأثر رجعي اي يبقى القرار الاداري ساري ومحقق لاثاره القانونية ،وبالعودة الى القرار المطعون فيه فقد تضمن بصريح النص على (فان سلطة جودة البيئة تمنح المشروع موافقتها البيئية ولا مانع لديها من استكمال اجراءات اقامته وترخيصه حسب الاصول المتبعة ووفقا للشروط التالية:.....) ما يجعل من القرار المطعون فيه نهائي وقابل للطعن والالغاء .

ومن جهة أخرى فان المشرع الدستوري قد نص في المادة 33 من القانون الاساسي المعدل للعام 2003 على (البيئة المتوازنة النظيفة حق من حقوق الانسان والحفاظ على البيئة الفلسطينية وحمايتها من اجل اجيال الحاضر والمستقبل مسؤولية وطنية ).

ونص قانون البيئة رقم 7 لسنة 1999 بالمادة 46 على (عند ترخيص اية منشأة تعمل الجهات المختصة على تفادي الاخطار البيئية بتشجيع التحول الى المشاريع التي تستخدم المواد او العمليات الاقل ضررا على البيئة واعطاء الاولوية لتلك المشاريع وفقا لاسس التنمية الاقتصادية) .

وبتدقيق الاوراق نجد ان وزيرة الصحة قامت بتشكيل لجنة فنية مشكلة من كل من مدير عام صحة محافظة رام الله والبيرة والقائم بأعمال مدير دائرة صحة البيئة وممثل وزارة الصحة في لجنة تقييم الاثر البيئي رئيس قسم صحة البيئة في وزارة الصحة للكشف الميداني على موقع المشرع وخلصت تلك اللجنة بتوصيات وعلى اثرها تم توجيه كتاب من مدير عام الصحة في رام لله والبيرة الى رئيس بلدية بير زيت بتاريخ 20/5/2020 لوقف العمل في المنشأة الصناعية التي هي قيد الانشاء والجديدة لحين دراسة وضع المنطقة الصناعية وتأهيلها ووضع لوائح للصناعات المسموحة وغير المسموحة كما نجد بان رئيس بلدية بير زيت وجه كتابا الى الجهة المستدعى ضدها(مالكة المشروع) يدعوها للتوقف عن العمل واحضار مخططات مساحة مصدقة من نقابة المهندسين وكان ذلك في 11/5/2020 كما وجه مدير اثار محافظة رام الله والبيرة كتابا الى رئيس بلدية بير زيت يطلب منه وقف العمل في مشروع مصنع الزفتة ووقف التراخيص في المنطقة لاعادة دراسة المشهد الثقافي الحضاري السياحي في المنطقة الصناعية الخفيفة والحرفية في بير زيت مؤرخ في 17/5/2020 .

كما نجد ان جامعة بير زيت قد اعدت دراسة تحليلية مكونة من لجنة اكاديمية خلصت الى ان انشاء مصنع الاسفلت في منطقة بير زيت المصنفة صناعات خفيفة وحرفية يشكل خطورة على الصحة والبيئة

ونجد كذلك بان دراسة تقييم الاثر البيئي المقدمة من الجهة المستدعى ضدها الى سلطة جودة البيئة المعدة من مكتب اوربت قد تضمنت في بند الاثار البيئية المتمثلة والاجراءات التخفيفية ما نصه (تمر العملية الانتاجية عبر مراحل مختلفة وبالتالي فان هذه العمليات المختلفة تشكل مصدرا لتلوث الهواء وتنتج كميات لا بأس بها من الغبار والانبعاثات الغازية الاخرى والتي تنشئ في الهواء قبل ان تسقط وتتراكم في محيط موقع المصنع والمنطقة المجاورة لها ويعتبر نقل وتفريغ حمولة الشاحنات من  الحصى والناعمة ومن ثم نقلها الى صهاريج الخلط مصدرا رئيسيا لانتشار الغبار كما ان تسخين مادة الاسفلت تسهم في تصاعد الابخرة والغازات بالاضافة الى الغازات المنبعثة من عوادم الشاحنات والجرافة ومولد الكهرباء المستخدمة في الموقع الا ان الاجراءات البيئية التي سيتم اتباعها في المصنع الواردة بالتفصيل في متن الدراسة ستعمل على التخفيف والحد من الانبعاثات المختلفة ومنع حدوث التلوث البيئي في موقع ومحيط المصنع )

كما نصت الدراسة بالصفحة 19-27 على الآثار البيئية والاجراءات التخفيفية بشكل منفصل .

من خلال هذه الدراسة المعدة من المستدعى ضدها يتبين وجود آثار بيئية مقر بها من قبل المستدعى ضدها محتملة الحدوث وأثرها على صحة الانسان والبيئة المحيطة ككل من هواء وماء وزراعة وتربة وغير ذلك وان الجهة المستدعى ضدها ستعمل على تخفيف من تلك الآثار وفق اجراءات تخفيفية واردة في الدراسة بمعنى انها لن تمنع حدوث تلك الاثار البيئية، كما ان الدراسة والمذكرة التوضيحية المقدمة للمقارنة بين التقريرين او الدراستين المعدة من احد المشاركين في اعداد دراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع لا أثر لهما على امكانية حدوث آثار بيئية سيما اقامة المشروع في منطقة صناعات خفيفة وحرفية وليس في منطقة صناعات وفق التفصيل الوارد توضيحه عند معالجة القرار الاول المطعون فيه ما يجعل من القرار مخالف للقانون هذا من جانب وفيه انحراف في استعمال السلطة من جانب امكانية حدوث آثار بيئية سيئة على الانسان والحيوان والنبات والبيئة بشكل عام خاصة قربه من المنازل التي تبعد 150 متر هوائي وبحدود 300 متر عن مدرسة بير زيت والمواقع الاثرية في المنطقة كما ان تأثير المصنع وآثاره قد تمتد الى قطر بمساحة من 2كم الى 3.5 كم وفق الخرائط الجوية المبرزة الامر الذي يؤدي ايضا الى الغاء القرار الثالث المطعون فيه .

وبخصوص القرار الرابع المرتبط برخصة المنشأة الصناعية والقول انها رخصة معلقة على شرط واقف وانها هي الاخيرة التي تحدث الأثر في المركز القانوني، فاننا نجد ان قانون الصناعة رقم 10 لسنة 2011 قد نص في المادة الاولى على تعريف رخصة الاقامة بانها (رخصة اقامة المنشأة الصناعية) ورخصة التشغيل (رخصة تشغيل المنشأة الصناعية ) .

كما نصت المادة 6 من ذات القانون على الفرق بين رخصة التشغيل ورخصة الانشاء ووضعت المادة 7 الاستثناءات، من ذلك يتضح خاصة بعد التدقيق في الرخصة الصادرة للجهة المستدعى ضدها الحادية عشرة فهي تتضمن (رخصة اقامة منشأة صناعية) وقد تضمنت ان التشغيل بحاجة الى رخصة مستقلة اي ان فعل التشغيل هو المشروط بالحصول على رخصة التشغيل ، وبالتالي القرار باصدار رخصة اقامة المنشاة الصناعية هو قرار نهائي كامل الاركان قابل للطعن ولا يعتبر معلق على شرط واقف كما ورد من المستدعى ضدها.

وفي الموضوع بخصوص هذا القرار نجد ان وزارة الاقتصاد الوطني وبموجب المذكرة التوضيحية الشارحة لتعريف المنطقة الصناعية الخفيفة والحرفية المرفقة مع كتاب رئيس ديوان الوزير والموجه الى رئيس مجلس قروي جفنا في 18/6/2020 قد اوضحت مفهوم الصناعات الثقيلة والخفيفة والمتوسطة ووضعت شرحا تفصيليا لها، هذا من جهة ومن جهة اخرى، فقد سبق للمحكمة عند معالجة القرار الاول الوقوف جليا عند هذا الامر وتصنيف منطقة الارض المنوي اقامة المشروع عليها (منطقة صناعات خفيفة وحرفية) وتوصلت المحكمة ايضا الى الاختلاف بين التصنيف للمناطق الصناعية والمناطق الصناعية الخفيفة والحرفية ،كما ان وجود مصانع في ذات المنطقة لا يعتبر مبررا قانونيا لاعطاء رخصة اقامة المنشأة الصناعية الماثلة ذلك لاختلاف عمل كل مصنع او منشأة عن الاخر فمصنع الطوب او مسلخ الدواجن لا يتماثل او يتشابه مع المصنع الخاص بالجهة المستدعى ضدها (صاحبة المشروع) كونه مصنع اسفلت وفق المعدات والالات والمواد المستعملة وأثرها على البيئة المحيطة ضمن ما تم توضيحه ، وعليه التقرير الفني المعد من وزارة الاقتصاد حول هذا المصنع لا يعكس حقيقة عمل المصنع الذي حصل على الرخصة وأثره على السكان والبيئة بشكل عام سيما ان الدراسة والطلب الخاص بهذه الرخصة قد اشار بوضوح الى ان التصنيف هو منطقة حرفية وصناعات خفيفة وليس منطقة صناعية بشكل عام ما يجعل من القرار المطعون فيه شكل تعسف وانحراف في استخدام السلطة موجب لقبول طلب الالغاء .

 

لهذه الاسباب

تقرر المحكمة:

  1. رد الدعوى عن المستدعى ضدهم 3و4و5و6و8و10 لعدم صحة الخصومة
  2. قبول الدعوى موضوعا والغاء القرارات المطعون فيها وتثبيت قرار وقف التنفيذ
  3. الزام المستدعى ضدها الحادية عشر بالرسوم والمصاريف ومبلغ ثلاثمائة دينار اردني اتعاب محاماة لوكيل المستدعية

حكماً حضورياً صدر وتلي علناً بحضور الاطراف وافهم في 7/4/2021

الكاتب-دقق:                                                                                                                                    الرئــيس              

      ه.ج    

 

 

                                                                                   

 

النص الكامل

النصوص القانونية المذكورة في الحكم

أحكام قضائية أخرى

أحكام قضائية مشابهة